ما حكم شرب الخمر
حكم شرب الخمر
شرب الخمر محرّم، وهو من الكبائر، فهي أم الخبائث، وقد جاء في الأحاديث النبوية لعن من يشربها ومن يبيعها ويسقيها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لعنَ اللهُ الخمرَ، و شاربَها، و ساقيَها، و بائعَها، و مبتاعَها، و عاصرَها، و مُعْتصرَها، و حاملَها، و المحمولةَ إليهِ، و آكلَ ثمنِها).
ولم يكن شرب الخمر في بداية الإسلام محرماً، بل تم تحريمه على مراحل؛ إذ كان من العادات التي تَلَبّس الناس بها في الجاهلية، وكان تحريمه على النحو الآتي:
- بيان كثرة ضرره مقارنة بمنفعته، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا).
- النهي عن شرب الخمر عند الصلاة، يقول -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)، فالنهي في الآية عن النتيجة وهي السكر، والسكر يتأتّي من شرب الخمر غالباً.
- الخمر سبب للعداوة والبغضاء بين المسلمين، ويلهي عن ذكر الله وعن الصلاة، يقول -تعالى-: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
- تحريم شرب الخمر، يقول -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فلفظ فاجتنبوه لفظ صريح، وهو نهيٌ عن شرب الخمر، وقد نزلت هذه الآية في السنة الثالثة للهجرة بعد غزوة أحد.
الحكمة من تحريم الخمر
إن للخمر مفاسد وأضرار كبيرة كما ذكر القرآن الكريم، نذكر منها ما يأتي:
- إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، والصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة.
- المصالح لا تتمّ إلا بالعقل، والخمر يُذهب العقل، والذي يشرب الخمر يُعطّل مصالحه بإذهاب عقله.
- حماية المجتمع من الأضرار والجرائم التي قد يرتكبها شارب الخمر؛ كالقتل، والسرقة، والاعتداء على الناس.
- العقل تشريف للإنسان وتمييز له عن الحيوان، وهو سبب لتكريم بني الإنسان على الخلق، واصطفاء الأنبياء والرسل منهم، والخمر يضرب بتلك الفضائل التي لا تعد ولا تحصى للعقل الإنساني عرض الحائط، ويجعل حياته عبثا دون فائدة.
- الخمر قذر، ورائحته كريهه، وشربه مناف للفطرة البشرية، وانحراف عن الطباع السليمة.
حد شرب الخمر
اتفقت المذاهب الفقهية على أن عقوبة شارب الخمر هي الجلد، واستدلوا لذلك بعدة أدلة منها:
- عن عقبة بن الحارث: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أُتِيَ بنُعَيْمَانَ، أوْ بابْنِ نُعَيْمَانَ، وهو سَكْرَانُ، فَشَقَّ عليه، وأَمَرَ مَن في البَيْتِ أنْ يَضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بالجَرِيدِ والنِّعَالِ، وكُنْتُ فِيمَن ضَرَبَهُ).
- (أُتِيَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- برَجُلٍ قدْ شَرِبَ، قَالَ: اضْرِبُوهُ -قَالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بيَدِهِ، والضَّارِبُ بنَعْلِهِ، والضَّارِبُ بثَوْبِهِ).
ملخص المقال: الخمر كبيرة من الكبائر، وذنب صاحبه عظيم ما لم يتب ويرجع إلى الله، وقد كان تحريمه في عهد النبيّ بالتدريج، ولذلك الكثير من الحِكم؛ فهو سببٌ للكثير من الأضرار والمفاسد على الفرد والمجتمع، وقد اتّفق الفقهاء على أنّ عقوبة شاربه الجلد.