ما سبب تحريم لحم الخنزير
سبب تحريم لحم الخنزير
لقد بيّن الله -تعالى- في كتابه الكريم تحريم أكل لحم الخنزير صراحة؛ فقال: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ)،وقال -تعالى-: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وسيعرض المقال الحكمة من تحريم لحم الخنزير، وذلك كما يأتي:
الامتثال لأمر الله
السبب الرئيسي في تحريم لحم الخنزير أنّه أمرٌ إلهي، والله -تعالى- حرّم كلّ خبيث على الإنسان، وأحلّ له الطيبات، فيجب التسليم والخضوع لأمر الله -تعالى-، حتى ولو لم تُعرف الحكمة من تحريم لحم الخنزير فيجب الامتثال لأمر الله بعدم أكله.
نجاسة الخنزير
اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على نجاسة الخنزير بجميع أجزائه؛ جلده ولعابه ولحمه وشعره، واستدلوا بما يأتي:
- قول الله -تعالى-: (أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ)، فالضمير عائد على لحم الخنزير، والرجس: هو النجس الخبيث.
- ما رواه أبو ثعلبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: (إنَّا نُجاورُ أهلَ الكتابِ وهم يَطبخونَ في قُدُورِهم الخنزيرَ ويشربونَ في آنيتِهمُ الخمرَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إن وجدتمْ غيرَها فكُلُوا فيها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرَها فارحضُوها بالماءِ وكُلُوا واشربوا)، حيث أمره النبي بغسل الإناء بالماء عندما طُبخ فيها لحم الخنزير، وهذا شأن النجاسات.
وقال الفقهاء أنّ هذه النجاسة في الخنزير هي الحكمة من تحريم أكل لحمه، والله أعلم.
قذارة الخنزير
حرّم الله -تعالى- الخنزير لأنّه حيوان قذر ويأكل الطعام القذر؛ وينقل إلى من يأكله القذر والضرر، وهو من الخبائث التي تستقذرها النفس البشرية السوية المستقيمة على الفطرة الصحيحة.
وقال بعض العلماء إن من مضار أكل لحم الخنزير المعنوية أنّ آكله قد يُصبح من الديّوثين غالباً، فتُنزع منه غيرة الرّجال، فقد قال أبو حيان الأندلسي: "أنّه يقلع الغيرة ويذهب بالأَنَفَة، فيتساهل الناس في هتك المحرم وإباحة الزنا"، كما ورأى بعض العلماء أنّ من طبع الخنزير قلة الغيرة، وأنّ من يأكل من لحمِه سيتطبّع بنفسِ طِباعِه".
حكم أكل لحم الخنزير
لا يجوز أكل لحم الخنزير؛ ويحرم كذلك شحم الخنزير، وغضروفه، ومخه، وعظامه، وجلده، ولبنه، ودماغه، وحشوته، إلا للضرورة باتّفاق الفقهاء؛ قال الله -تعالى-: (قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وهذه الضرورة تحصل عند الخوف على النفس من الهلاك إذا لم يتناول شيئاً، فيتناول مقداراً بسيطاً بمقدار ما يمنعه من الهلاك؛ ثم يرجع المسلم إلى الحكم الأصليّ وهو تحريم أكل لحم الخنزير.