ما حكم من فاتته صلاة العيد
ما حكم من فاتته صلاة العيد
حكم من فاتته صلاة العيد
تعدّدت آراء الفقهاء في حكم من فاتته صلاة العيد ، وحكم قضائها بعد فواتها، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
- الحنفيَّة والمالكيَّة: ذهب الحنفيَّة والمالكيَّة إلى أنَّ صلاة العيد لا يتمّ قضاؤها بعد فواتها مع الإمام، وذلك لأنَّ وقتها قد فات وانقضى؛ وسبب ذلك أنَّ صلاة العيد تُعدُّ نافلةً من النَّوافل، والنَّوافل لا يتمُّ قضاؤُها، كما أضاف الحنفيَّة أنَّ صلاة العَيد تُعدُّ واحدةً من القُربات التي يُشترط فيها أمورٌ معيَّنة، وهذه الأمورلا تتحقَّق بالمُنفرد، بل تتحقَّق بالجماعة فقط، لذا لا تَجوز صلاتها للمُنفرد وتَصحُّ فقط مع الجماعة.
- فإن استطاع الشَّخص اللَّحاق بإمامٍ آخر في صلاة العيد غير الإمام الأوَّل الذي فَاتته معه الصَّلاة جاز له فعل ذلك، أمَّا إن لم يَجد إماماً آخر وفات وقت صلاة العيد بالكُليَّة فعندها تفوت عليه، ولا يَستطيع قضاءها بعد ذلك.
- الشَّافعية والحنابلة: ولهم قولٌ آخر في المسألة؛ حيث قالوا بأنَّ من تَفوته صلاة العيد مع الإمام يُسنُّ له قضاؤها مُنفرداً، وعلى نفس صفتها الأصليَّة، واستدلّوا على قولهم بجواز القَضاء بفعل الصَّحابي أنس بن مالك -رضيَ الله عنه-، حيث كان يَقضي صلاة العيد بعد أن تَفوته، وتكون عند قضائها على نفس صِفتها الأصليَّة التي تُؤدَّى عليها في وقتها الأصليّ تماماً كما يُفعل حين تُقضى الصَّلوات الأخرى؛ إذ إنَّها تُقضى على شكلها الأوّل وبدون تغيير.
وبناءً على ما تقدَّم نستخلص أنَّ كُلاًّ من الشَّافعية والحنابلة لم يَشترطوا لإقامة صلاة العيد ما يُشترط وجوده في صلاة الجُمعة ، بخلاف الحنفيَّة الذين قالوا باشتراط إقامة صلاة العيد بالشُّروط التي تُقام عليها صلاة الجُمعة، وهذا هو سببُ تعدّد آرائهم في جواز قضاء صلاة العيد أو عدم جوازه؛ فمن اشترط وجود شُروط صلاة الجُمعة في صلاة العيد لم يُجز قضاءها للمُنفرد؛ لعدم تحقُّق الشُّروط في صلاته مُنفرداً، بينما على الطَّرف المُقابل الذي لم يَشترط في صلاة العيد وجود شُروط صلاة الجمعة أجاز للمُنفرد قَضاءها.
وأضاف كُلٌّ من الإمام مالك والأوزاعي في شأن النِّساء اللَّاتي لم يَشهدن صلاة العيد مع الإمام وأَرَدْنَ أداءها في وَقتها في بُيوتهنَّ، فلهُنَّ الصَّلاة مُنفردات ويُكبّرن في الصَّلاة عند أدائها كما يُكبِّر الإمام، وهذا من قَبيل الاستحباب لا الوُجوب. وأمَّا إذا كان الأمر متعلِّقٌ بفوات صلاة العيد عن وَقتها بالكُليَّة لا فقط بأدائها مُنفرداً، فهنا يتَّفق الإمام مالك مع الإمام أبي حنيفة في عدم جَواز قَضائها.
كيفية قضاء صلاة العيد عند من جوّز القضاء
يُستحبُّ قضاء صلاة العيد لِمن فاتته عند القائلين بجواز قضاء صلاة العيد، ويُكون قضاؤها على صِفتها الأصليَّة كقضاء الصَّلوات التي يتمُّ قضاؤها على صِفتها الأصليّة كذلك، وبناءً على ذلك يكون قضاؤها على شَكل ركعتين كصلاة الإمام، ويُكبِّر فيهما المُصلِّي كما يُكبِّر الإمام، وهو مُخيَّرٌ في طريقة قضائها؛ إن شاء صلاَّها صلاة جماعة ، وهذا ما كان يفعله الصَّحابي أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- عند فوات صلاة العيد عنه؛ حيث كان يَقوم بجمع أهله والصَّلاة فيهم جماعةَ، وإن شاء قضاها مُنفرداً.
