ما كفارة الحلف على المصحف
كفارة الحلف على المصحف
من حلف على المصحف وحنث بيمينه، تجب عليه الكفارة، ويخير بين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة؛ فمن لم يستطع فعليه صيام ثلاثة أيام، قال -تعالى-: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ).
إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم
ذهب جمهور الفقهاء على أن الحالف عليه إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله؛ أي أن يكون طعامًا مشبعًا ، أو أن يعطيهم ما يكفيهم قوت ليلة، ويقدر ذلك بنصف صاع من الأرز أو غيره ، ويجزىء إطعامهم لمرة واحدة، ، قال -تعالى-: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ).
أما الكسوة فتعددت الفقهاء في المقدار المجزىء منها: فذهب المالكية والحنابلة إلى أنها تقدر بما تصح به الصلاة من الثياب، وذهب الحنفية إلى أن الكسوة تتقدر بما يصلح لعامة الناس، ولا يشترط أن يكون جديدًا، لكن يجب أن يكون ساترًا لعامة البدن، أما الشافعية فذهبوا إلى أنه يجزىء في الكفارة كل ما يعتاد لبسه: كقميص أو عمامة أو رداء أو خف وغيره.
أو تحرير رقبة
والمقصود بتحرير الرقبة هو تحرير العبد الذي لا يملك نفسه، ولا يمكنه التصرف بكامل إرادته، وقد جعل الله -عزوجل-، تحرير الرقاب كفارة للعديد من الأمور: مثل الظهار والقتل، والحنث في الأيمان ، قال -تعالى-:(أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)؛ وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يشترط في صحة إعتاق الرقبة أن تكون مؤمنة، وعند الحنفية تجزىء أن تكون ذمية؛من أهل الكتاب ما لم يكن محاربًا.
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام
إن لم يستطع الحالف أن يكفر عن يمينه، بالإطعام أو الكسوة أو بتحرير رقبة، جاز له أن يصوم ثلاثة أيام، وتعددت أقوال العلماء بمسألة تتابع أيام الصيام، فذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يشترط التتابع في الصيام لأن الآية جاءت على الإطلاق، قال -تعالى-: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)، أما الحنابلة والحنفية فاشترطوا التتابع في صيام أيام الكفارة.
نوع اليمين الذي تجب به الكفارة
تُقسَم الأيمان إلى ثلاثة أقسام، وهي:
- يمين اللَّغو: ما جاء على لسان الحالِف بصيغة اليمين بشكل غير مقصود بذاته، كأنْ يقول: لا والله، بلى والله، وهذا يُسمّى يمين اللغو، ولا يأثم صاحبه به، ولا كفّارة عليه، قال عزّ وجلّ: (لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ).
- اليمين الغموس : هي اليمين الكاذبة، التي يحلفها صاحبها وهو عالمٌ بكذبها، ويقصد بها التدليس وتضييع الحقوق، وإثمها أكبر من أنْ يُكفَّر عنها، ويحتاج صاحبها إلى توبة.
- اليمين المُنعقِدة: هي اليمين المنعقدة في النفس؛ فيحلفها الحالف قاصداً لها ومدركاً لمرادها، وتكون على أمر مُمكن في المستقبل فعلاً أو تركاً، ويلزم الحالف الوفاء بها، والكفّارة إنْ حنث بها.
سبب وجوب الكفارة
اتفق الفقهاء على أن الكفارة تجب على من حنث في اليمين المنعقدة، ولكن تعددت أقوالهم في سبب وجودها؛ فذهب الجمهور إلى أن سبب وجود الكفارة هو اليمين، وأما الحنث فيها فليس سببًا في وجوب الكفارة إنما هو شرط فيه، وذهب الشافعية إلى أن سبب وجوب الكفارة هو اليمين والحنث جميعًا.
وقت إخراج كفّارة اليمين
يجوز إخراج الكفّارة قبل حنث اليمين وبعده؛ فلو حلف على فعل أمرٍ أو تركه، ثمّ رأى غير ذلك فيجب أن يُكفّر عن يمينه؛ فذلك تحّلة اليمين، وإنْ كفّر بعد الحنث جاز باتّفاق أهل العلم.
حكم إخراج قيمة كفّارة اليمين بالمال
يجوز إخراج قيمة كفّارة اليمين مالاً بدلاً عن الكسوة أو الإطعام بقيمةٍ تُماثِلهما؛ وذلك إذا رأى الحالف الذي لزمته الكفّارة أنّ في دفع القيمة مصلحةً مُتحقّقةً للفقير ونفعاً، ولكنّ يتنبّه الحالف إلى أنّ قيمة الكسوة والإطعام تختلف باختلاف الزمان، والمكان، وحال الحالف الحانِث.
حكم دفع كفّارة اليمين لمسكين واحد
اختلفت آراء علماء المذاهب الفقهية في مسألة دفع الكفّارة لمسكين واحد؛ فأجازها بعضهم بشرط ألّا تُعطى للفقير دفعةً واحدةً في يوم واحد، وذهب آخرون إلى عدم جواز ذلك وقوفاً عند نصّ الآية الكريمة التي أشارت إلى إعطاء عشرة مساكين.
ملخص المقال: كفارة اليمين واجبة وتكون بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة على التخيير، وفي حال عدم الاستطاعة تكون الكفارة صيام ثلاثة أيام، أما وقت إخراج الكفارة فيجوز أن يكون قبل حنث اليمين أو بعده.