ما حكم النوم على جنابة
حكم النوم على جنابة
إنّ النوم على جنابة جائز، فعن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنها- فقلت: (كيفَ كانَ يَصْنَعُ في الجَنَابَةِ؟ أكانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أنْ يَنَامَ؟ أمْ يَنَامُ قَبْلَ أنْ يَغْتَسِلَ؟ قالَتْ: كُلُّ ذلكَ قدْ كانَ يَفْعَلُ، رُبَّما اغْتَسَلَ فَنَامَ، ورُبَّما تَوَضَّأَ فَنَامَ)، ففي الأمر سعة ويمكن للجنب النوم دون أن يغتسل ويتطهّر من جنابته، فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يترك الاغتسال من الجنابة قبل النّوم في بعض الأحيان حتّى يُبيّن لأمّته جواز هذا الأمر وتسهيلًا عليهم ولرفع الحرج عنهم، أمّا الاغتسال قبل النوم والنوم على طهارة فأقوى وأقرب للنّظافة.
ما يستحب للجنب قبل النوم
يُستحب للجنب أن يتوضأ قبل أن ينام إن لم يقوم بالاغتسال من الجنابة، فالنّوم على جنابة بدون وضوء مكروه، وقد ذكر العلماء أنّ الكراهة في هذا الموضع كراهة تنزيهيّة، أي أنّ العبد لا يأثم بتركه للوضوء ولكن من المستحب والمسنون له أن يتوضأ قبل النّوم، وقد دلّت الكثير من الأحاديث على استحباب الوضوء قبل النوم للجنب، و فيما يأتي بعض هذه الأحاديث:
- روى البخاريّ عن عائشة -رضيَ الله عنها- قال أبو سلمة: سألت عائشة: (أَكانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَرْقُدُ وهو جُنُبٌ؟ قالَتْ: نَعَمْ ويَتَوَضَّأُ).
- وفي رواية: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ، وهو جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ).
- عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ إذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ، وهو جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، قَبْلَ أنْ يَنَامَ).
- عن عبد الله بن عمر -رضيَ الله عنهما- قال: (ذَكَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لِرَسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّه تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- تَوَضَّأْ واغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ).
- وفي رواية أخرى: (اسْتَفْتَى عُمَرُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أيَنامُ أحَدُنا وهو جُنُبٌ؟ قالَ: نَعَمْ إذا تَوَضَّأَ).
النوم على جنابة وتأثيره على الصيام
يجوز للمسلم أن ينام على جنابة ويُصبح صائمًا ، فقد قال العديد من العلماء إنّ الطهارة من الجنابة ليست شرطًا لصحّة الصيام، ولكن من الضروري للعبد أن يحذر من النوم عن صلاة الفجر ويترك الاغتسال لما بعد طلوع الشمس، فهو يأثم بتركه وتضييعه للصّلاة، أمّا عن صحّة صيامه في هذه الحالة فهو صحيح والله أعلم.
وعن أمّهات المؤمنين عائشة وأمّ سلمة -رضيَ الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ)، ففي فعل الرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أسوة حسنة لأمّته من بعده، وفي تركه للاغتسال لما بعد الفجر وإتمامه للصّيام دليل على جواز هذا الأمر وأنّ الصيام مقبول بإذن الله -تعالى-.
ملخّص المقال: يجوز للمسلم إذا كان جنبًا أن ينام قبل أن يغتسل، ومن المستحب له أن يتوضّأ قبل النّوم إذا لم يغتسل ويتطهّر من الجنابة، أمّا عن تأثير الشروع بالصيام إذا كان العبد لا يزال في حالة جنابة فجائز، ولكن ينبغي للمسلم أن يحرص على الاغتسال والصلاة قبل انتهاء وقت صلاة الفجر حتّى لا تفوته.