ما هو فضل الذكر بعد الصلاة
فضل الذِّكر بعد الصَّلاة
إنّ للذِّكر فضلاً عظيماً خاصَّةً بعد الصَّلاة، وبيان ذلك فيما يأتي:
- فضل قراءة آية الكرسي بعد الصلاة: فتُقرَأُ آيةُ الكُرسِي بعدَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، فيكونُ صاحِبُها في ذمَّةِ اللهِ -تعالى- حتى الصَّلاةِ الأُخرى، حيث ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن قرَأ آيةَ الكُرْسيِّ في دُبُرِ الصَّلاةِ المكتوبةِ كان في ذِمَّةِ اللهِ إلى الصَّلاةِ الأخرى)، وهِيَ حِرزٌ من الشيطانِ، ومَن قَرأَ آيةَ الكرسيَّ لم يمنعه من دخولِ الجنَّةِ إلَّا الموت، فقد صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (مَنْ قرأَ آيةً الكُرسِيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لمْ يمنعْهُ من دُخُولِ الجنةَ إلَّا أنْ يمُوتَ).
- فضل الاستغفار بعد الصلاة: يُستَحَبُّ الاستغفارُ دائماً في نهايةِ الأعمالِ لسدِّ الخللِ فيها، كما أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الذي غُفرَ لهُ ما تقدَّمَ وما تأخَّرَ لهُ كان يستغفرُ اللهَ -تعالى- دُبُرَ كلِّ صلاةٍ.
- فضل التسبيح بعد الصلاة: أجرُ التسبيح كأجرِ الصدقةِ عن المسلمِ، ويُغرَسُ لِمَن حافظَ على هذهِ التسبيحاتُ بعدَ الصلواتِ شجرةٌ في الجَنَّةِ، وهذا يدلُّ على عظيمِ ثوابِ التسبيحِ بعدَ كلِّ صلاةٍ، ومن ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ تسبيحةٍ صدَقةٌ وكلُّ تكبيرةٍ صدَقةٌ وكلُّ تحميدةٍ صدَقةٌ وكلُّ تهليلةٍ صدَقةٌ)، وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ألَا أدُلُّكَ على غِراسٍ، هو خيرٌ مِنْ هذا؟ تقولُ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، يُغْرَسُ لكَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ منها شجرةٌ في الجنةِ).
- والمحافظَةُ على هذهِ الأذكارِ بعدَ كلِّ صلاةٍ يستحقُّ بها صاحبها الجنَّةِ ، قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (خصلتان، أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير، ومن يعمل بهما قليل، يسبح في دبر كل صلاة عشرا، ويحمد عشرا، ويكبر عشرا، فذلك خمسون ومائة بًاللسان، وألف وخمسمائة في الميزان)، ومَن حَافظَ عليها غُفِرَت ذُنُوبُه، فقد قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).
وَيُسَنُّ للمُسلِم أَن يَدعُو بَعدَ الصَّلاةِ بِما شاء ويتوسَّلُ إلى الله -تعالى- ويطلبُ منه ما يريد، فيبدأُ دعائهُ بالحمدُ لله -تعالى- ويُثني عليه، ثم يُصلِّي على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ويدعو الله ما شاءُ، وكذلك من السنة الدعاء قبل التسليم من الصلاة. ومِن الأذكارِ المأثورة عن النبي بعد الصلاة ما جاء في الحديث: (كان إذا انصرفَ مِن صلاتِه استَغفرَ اللهَ ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ قال : اللَّهمَّ أنتَ السَّلامُ ومنكَ السَّلامُ، تَباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ). فهذا دأبُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-.
الذِّكر بعد صلاة الصُّبح وفضله
أفضلُ أوقاتُ الذِّكرِ في وقتِ النَّهارِ هوَ الذِّكرُ بعدَ صلاةِ الفجرِ ، فمَن صلَّى الفجرَ في جماعةٍ ثمَّ جلس يذكر ربَّه حتى تطلع الشمس، ثم صلَّى ركعتينِ، كانَ لهُ أجرُ حجةٍ وعمرةٍ تامَّة، فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ).
وقد وردت أهميَّة الذِّكر بعد صلاة الصُّبح في القرآن والسنَّة المباركة، قال الله -تعالى-: (فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى)، وَخُصَّ من النَّهارِ وقتُ البكرةِ لأنَّ الشُّغلُ غالبٌ على النَّاسِ في وسط النَّهار، وكان النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا صَلَّى الصُّبحَ تربَّعَ بعدَ الصَّلاةِ، وجلسَ يذكرُ ربَّهُ حتى تطلعُ الشَّمس، فكانَ هذا أحبُّ إليهِ من أن يَعتِقَ أربعُ رجالٍ من ولدِ إسماعيلَ.
آداب الذِّكر
إنّ للذِكرِ آداباً عديدة منها: أن يطلب المسلم من اللهِ -تعالى- أن يعينَه على الذِّكرِ، والطهارة من الحَدَثِ، ومِن أهمِّ الآدابِ وأوَّلها إخلاصُ النيَّةِ للهِ -تعالى-، فلا يكونُ في ذكر المسلم رياءً، وإن كانَ جالساً يستقبل القبلةِ خاصَّه إن كانَ جالساً في المسجدِ، ومن آدابِ الذِّكرِ أن يكونَ المسلمُ خاشعاً حاضراً قلبَهُ وقتَ الذِّكرِ، وأن يتوسَّلُ بأسماءِ اللهِ -تعالى- وصفاتِه، وأن يُظهِرَ الذُّلَّ والحاجةَ للهِ -تعالى-، وأن يكونَ موقناً باستجابة الله -تعالى- لدعائه غيرَ قانطٍ من عدمِ الإجابةِ ولا مستعجلاً لَها، وأن لا يكونُ دعاؤهُ بالأذيّة للآخرينَ، ومن آداب الدعاء أيضاً أن يكونَ بصوتٍ منخفضٍ، وأن يُكثر منه المسلم في حالِ الرَّخاءِ ولا في وقتَ ضيقِه فقط.