ما هو صفار الكبد
صفار الكبد
صفار الكبد، أو الصفار، أو الصفرة، أو الاصفرار، أو أبو صفرة، أو اليرقان (بالإنجليزية: Jaundice)؛ هو حالة تصيب الجلد، والأغشية المخاطية، وبياض العينين، بحيث يصبح لونها أصفر نتيجة تراكم مادة البيليروبين (بالإنجليزية: Bilirubin) في الجسم، وينتج البيليروبين ذو اللون الأصفر المائل للبرتقالي من عملية تحلل كريات الدم الحمراء، وفي حال تراكم البيليروبين في الجسم وارتفاع مستوياته في الدم، فإنّ ذلك يؤدي إلى حدوث ما يُعرف طبياً بفرط بيليروبين الدم (بالإنجليزية: Hyperbilirubinemia) ويترتب على ذلك الإصابة بصفار الكبد.
ففي الوضع الطبيعي يصل البيليروبين إلى الكبد حيث يُعالج يتم ربطه بمواد كيميائية أخرى، وينتج عن ذلك مركب البيليروبين المقترن (بالإنجليزية: Conjugated bilirubin)، الذي يُفرز مع العصارة الصفراوية (بالإنجليزية: Bile) التي ينتجها الكبد ، ثم ينتقل عبر المرارة والقناة الهضمية ليتم طرحه خارج الجسم عبر البراز وهو ما يؤدي إلى ظهور البراز باللون البنيّ، وفي سياق الحديث نذكر أنّ نسبة انتشار صفار الكبد تختلف من فئةٍ عمرية لأخرى إلاّ أنَه يكون أكثر شيوعًا لدى كبار السن وحديثي الولادة تبعًا لإحدى الدراسات التي نُشرت عام 2020 في مجلة (بالإنجليزية: StatPearls)، وقد يصيب البالغين في بعض الحالات.
الأسباب
يرتبط صفار الكبد في أغلب الحالات بوجود اضطراب صحي تسبّب بإنتاج الجسم كميات كبيرة من البيليروبين أو منع الكبد من التخلص منه بالطريقة الصحيحة، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوياته في الدم، ويترتب على ذلك ترسب البيليروبين في أنسجة الجسم المختلفة، وعلى الرغم من أنّ صفار الكبد حالة نادرة الحدوث لدى البالغين كما ذكرنا سابقًا إلاّ أنّه قد يحدث لأسبابٍ عديدة، وفيما يأتي بيان بعض هذه الأسباب:
- التهاب الكبد: حيث يحدث التهاب الكبد (بالإنجليزية: Hepatitis) في أغلب الحالات بسبب عدوى فيروسية، أو قد يحدث نتيجة الإصابة ببعض أمراض المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune disorders)، أو بسبب استخدام بعض أنواع الأدوية، علمًا أنّ التهاب الكبد قد يكون حادًا أي يستمر لمدة زمنية قصيرة أو قد يكون مزمنًا في حال استمراره لمدة تزيد عن ستة أشهر.
- انسداد القنوات الصفراوية: حيث تُعرّف القنوات الصفراوية (بالإنجليزية: Bile ducts) بأنّها قنوات رفيعة تنقل العصارة الصفراوية من الكبد والمرارة إلى الأمعاء الدقيقة، وفي بعض الحالات قد يحدث انسداد لهذه القنوات نتيجة الإصابة بورم، أو أمراض الكبد النادرة، أو قد يحدث ذلك بفعل حصى المرارة (بالإنجليزية: Gallstones)، مما قد يؤدي إلى الإصابة بصفار الكبد.
- استخدام بعض الأدوية: قد يؤدي استخدام بعض الأدوية إلى الإصابة بأمراض الكبد، ومن الأمثلة على هذه الأدوية الستيرويدات (بالإنجليزية: Steroids)، والبارسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol)، وحبوب منع الحمل الفموية، والبنسيلين (بالإنجليزية: Penicillin).
- سرطان البنكرياس: حيث قد يسبب سرطان البنكرياس (بالإنجليزية: Pancreatic cancer) انسداد القنوات الصفراوية، علمًا أنّ سرطان البنكرياس يحتل المرتبة التاسعة من حيث انتشاره بين النساء، وفي المرتبة العاشرة بين الرجال.
- شرب الكحول: حيث يرتبط شرب الكحول بالإصابة ببعض أمراض الكبد، ومن هذه الأمراض تشمع الكبد الكحولي (بالإنجليزية: Alcoholic cirrhosis)، والتهاب الكبد الكحولي (بالإنجليزية: Alcoholic hepatitis)، وعادةً ما تحدث هذه الامراض نتيجة شرب كميات كبيرة من الكحول لفترة تتراوح ما بين 8-10 سنوات.
الأعراض
توجد العديد من الأعراض المرتبطة بصفار الكبد، وفيما يأتي بيانها:
- الأعراض الشائعة لصفار الكبد: تتمثل بما يأتي:
- ظهور الجلد وبياض العينين باللون الأصفر، وعادةً ما يبدأ اللون الأصفر بالظهور من أعلى الجسم وينتشر نحو الأسفل.
- الحكة.
- ظهور البراز بلونٍ شاحب.
