فضل فعل الخير
الرغبة في فعل الخير
يعتبر فعل الخير مقصداً إنسانياً هاماً أعلت من شأنه القيم السامية، و الديانات السماوية ، وأكَّدته، ورسَّخته لما له من نفع كبير يعود على الناس، والمجتمعات الإنسانية المختلفة، فضلاً عن أن انتشاره يُعد دليلاً على وجود البذرة الصالحة في نفوس الناس.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا).
إن فضل فعل الخير والإكثار منه عميمٌ لا يمكن حصره، أو إحصاؤه، وهو فضلٌ يصيب الناس في الدنيا والآخرة على حدٍّ سواء، فتنعم المجتمعات الإنسانية في الدنيا، ويسعد الإنسان المؤمن في الآخرة، عندما يعلي الله -تعالى- من مقامه، ويرفع من درجاته، وفيما يأتي تفصيل فضل فعل الأعمال الخيِّرة والإكثار منها.
فضل فعل الخير
شهادة الخيريّة
قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)؛ ففي هذه الآية الكريمة أكد المولى -سبحانه- على خيريّة هذه الأمة الإسلامية؛ وذلك من عدة وجوه:
- أمرها بالمعروف، ونهيها عن المنكر.
- إيمانها بالله -تعالى-.
- كونها أكثر الأمم نفعاً للناس؛ فخير الناس ما كان للناس.
إذ لا يوجد من هو أفضل من فاعل الخير ، الذي يؤثر الآخرين على نفسه، ويقضي جزءاً من وقته مع الناس، ويقتطع مبالغ من ماله، ومال عياله من أجل إدخال السرور على نفوس المحتاجين الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
اتحاد أبناء المجتمع
منبع التفاؤل في فعل الخير هو أنّ الجميع يشعرون بأنّ الخير لم ينقطع، وأنّهم متكاتفون متعاونون معاً، يشدّ بعضهم من أزر بعض، وهذا ما أكّده الحديث النبوي الشريف، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم، مَثلُ الجسدِ، إذا اشتكَى منه عضوٌ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى).
إذ إن بفعل الخير يرى الفقير أنّه محطّ اهتمام وإعانة ورعاية، ويرى الغنيّ أنّه مسؤول عن رسم البسمة على وجوه المحتاجين؛ فكل فئة من فئات المجتمع تؤمن بدورها في تحقيق التكافل والتناغم بين أفرادها.
مضاعفة الأجور
أكّد القرآن الكريم على أن من ينفقون أموالهم في سبيل الله -تعالى- سينالون الأجر العظيم منه -سبحانه-، وأن أجورهم ستتضاعف أضعافاً مضاعفة، قال -تعالى-: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
إذ نجد الكثير من الناس من ينفق المال في سبيل تحقيق ملذاته، ومصالحه الفردية؛ ولكنّ قلة منهم يؤمن بأهمية بذل هذا المال في تحقيق المصلحة العليا للأمة؛ لذا جاء هذا الترغيب بطريقة التصوير المحسوس، والتشجيع على كل ما هو نافع وخيّر.
نيل الراحة والسرور
ليس هناك ما هو أجمل من أن يرى الإنسان الفرحة، والسعادة، وقد غمرت الآخرين الذين قضى لهم بعضاً من حاجاتهم، وفرَّج عنهم بعضاً من كربهم، فهذا كفيل بجعل الإنسان فرحاً مسروراً، وبجعله يشعر بقيمته، وأهميته في هذا الوجود.
تفريج الكرب
من أعظم المكافآت التي يكافئ بها الله -تعالى- فاعلي الخير أنهّ -سبحانه- يفرِّج عنهم كُرَبَ يوم القيامة ، وذلك نظير ما قاموا به من التفريج على الناس في الدنيا، وقضاء حاجاتهم في الوقت الذي احتاجوا فيه إلى من يقف إلى جانبهم، ويقدّم لهم العون، والمساعدة.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ).