ما هو المديح النبوي؟
ما هو المديح النبوي؟
المدائح النبوية هو قصائد قيلت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو لون من ألوان التعبير عن العواطف الدينية، وهي من الأدب الرفيع لأنها لا تصدر إلا من قلب صادق شديد الإيمان، ومع أنّ أكثر المدائح النبوية قيلت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والأصل فيها أن تدخل في باب الرثاء .
تُصنّف قصائد المديح النبوي ضمن المدح؛ لأن الرثاء يصف المشاعر الحزينة، والقصد من المدائح النبوية التقرّب إلى الله من خلال نشر محاسن نبيه عليه الصلاة والسلام، ولم يُعنَ بدراسة المدائح النبوية كثير من النّقّاد؛ لأنّها لم تكن فنًّا مُستقلًّا بذاته مثل الغزل أو الرثاء، ولم تكن على لسان فحول الشعراء، ولم يهتمَّ بها إلى قليل من المتصوفة.
سبب ظهور المديح النبوي
من المؤرخين من يرى أنّ المديح النبوي ظهر قديمًا في المشرق العربيّ مع مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثمّ انتشر مع شِعر الفتوحات الإسلاميّة؛ لأنّ أحد أهدافه نشر مبادئ الدّين الإسلامي، ومنهم من يقول إنه نشأ مع بداية البعثة، وآخرون يرون أنّه فنّ مستحدث ظهر في القرن السّابع الهجري على يد الشّاعر شرف الدّين البوصيري ، الّذي عارضه كثير من الشّعراء ممّن عاصروه أو جاءوا بعده.
يُجمع الأدباء والنّقاد أنّ أول مديح نبوي كان لعبد المطّلب جدّه عليه الصلاة والسلام، الّذي شبّه ولادته بالنّور الّذي غمر الآفاق، كما أنه مدحه في طفولته عندما أخذه إلى الكعبة، ثم بعد البعثة مدحه الأعشى، مع أن الروايات تقول أنّ الأعشى انتحل الأبيات من عبد المطلب؛ بعد أن علمت قريش أنه متوجه إليه لإعلان إسلامه، لكنّ هذه القصيدة لم تكن صادقة؛ لأن الأعشى أراد التكسّب أكثر من إظهار إسلامه.
خصائص المديح النبوي
تميّزت المدائح النبوية بالكثير من المميزات، ومنها:
- كونه شعراً دينياً ينطلق من نظرة إسلامية.
- ينطبع بالطبائع الروحية الصوفية؛ لأنه يركّز على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيد الكون، وأفضل البشر.
- الغزل الموجود في كثير من قصائد المدح النبوي غزل عفيف ومجازيّ.
- يتحدّث عن الفتوحات و مراحل الدعوة المحمدية .
- يتميّز بصدق المشاعر ونبلها ورقة الوجدان وحب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ طمعًا في شفاعته يوم الحساب.
- أغلب قصائد المديح النبوي من القصائد العمودية التقليدية، وحتى القصائد الحديثة على نفس النمط؛ لأن أغلبها مُعارضة لقصائد المديح الشهيرة.
- تفتقد قصائد المديح النبوي للوحدة الموضوعية والعضوية؛ لأنها تتكون من مقدمة غزلية ثم وصف المطية، ثم مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم الدعاء والتوبة والاستغفار إلى آخر القصيدة.
- تعتمد المدائح النبوية على البحور الطويلة؛ لأنها تتناسب مع الأغراض الجليلة التي تتحدث عنها.
- قوافي القصائد طيّعة مثل (الميم، واللام، والسين، والتاء، والهمزة).
- تمتاز الألفاظ بالجزالة والفخامة وقوة السبك والرصانة وهيمنة الألفاظ القديمة وغير المألوفة.
- يستعمل الشاعر الصور الشعرية الحسية المبنية على المشابهة من خلال استخدام التشبيه والاستعارة، ويستعين ب المجاز المرسل والكناية.
- يتنقّل الشاعر من ضمير المتكلم الذي يدلُّ على الانفعال والانسياق في المناجاة الربّانية والاستعطاف، وضمير المخاطب أو الغائب للتركيز على الممدوح
من أشهر قصائد المديح النبوي
اشتهرت كثير من القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، منها:
- قال عبد المطلب:
أَنتَ النَبِيُّ مُحَمَّد
:::قرمٌ أَغَرُّ مُسَوَّدُ
لِمُسَوّدين أَكارِمٍ
:::طابوا وَطابَ المَولِدُ
نِعمَ الأَرومَةُ أَصلُها
:::عَمرُو الخِضَمُّ الأَوحَدُ
قال حسان بن ثابت :
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
:::وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مبرأ مِن كُلِّ عَيبٍ
:::كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
- قال الأعشى :
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا
:::وَعادَكَ ما عادَ السَليمَ المُسَهَّدا
وَما ذاكَ مِن عِشقِ النِساءِ وَإِنَّما
:::تَناسَيتَ قَبلَ اليَومَ خُلَّةَ مَهدَدا
وَلَكِن أَرى الدَهرَ الَّذي هُوَ خاتِرٌ
:::إِذا أَصلَحَت كَفّايَ عادَ فَأَفسَدا