ما حكم من يصلي رياء
حكم من يصلي رياءً
لا يخفى أنّ أعمال المسلم كلّها لا بدّ أن تكون خالصةً لله -تعالى- وحده، وأن يقصد بها وجهه الكريم، بلا شركٍ أو رياء، ويقصد بالرياء: قيام المسلم بالطاعة أو ترك المعصية؛ قاصدًا رضا الآخرين، أو نيل حاجةٍ دنيويَّةٍ من مدحٍ أو مالٍ دون الله تعالى؛ فيجب أن تكون الأعمال كلّها خاليةً من الرياء، خالصةً لله تعالى بيما في ذلك الصلاة.
وإذا أدى المسلم الصلاة وداخله الرّياء في أدائها؛ فإنّ لذلك أحكامًا حسب الأحوال الآتية:
- الحالة الأولى
أن يُنشئ المسلم الصلاة ويبدأ بها رياءً دون نيَّةٍ خالصةٍ لله؛ فهذه الصلاة باطلةٌ لا تصحّ، ويأثم صاحبها في تأديتها؛ لأنّها لم تنوَ وتؤدّ لله -سبحانه وتعالى-.
- الحالة الثانية
أن يُنشئ المسلم الصلاة ويؤديها بقصد التعبّد لله -تعالى- وبنيّةٍ خالصةٍ له، ولكن يدخله الرياء أثناء تأديته لها؛ فقيل إن جاهد المسلم نفسه ودفع الرياء، فصلاته صحيحةٌ؛ لأنّه جاهد نفسه ودفعه، بدليل قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)،وأمّا إن استرسل الرياء معه أثناء صلاته، فصلاته باطلةٌ؛ وذلك لأنّ الصلاة عبادةٌ متصلة لا تَقبل التجزئة، فإذا بطل أوّلها بطل آخرها.
أسباب الرياء
إنّ للرياء أسبابًا ودوافع كثيرةً تدفع بالإنسان لتكون أعماله لغرضٍ دنيويٍّ بعيدًا عن قصد الله -تعالى- وثواب الآخرة، ومنها:
- النشأةُ في بيتٍ يهتم بالرياء والسمعة؛ ممّا يؤدي إلى ترسيخ آفة الرياء في نَفسِ الإنسان.
- الصحبة والرّفقة السيئة، التي همّها السمعة والرياء، والتي تَدفع الشخص إلى تقليدها، وخصوصًا إذا كان الشخص ضَعيف الشخصية.
- الجهل بالله -سُبحانه وتعالى-، أو نقصان المَعرفة به سبحانه؛ ممّا يَدفع الشخص إلى الظنّ بأنّ الخير والنفع بيد الناس، فيسعى بذلك إلى كسب مَرضاتهم والتقرّب إليهم.
- الرغبة في الوصول إلى الصّدارة والمنصب.
- الطمع فيما عند الناس، والحرص على الدُّنيا وما فيها.
علاج الرياء
إنّ لعلِاج الرّياء، والسعي إلى تحقيق الإخلاص لله -سُبحانه وتعالى- طرقًا عديدةً، منها:
- مَعرفة أنواع الرياء وأقسامه ودوافعه؛ ممّا يساعد المسلم على الحذر منها وتجنّبها.
- مَعرفة عظمة الله -سُبحانه وتعالى-؛ وذلك عن طَريق مَعرفة أسمائه وصِفاته؛ فإنّ معرفته -تعالى- تدفع المسلم إلى تعظيمه في النفس، واستحضاره عند كلّ عملٍ.
- تذكر خطر الرياء وعواقبه السيئة.
- معرفة الأعمال التي ينفر منها الشيطان، والإكثار منها، مثل: الأذان، وقراءة القرآن، وسجود التلاوة، وغيرها من الأذكار المَشروعة؛ وذلك لتجنّبه وتجنّب وسوسته.
- الإكثار من أعمال الخير والعبادات الخفيّة التي تكون بين العبد والله -تعالى- وحده.
- معرفة ما أعَدّه الله -سبحانه تعالى- يوم القيامة من نعيمٍ للمؤمنين المخلصين له.
خطر الرياء وآثاره
إنّ للرّياء آثارًا خَطيرةً تعود على الفرد والمجتمع، منها ما يأتي:
- يُهدّد الرياء الأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلم؛ وذلك لأنّه يُذهب بركة هذه الأعمال، ويُبطلها، فيكون العمل هباءً، ويضيع ثوابه، قال الله تعالى: (كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
- الرياء سببٌ لعذاب الآخرة؛ فأوّل من تسعّر بهم النار يوم القيامة: قارئ القرآن الذي قرأ القرآن ليُقال عنه قارئ، والمُجاهد الذي قاتل ليُقال عنه شُجاع، والمُتصدّق بماله ليُقال عنه كريم، فهؤلاء لم تكن أعمالهم خالصةً لله -سُبحانه وتعالى- فاستحقّوا العذاب.
- يُورّثُ لصاحبه الذلّ والصّغار والهوان والفضيحة.
- يحرم الرياء صاحبه من ثواب الآخرة.
- يزيد الرياء من الضلال والأمراض الاجتماعية؛ فقد قال الله -سُبحانه وتعالى- عن المنافقين: (يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ).