ما حكم الطهارة
حكم الطهارة من الحدث
أوجب الإسلام للطّهارة من الحدث الأكبر الغسل، فقال -تعالى-: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) ، أمّا الحدث الأصغر فقد أوجب الإسلام الوضوء للطهارة منه، فقد روى أبو هريرة -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أَحْدَثَ حتى يتوضأَ)، فلا تُقبل الصلاة ممّن عليه حدث أكبر حتى يغتسل.
حكم الطهارة من النجس
يختلف حكم إزالة النّجس عمّن تلبّس به وأصابه بحسب نوع العبادة المراد القيام بها، حيث إنّ هناك بعض العبادات يمكن للمسلم أن يقوم بها وقد تلبّس بالنّجاسة، وذلك مثل ذكر الله؛ فيصح القيام به على غير طهارةٍ وبأيّ حالٍ من الأحوال، بدليل ما روته عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- فقالت: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ).
ويجوز للمراة الحائض أن تخرج مع جموع المسلمين لحضور صلاة العيد، ويُمكنها أن تذكر الله -تعالى-، أمّا الطهارة من النّجاسة فتجب على العبد إن أراد أن يقوم بعبادةٍ تُعدّ الطهارة من واجباتها أو شروطها، وذلك مثل أداء عبادة الصلاة.
حكم الطهارة لبعض العبادات
يحرص المسلم على أن يكون طاهراً حسياً ومعنوياً ؛ لتكون عباداته مقبولة عند الله، فيتخلّص من النّجاسة الحسيّة عن بدنه، وثوبه، ومكانه، وكذلك النّجاسة المعنويّة، كالشّرك، والكفر، والرياء، والغرور، والتكبّر وغيرها من الأخلاق السيّئة، والشرك يشمل النّجاسة الحسيّة والمعنويّة، فالشرك بالله نجسٌ في ذاته معنوياً، والمشرك نجسٌ حسياً بكونه لا يتطهّر من بوله وغائطه، ويأكل النّجاسات كالميتة، والدم ولحم الخنزير.
حكم الطهارة للصلاة
أجمع العلماء على وجوب الطّهارة من الحدث من أجل الصّلاة، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) ، إلى نهاية الآية، ولقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يقبلُ اللَّهُ صلاةً بغيرِ طُهورٍ، ولا صدقةً مِن غُلولٍ)، وتعدّدت الأقوال في الوقت الذي فرض الله فيه الوضوء للصّلاة على النحو الآتي:
- قال ابن الجهم
إنّ الوضوء كان سنةً في بداية الإسلام، ثمّ لمّا نزلت آية التيمّم صار فرضاً.
- قال الجمهور
إنّ الوضوء كان فرضاً منذ البداية، لكنّهم اختلفوا في فرضيته إن كانت على كلّ من أراد الصّلاة بشكلٍ عامٍ، أم على المحدث بشكلٍ خاصٍ، فذهب مجموعة من السلف إلى أنّ الوضوء فرضٌ لكلّ صلاةٍ بدليل الآية، وقال الجمهور إنّ الآية قد نُسخت وأصبح الوضوء لكلّ صلاةٍ من المستحبات، وإنّما المراد من الآية إذا قمتم إلى الصّلاة محدثين، وأجمع العلماء فيما بعد على ذلك.
حكم الطهارة للطواف
استدلّ بعض العلماء على وجوب الطّهارة للطّواف بقول الله -تعالى-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) ، فالقول بأنّ الطّواف يتضمّن الصلاة والذكر، والصّلاة يُشترط لها الطهارة، وعليه فإنّ الطهارة شرطٌ للطواف.
والآية نصّت كذلك على طهارة المكان، فإن كانت طهارة المكان واجبةً، فالأولى طهارة البدن، وردّ البعض على ذلك فقال إنّ اقتران الصّلاة بالطواف لا يلزم من اقتران الحكم فيهما.
واستدلّ بعض العلماء أيضاً بكون الطواف عبادة متعلّقة بالبيت الحرام، وعليه فإنّ الطهارة شرطٌ فيه كما هي شرطٌ بالصّلاة، وقد تلخّصت الأقوال في اشتراط الطّهارة للطواف على النحو الآتي:
- الحنفيّة ورواية عند أحمد بن حنبل
الطّهارة من الحيض ومن الحدث الأصغر واجبةٌ، ويصح الطواف بها وتُجبر بدمٍ.
- المالكيّة والشافعيّة والحنابلة
الطّهارة من الحيض والحدث الأصغر شرطٌ لصحة الطواف.
- ابن تيمية
الطّهارة من الحيض واجبةٌ، ومن الحدث الأصغر سنةٌ.
حكم الطهارة لسجود الشكر والتلاوة
ذهب الجمهور من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى اشتراط الطهارة فيه، كما هي شرط للصّلاة، واستدلّوا بأنّ السجود صلاة، لما روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال: (صَلَّيْتُ مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، فأمَّا المَغْرِبُ والعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ).
وقد أطلق في الحديث لفظ السجود وأراد به الصلاة، ولو لم يكن السجود صلاةً لما أطلق عليه ذلك، فاشترطت الطّهارة فيه كما هي شرطٌ في الصلاة، فوجبت الطهارة له.