ما هو الحج الأصغر
ما هو الحج الأصغر
تُعَدّ العمرة في الإسلام الحجّ الأصغر، وكان الناس قبل مجيء الإسلام يُؤدّونها في شهر رجب، وقد ورد عن الزهريّ أنّهم كانوا يُسمّونها في الجاهليّة بالحجّ الأصغر، ووِفق معجم اللغة العربيّة، فالحجّ الأصغر يُطلَق على الحجّ الذي ليس من أركانه الوقوف بعرفة ؛ وهو العمرة،وفصّل عطاء، فقال: إنّ الحجّ الأكبر هو الحجّ، والحجّ الأصغر هو العمرة، وقال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: إنّ الحجّ الأكبر هو يوم النَّحْر، والحجّ الأصغر هو العمرة، وأخرج ابن حجر حديثاً حَسَناً في ذلك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (العمرةَ الحجُّ الأصغرُ)، وسُمِّيت العمرة بالحجّ الأصغر؛ لمُشابهتها أعمالَ الحَجّ، إلّا أنّ أعمالها أقلّ من أعمال الحَجّ.
العلاقة بين الحج والعمرة
الحجّ والعمرة شعيرتان إسلاميّتان يرتبط أداؤهما بالأجر العظيم، والثواب الجزيل، وتتشابه العمرة في أركانها جميعها مع أركان الحجّ، إلّا أنّ الحجّ يزيد عليها برُكنيّة الوقوف بعرفة، وقد تأخذ العمرة في بعض الأحيان ثواب الحجّ؛ فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-:(عُمْرَةً في رَمَضَانَ حَجَّةٌ)؛ أي تساويها في كمّية الثواب.
أحكام العمرة
حُكم العمرة
فصَّلَ كلّ مذهب من المذاهب الأربعة في حُكم العمرة، وبيان ذلك فيما يأتي:
- الحنفية: ذهبوا إلى أنّها سُنّة مُؤكَّدة مرّة واحدة في العُمر؛ واستدلّوا بالحديث الضعيف الذي رواه طلحة بن عُبيدالله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الحجُّ جِهادٌ والعمرةُ تطوُّعٌ)، وينتقل حُكمها إلى الوجوب في حالتَين؛ أولاهما: أن يدخل المسلم مكّة لحاجة غير الحَجّ، فينبغي عليه ألّا يتجاوز الميقات إلّا إن كان مُحرِماً، وبما أنّه لا يريد الحَجّ، فقد صارت العمرة واجبة في حَقّه، وثانيهما: أن يُحرم المسلم بالعمرة تطوُّعاً، فيصير إتمامها واجباً في حقّه.
- المالكية: ذهبوا إلى أنّها سُنّة مُؤكَّدة مرّة واحدة في العُمر على الفور؛ ودليلهم الحديث الضعيف السابق الذي رواه طلحة بن عُبيدالله -رضي الله عنه- والذي استدلّ به الحنفيّة.
- الشافعيّة: ذهبوا إلى أنّ العمرة فرض عين على كلّ مسلمٍ مُستطيع؛ واستدلّوا على ذلك بقوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ)، ويتحقّق الفرض بأداء العمرة مرّة واحدةً في العُمر؛ فقد سأل سراقة بن جعشم -رضي الله- النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن العمرة، فقال: (يا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ألعامِنا هذا أم للأبدِ ؟ فشبَّكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أصابعَهُ في الأُخرَى، ثمَّ قالَ: دخلتِ العُمرةُ في الحجِّ هَكَذا -مرَّتَينِ- لا بلْ لأبدِ أبدٍ).
- الحنابلة: ذهبوا إلى أنّها واجبة على كلّ مُكلَّف، وهي تجب على أهل مكّة أيضاً.
وقت العمرة
يجوز أداء العمرة في أيّ وقت، وفي أيّ شهرٍ من شهور السنة، حتى ولو كانت في أشهر الحجّ، وقد اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على هذا، وهو ما يُعرَف بالميقات الزمانيّ للعمرة، وقد جُعِلَ الميقات الزمانيّ للعمرة على مدار العام؛ لعدم وجود دليل يُخصّص وقتاً مُعيَّناً لأدائها.
أركان العمرة
تختلف أركان العمرة باختلاف المذاهب ، وبيان آرائهم فيما يأتي:
- الحنفية: ذهب الحنفيّة إلى أنّ للعمرة رُكنَين فقط، هما: الطواف، والسَّعي.
- الشافعية: رأى الشافعيّة أنّ أركان العمرة خمسة، هي: الإحرام، والطواف، والسَّعي، والحلق أو التقصير، وآخرها الترتيب في أداء هذه الأركان على النحو المذكور.
- الحنابلة والمالكية: زاد المالكيّة على رأي الحنفية رُكناً؛ فقالوا هي ثلاثة؛ الإحرام، والطواف، والسَّعي، واتّفق الحنابلة معهم في ذلك.
فضل العمرة
تُعَدّ العمرة من أرفع العبادات وأفضلها، وهي خير ما يرفع الله -تعالى- به الدرجات، ويمحو به السيّئات، وهي من العبادات التي حَثّ عليها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في أقواله، وأفعاله، كما أنّ العمرة تُكفّر الذنوب؛ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)، وقال الرسول -عليه الصلاة والسلام- في العمرة، والحَجّ: (مَن أَتَى هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)،، إلى جانب أنّ العمرة مَظنّة إجابة الدعاء؛ فقد روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الغازي في سبيلِ اللهِ عزَّ و جلَّ، و الحاجُّ، و المعتمرُ، وفدُ اللهِ دعاهُم فأجابُوه، و سألُوه فأعطاهمْ)، كما أنّ لأداء العمرة في رمضان أجرٌ عظيم؛ قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي).