ما هو أجر ختم القرآن
أجر خَتم القرآن الكريم
أعدّ الله الأجر العظيم لِمَن خَتَم القرآن ومن ذلك:
- ارتقاء المسلم في الجنّة بحسب ما قرأ من القرآن حتى يصل إلى أعلى الدرجات؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)، كما عَدّ العلماء حروفَ القرآن فبلغ عددها ثلاثمئة وأحد عشر ألفاً ومئتَين وخمسين حرفاً؛ فلو قرأ المسلم حرفاً واحداً، فله فيه حسنةً، ويُضاعف الله الحَسَنة إلى عَشرة أمثالها، فينال بذلك الكثير من الحَسَنات، وذلك من فَضْل الله -تعالى- على من يشاء من عباده الصالحين،
- ومن الأجور التي أعدّها الله لقارئ القرآن أيضاً أنّ القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة؛ وقد ورد ذلك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (الصِّيامُ والقرآنُ يشفَعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ يقولُ الصِّيامُ أي ربِّ منعتُهُ الطَّعامَ والشَّهواتِ بالنَّهارِ فشفِّعني فيهِ ويقولُ القرآنُ منعتُهُ النَّومَ باللَّيلِ فشفِّعني فيهِ قالَ فَيشفَّعانِ)،
- أكرمَ الله -تعالى- مَن يختم القرآن الكريم بالدعوة المُستَجابة؛ وقد ثبت ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وغيره، كما كان أنس بن مالك -رضي الله عنه- يجتمع مع أهله، ويدعو الله حين خَتْم القرآن الكريم.
حُكم إهداء أجر خَتْم القرآن إلى الآخرين
اتّفق العلماء على أنّ العبادات الماليّة، مثل الصدقة ، يصل أجرها إلى الميّت؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وأُرَاهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا)، أمّا فيما يتعلّق بالعبادات البدنيّة، مثل: الصلاة، والصيام، والقراءة، فقد بحث أهل العلم في حُكم إهداء ثوابها إلى الميّت؛ وذهبوا في ذلك إلى قولَين؛ الأوّل: جواز الإهداء إلى الميّت ؛ وهو قَوْل أبي حنيفة، وأحمد بن حنبل، والثاني: إنّ ثواب العبادات البدنيّة لا يَصِلُ إلى الميّت؛ وهو قَوْل الشافعيّة، والمالكيّة؛ وقد استدلّ القائلون بالجواز بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قالَ: أَرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: فَصُومِي عن أُمِّكِ)، فالحديث يدلّ على أنّ العبادات البدنيّة كالعبادات الماليّة في وصول أجرها إلى الآخرين، كما ورد أنّ عليّاً بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يُضحّي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد موته.
أهمية ختم القرآن مع تدبّره
لا يخفى أنّ تلاوة القرآن الكريم بتدبّر من أجلّ القُربات وأرفع الطاعات؛ إذ إنّ تدبّر آياته واستشراف دلالاته تثمرُ إيماناً راسخاً في قلب العبد، وفي مسألة المفاضلة بين التّدبر مع قلة القراءة، أو كثرة القراءة مع قلّة التّدبر، يرى ابن عباس وابن مسعود -رضي الله عنهما- أنّ ترتيل القرآن مع تدبُّره وإنْ كان قليلاً أفضل من التلاوة الكثيرة لآيات القرآن دون ترتيلٍ، أو تدبُّرٍ؛ إذ إنّ المقصود من القراءة الفَهْم، والتدبُّر المُفضي إلى العمل بما نَصَّت عليه آيات القرآن من أحكامٍ وتوجيهات، والأفضل تلاوة آيات القرآن بتدبُّرٍ؛ قال -تعالى-: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)، وقال أيضاً: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).
إلّا أنّه لا حرج في التلاوة دون تدبُّرٍ أو تفكُّرٍ؛ فقراءة كلام الله خيرٌ من أيّ كلامٍ، وخيرٌ من الصمت، وتدبُّر القرآن من خير العبادات، وأرقاها، وأجلّها عند الله؛ فبه يفهم المسلم ما أراده الله -عزّ وجلّ-، وقد أنزل الله القرآن؛ لفَهْمه، واستخراج ما فيه من علومٍ، وأحكامٍ، وذلك يدلّ على الحَثّ على تدبُّر آياته ، وقال الإمام الزركشيّ بكراهة أن يُقرَأ القرآن دون تدبُّرٍ، ومَن يقرأ القرآن وهو جاهلٌ لِما يحمل في طيّاته من معانٍ، فله أجر القراءة، ويُؤجَر المسلم على قراءته؛ سواءً فَهِم، أو لم يفهم، إلّا أنّه تتوجّب محاولة فَهْم المعاني، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- لا يتجاوزون عشر آياتٍ حتى يفهموا المُراد منها، ويُطبّقوا ما جاء بها.