ما هو إطعام المسكين
إطعام المسكين
حث الإسلام على إطعام المسكين ، وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية تدعو المؤمنين إلى إطعام المساكين، قال الله سبحانه وتعالى: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ*ومَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ*أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ*يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ*أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)
بيّنت الآيةُ الكريمة أربعة أمور تُنجي صاحبها من عذاب الله وهي: عتق رقبة مؤمنة، وإطعام في يوم مجاعة؛ يتيما ذا قرابة، أو مِسكيناً لحاجته، وإيمان صادق بالله سُبحانه وتعالى ورسوله وآيات الله ولقائه، والتواصي بالصّبر مع المؤمنين المُستضعفين بالثبات على الحق، وتواصي بالرحمة مع أهل المال وذلك بأن يرحموا الفقراء والمساكين فيسدّوا فيقضوا حاجتهم.
قال الله سبحانه وتعالى في إطعام المساكين: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )؛ فالآيات الكريمة بيّنت جانباً من صفات المؤمنين الذين يخشون الله سبحانه وتعالى ويخافون عقابه بأنهم: يطعمون الطعام مع حبّهم له ورغبتهم فيه للمسكين واليتيم الذي لا عائل له ولا مال عنده، وللأسير الذي لا يَعرف له أصل ولا فصل، يطعمونهم ولسان حالهم يقول: إنما نُطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً.
معنى إطعام المسكين
اختلف الفقهاء في تعريف المسكين في الاصطلاح؛ فعرّفه الحنفية والمالكية بأنه: هو من لا يَملك شيئاً، وعرّفه الشافعية بأنه: من قدر على مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه، وعرّفه الحنابلة بأنه: من يجد مُعظم الكفاية أو نصفها من كسب أو غيره.
يعني الإطعام إعطاء الطعام لآكله، والطعام: ما يؤكل، يقال: فلان قلّ طعمه أي: أكله، والطعمة أي: المأكلة، واستطعمه أي: سأله أن يطعمه، ورجل مطعام أي: كثير الإطعام والقرى.
المسكين في اللغة: من لا شيء له، أو له ما لا يَكفيه، أو من أسكنه الفقر، أي: قلّل حركته، والذليل، والضعيف، وجمعه: مساكين ومسكينون.
الإطعام في الكفارات
يُعدّ الإطعام أحد الأطعمة الواجبة في باب الكفارات، ومن الكفارات الواجب الإطعام فيها:
كفارة الصوم
اتفق أهل الفقه على وجوب الإطعام في كفارة الفطر في صوم رمضان أداءَ، إلاّ أن فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة قصروا الإطعام على من جامع زوجته في رمضان عامداً، دون من أفطر فيه بغير الجماع، وقد اختلَف الفقهاء أيضاً في تقديمه وتاخيره على الإعتاق والصيام؛ فقال فقهاء الحنفية وفقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة بتأخير الإطعام عن الإعتاق والصيام، وقال فقهاء المالكية بالتخيير بين الأنواع الثلاثة: الإعتاق، والصيام، والإطعام.
كفارة اليمين
اتّفق الفُقهاء على وجوب الإطعام في كفارة اليمين بالله سبحانه وتعالى إذا حنث المسلم في يمينه على التخيير بين الإطعام وبين الكسوة وبين تحرير الرقبة، فإن عجزالمسلم عن هذه الثلاث انتقل إلى الصيام ثلاثة أيام، قال الله سبحانه وتعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ففي هذه الآية الكريمة بَيّن الله سبحانه وتعالى كفّارة الحنث في اليمين؛ فالواجب في حقّ الحانث في اليمين خروجاً من الإثم أن يُقدّم الكفَّارة وهي: إطعام عشرة مساكين من أعدل وأوسط ما يُطعم منه الأهل فما هو بالأجود الغالي، ولا بالأردأ الرخيص، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة: أي عتق رقبة مؤمنة ذكراً كان أو أنثى صغيرة أو كبيرة؛ فالمؤمن مخيّر في التكفير بأيّ هذه الثلاثة، فإن لم يجد فعليه الصيام ثلاثة أيام مفرقة أو مُتتابعة كما يشاء.
كفارة الظهار
إذا ظاهر الرجل من زوجته فقال لها: أنت عليَّ كظهر أمي، أو عليّ كأمي، وجب عليه الكفارة وهي على الترتيب: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)؛ ففي الآيات الكريمة بيان لكفارة الظهار، إذا أراد الزوج العودة إلى زوجته التي ظاهر منها، فوجب عليه تحرير رقبة من قبل أن يُجامع زوجته، فإن لم يَجد رقبة، فالواجب عليه صيام شهرين مُتتابعين من قبل أن يجامعها، فإن لم يَستطع لمرض أو كبرٍ في السنِّ يجب عليه إطعام ستين مسكيناً.
مقدار الإطعام في الكفارة
ذهب الحنفيّة إلى أنه يجب إطعام كل فقير في الكفّارة نصف صاع من القمح، أو صاع كامل من التمر أو الشعير، والدقيق من القمح أو الشعير بمنزلة أصله، وذهب المالكية إلى أنه يجب لكلّ فقير مد من القمح، أو مقدار ما يصلح للإشباع من بقية الأقوات التسعة، وهي القمح، والشعير، والسلت، والذرة، والدخن، والأرز، والتمر، والزبيب، والأقط، وذهب الشافعية إلى أنّه يجب لكل فقير مد واحد من غالب قوت البلد ممّا ذُكر من الأصناف السابقة أو غيرها، وذهب الحنابلة إلى أنّه يجب لكلّ مسكين مد من قمح، أو نصف صاع من شعير، أو تمر، أو زبيب، أو أقط، ويجزئ دقيق وسويق بوزن الحب، سواء أكان من قوت البلد أم لا، وقال أبو الخطاب منهم: يجزئ كل أقوات البلد، والأفضل عندهم إخراج الحب.