- ظهور البول بلونٍ غامق.
- أعراضٌ أخرى: حيث تظهر هذه الأعراض بسبب الاضطراب الصحي الذي أدى لحدوث اصفرار الكبد، وتتمثل بما يأتي:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- تورم الساقين والبطن.
- الغثيان والتقيؤ.
- الشعور بألم في البطن.
- فقدان الشهية.
- الصداع .
تشخيص صفار الكبد
توجد العديد من الفحوصات التي تساعد الطبيب على تشخيص صفار الكبد، وفيما يأتي بيانها:
- الفحص البدني: حيث يساعد الفحص البدني على ملاحظة العلامات التي ترافق أمراض الكبد بشكلٍ عام، ومن هذه العلامات:
- ظهور كدمات على الجلد.
- احمرار لون أطراف الأصابع وراحة اليد، وهو ما يُعرف بالحمامى الراحية (بالإنجليزية: Palmar erythema).
- تجمع الأوعية الدموية بالقرب من سطح الجلد، وتُعرف هذه الحالة طبيًا بالورم الوعائي العنكبي (بالإنجليزية: Spider angiomas).
- ملاحظة زيادة حجم الكبد.
- تحليل البول: (بالإنجليزية: Urinalysis)، حيث يُجرى تحليل للبول للكشف عن وجود البيليروبين فيه؛ ففي حال وجود البيليروبين في البول فإنّ ذلك يشير إلى الإصابة باليرقان المقترن (بالإنجليزية: Conjugated jaundice)، وعادةً ما يتم إجراء تحليل للدم لتأكيد الإصابة.
- تحليل الدم: ومن الأمثلة على فحوصات الدم التي تُجرى لتشخيص صفار الكبد ما يأتي:
- فحص مستوى البيليروبين في الدم.
- فحص تعداد الدم الشامل (بالإنجليزية: Complete blood count) واختصارًا CBC
- الفحوصات التصويرية: وتتضمن هذه الفحوصات: التصوير بالموجات فوق الصوتية (بالإنجليزية: Ultrasonography)، والتصوير المقطعي المحوسب (بالإنجليزية: Computer tomographic).
- فحص خزعة الكبد: (بالإنجليزية: Liver biopsy)؛ إذ يمكن أخذ عينة من الكبد لتأكيد التشخيص.
العلاج
يعتمد علاج صفار الكبد على السبب، بالإضافة إلى اعتماده على المضاعفات المحتملة، ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الحالات قد تستدعي دخول المستشفى، بينما لا تحتاج حالات أخرى أكثر من الراحة في المنزل، ونوضح فيما يأتي الخيارات العلاجية المتاحة لعلاج صفار الكبد:
- الانتظار اليقظ: ويقصد بذلك الحصول على الراحة في المنزل مع متابعة المصاب، ومراقبته قبل استخدام أي علاج.
- العلاج الطبي: قد تستدعي بعض حالات صفار الكبد العلاج الطبي إما بتقديم السوائل الوريدية، وإما باستخدام الأدوية كالمضادات الحيوية (بالإنجليزية: Antibiotics)، أو من خلال عمليات نقل الدم (بالإنجليزية: Blood transfusions)، وفي سياق الحديث نذكر أنّه في حال كان سبب حدوث اصفرار الكبد هو استخدام أنواع معينة من الأدوية فيجب التوقف عن أخذ هذه الأدوية بعد استشارة الطبيب المختص.
- التدخل الجراحيّ: حيث قد تستدعي بعض الحالات إجراء بعض العمليات الجراحية لعلاج صفار الكبد.
صفار الكبد لدى حديثي الولادة
يُعدّ صفار الكبد لدى حديثي الولادة حالةً طبية شائعة، خاصةً الرضع الذين يولدون قبل 38 أسبوعًا على الحمل، وهم الأطفال الخدج ، بالإضافة إلى بعض الرضع الذين يرضعون رضاعةً طبيعية، ويعود سبب الإصابة بصفار الكبد لدى حديثي الولادة إلى عدم نضوج كبد الرضيع، مما يؤدي إلى عدم اكتمال عملية الاقتران التي تحدث لمادة البيليروبين في الكبد، ويترتب على ذلك تراكم البيليروبين في جسم الرضيع، وهذه حالة طبيعية لا تستدعي القلق، فسرعان ما تختفي خلال فترة قصيرة لا سيّما إذا لم يكن الصفار شديدًا.
اعتمادًا على إحدى الدراسات التي نُشرت عام 2020 في مجلة (بالإنجليزية: StatPearls) يصاب ما يقارب 20% من حديثي الولادة الذين أنهوا جميع أشهر الحمل بصفار الكبد خلال الأسبوع الأول من حياتهم، ومن الجدير بالذكر أنّ معظم المواليد المصابين بصفار الكبد لا يحتاجون لأي علاجٍ طبي في حال كانت الولادة ما بين الأسبوع 35 والأسبوع الأخير من الحمل، إلا أنّ صفار الكبد الشديد أو الذي يستمر لفترة أطول من ذلك يتطلب تدخلًا طبيًا تفاديًا لأيّ مضاعفات قد تُلحق الضرر بالدماغ.