وقد استدلّ الشافعية في أنّ صلاة العيد تُقضى ركعيتن اثنتين بقول عمر-رضيَ الله عنه-: (صَلاةُ السَّفَرِ رَكعتانِ، وصَلاةُ الأَضحى رَكعتانِ، وصَلاةُ الفِطرِ رَكعتانِ، وصَلاةُ الجُمُعةِ رَكعتانِ، تَمامٌ غَيرُ قَصْرٍ على لِسانِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، ويكون قَضاؤها ركعتين سواءً قضاها المسلم مُنفرداً أم في جماعة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ حُكم صلاة العيد الاستحباب لا الوجوب؛ ممَّا يعني أنَّ من فَاتته صلاة العيد إن شاء قضاها وإن شاء لم يَقضِها، أي أنَّه لا يُلزم بقضائها.
وقت أداء صلاة العيد
أجمع الفقهاء على أنَّ صلاة العيد لا يجوز أداؤها قبل طُلوع الشّمس، كما أنَّه لا يجوز أداؤها حين طلوع الشَّمس، وبذلك يكون أوَّل وقت صلاة العيد عند جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والمالكيَّة والحنابلة عند ارتفاع الشَّمس في السَّماء قدر رُمح، أي بعد طُلوعها لا بمجرد طلوعها، ويكون ذلك بالتَّقدير من خلال رؤية العَين المُجرَّدة، وهو نفس الوقت الذي تجوز فيه صلاة النَّافلة عموماً، وذهب الشَّافعيّة إلى أنَّ وقت صلاة العيد يبدأ من طلوع الشمس لا من ارتفاعها؛ وسبب قوله ذلك بالرُّغم من أنَّ هذا الوقت يُعدُّ من الأوقات التي تُكره فيها الصَّلاة؛ أنَّ صلاة العيد تُعدُّ واحدةً من الصَّلوات المُتعلِّقة بسبب، ولذا لا يُراعى فيها الأوقات التي لا تجوز فيها الصَّلاة، وهذا فيما يتعلَّق بوقت جَوازها عند الشَّافعيّة، أمَّا الوقت المُفضَّل لها فيكون عند ارتفاع الشّمس قدر رُمح كما قال الجُمهور.
وفيما يتعلَّق بآخر وقت صلاة العيد؛ فقال جُمهور الفقهاء أنَّ آخر وقت صلاة العيد يكون عند بِدء زوال الشَّمس -ميلان الشَّمس عن مُنتصف السَّماء-، بينما قال الشَّافعيّة أنَّ آخر وقت لأداء صلاة العيد يكون بزوال الشَّمس، وهذا بخصوص الوقت الذي يَجوز فيه أداء صلاة العيد بالمُطلق، ولكن هناك وقت يُستحب فيه أداء صلاة العيد؛ إذ إنَّه يُستحبُّ تأخيرها عن وقت أدائها -أيّ عن ارتفاع الشَّمس قدر رمح في السَّماء- في صلاة عيد الفِطر، ولا يُستحبُّ تأخيرها عن وقتها في صلاة عيد الأضحى ، وعلَّة ذلك؛ أنَّ صلاة عيد الفطر قد يَسبقها إخراج لزكاة الفِطر لمِن لم يُخرجها بعد، فيؤدِّي هذا إلى إشغال النَّاس بإخراج زكاتهم، فيُستحبُّ عندها تأخير وقت صلاة عيد فطر؛ لإتاحة الفُرصة لهؤلاء للانضمام لصلاة العيد، بينما على الطَّرف المقابل نجد العَكس، فإنَّ صلاة عيد الأضحى يَعُقبها ذبح الأضاحي، ولا يَسبقها شيء كصلاة عيد الفطر، لذا استُحبّ تعجيلها وعدم تأخيرها؛ حتى يتفرَّغ النَّاس لذبح أضاحيهم فور انتهائهم من صلاة العيد.