ما المقصود بخلق القران
المقصود بخلق القرآن
إن القول بأن القرآن مخلوقٌ معناهُ أنَّه كسائر المخلوقات، التي خلقها الله -تعالى-، وأوجدها من العدم ومن ثمّ تهلك وتفنى وكأنها لم تكن، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، وهذا القول فيه من المفاسد العظيمة الشيء الكثير، وفيه انتقاصٌ من مكانةِ القرآن العظيم في نفوس المسلمين.
وهذا المصطلح خَلْق القُرآن يشيرُ إلى أفكارٍ مسمومةٍ وقاصرة، والتي ظهرت نتيجةَ اجتهاداتٍ غيرِ مبنيّة على دليل، وإن القول بهذا يتيح لمن يتنبى هذا الرأي أن يصولَ ويجولَ بكلام اللهِ -عز وجل- كيفما شاء، حسب ما يقتضيه العقلُ البشري القاصر، ضاربًا بعرض الحائط الأدلة الشرعية ، والطريق القويم الذي سنّه الرسول -عليه الصلاة والسلام- في التعامل مع آيات القرآن الكريم.
أول من أحدث القول بخلق القرآن
إن القول ببدعة خلق القرآن الكريم ظهرت في المئة الثانية، ولعل أول من أعلن بها ودعا إليها هو بشر بن غياث المريسي المعتزلي، والذي كان في عهد الخليفة العباسي المأمون، والذي كانت بطانتهُ من المعتزلة ، فأثّروا فيه واستقرَّ على رأيهم، بل وعاقبَ من يقول بغير ذلك، فهو أول من قال بهذهِ البدعة وشجّع الناس لكي يقولوا بها.
والجديرُ بالذكر أن هنالك فِرَقًا تقول بهذا القول وهي: المعتزلة، الرافضة، والإباضية، أو الخوارج ، والزيدية، والجهمية، ومن هذهِ الفِرق من كانت تروّج لهذهِ البدعة الشنيعة تحتَ غطاءٍ من الخلفاء الذينَ قالوا بقولهم.
الرد على القول بخلق القرآن
إنَّ أوّل من سجّل موقفًا عظيما في الرد على هذا القول هو الإمام أحمد بن حنبل الذي قام بمناظرةِ من قالوا بخلق القرآن؛ فقصمَ ظهور حُجَجِهِمْ وذلك بحضور جمعٍ من الناس وعلى رأسهم الخليفة، فما كان من الخليفة إلّا أن أمر بسجن الإمام أحمد وتعذيبهِ وعدم الإفراج عنه، حتى يقولَ ببدعة خلق القرآن.
وأما الردُّ على من قال بخلق القرآن فهو كما يأتي:
- إنَّ كلام اللهِ صفةٌ من صفاتهِ، والصفةُ لا تتجزّأ عن الله والصفة تابعةٌ للموصوف، والله بذاته وصفاته هو الخالق.
- إن الله -سبحانه وتعالى- توعد من قال: إن القرآن كلام البشر بأن يصليه سقر، كما قال -سبحانه- في الوليد بن المغيرة : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ* فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ)، ثم قال الله: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ).
- إن قوله -تعالى-: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ، حجَّةٌ عليهم لا لهم؛ فقول الله معناه: أي أن كل ما عدا الله فهو مخلوق؛ فيشمل هذا جميع أعمال العباد، ولا يشمل هذا العموم الله -تعالى- ولا صفاته لأنه -تباركَ وتعالى-: (ليسَ كَمثلِهِ شيء وهو السَّميعُ البَصير) .
آثار القول بخلق القرآن
ومن آثار القول بخلق القرآن الكريم، ما يأتي:
- القول بوجوب نقد القرآن، وأنه كغيره من النصوص، وهذا يُفضي إلى تحكيمِ العقلِ على القرآن الكريم.
- نفي الإعجاز عن القرآن الكريم، لأنهُ محضُ كلام مخلوقٍ كغيرهِ من الكلام.
- إسقاطُ مرجعيةِ النص القرآني، فلن تكونَ لهُ المكانة حيثُ لا يُعتبرُ دليلًا على ما نودُّ إثباته؛ لأنه فقدَ مكانته بسبب زعمهم.
- نفيُ الصفات عن الله -عز وجل-، والدخولُ في جدل اللاهوت، دون بينات وأدلة.
- تعطيلُ العمل بكتاب الله -عز وجل-، بحجة أنه مقصور على الزمان والمكان، الذين نَزَلَ فيهما.
- فتحُ الباب لتوسع العقائد الناشئة، والتي هي تقتبسُ أفكارها من العقائد المنحرفة.