ما الفرق بين الموت والوفاة
مفهوم الموت والوفاة
جاءت الآيات القرآنية الكثيرة التي تحدثت عن الموت والوفاة، والتي من خلالها تبين لنا الفرق بينهما، فالموت هو خروج روح الكائن الحي سواء كان إنساناً أو حيواناً أو نباتاً، فكل كائن حي في هذه الأرض له روح تُنتزع فتخرج، ويتوقف بخروجها عنصر الحياة فيه لينتهي الأجل.
أمّا الوفاة، فهي توقف كامل الوظائف والأعضاء في جسم الإنسان بشكل مؤقت أو دائم، وقد وردت هذه اللفظة 34 مرةً في القرآن الكريم.
الفرق بين الموت والوفاة
إنّ الموت يقع مرة واحدة، وهي بخروج الروح دون عودة، أمّا الوفاة فهي أعم من الموت فهناك الوفاة المؤقتة "الصغرى" والتي هي النوم، فإنّ نام الإنسان خرجت روحه من جسده إلى أجل مسمّى، فإن كتب لها العودة عادت وإلا فارقت جسدها، ورحلت عنه للأبد، مصداقاً لقوله تعالى: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
خلال ذلك يكفُّ القلم عن الكتابة حتى تعود الروح، فيبدأ من جديد الكتابة، وهذه هي الوفاة الصغرى، أمّا الموت فيتم بخروج الروح بلا عودة وحينها يتوقّف القلم وينتهي العمل، ومنها أنّ الموت هو للكائنات جميعها، بينما الوفاة للثقلين وحدهما من إنس وجان دون غيرهما؛ لأنّها لا تقع إلّا على من هو مكلف عاقل مسؤول.
الفرق بين المتوفى والميت
هذه حقيقة مهمة تناولها العلماء وأخذوها بعين الاعتبار، هل من تُوفي فمات هو نفسه من مات وتُوفي؟ أم أنّهما يختلفان، هذا وقد وجد العلماء أنّ من تُوفي فهو ميت، غير أنّه ليس كل ميّت متوفى، وإن كان بموته ينقطع عمله، وتطوى صحيفته لكن هنالك بعض الحالات التي لا تتوفى، ويظل القلم يجري لها إلى يوم القيامة.
هذا الأمر بينته أحاديث النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ويعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، وهُنا يتبين لنا جلياً أنّ هنالك الذين استمرت أجورهم تكتب في موازين أعمالهم حتى وإن قُبضوا وفارقوا الحياة الدنيا، فالصدقة الجارية يجري القلم بها طالما هي باقية ينتفع منها أصحابها.
كما أنّ العلم الذي يُنتفع به يستمر أجره ما دامت الناس تستفيد منه، كذلك الولد الصالح هو ذخر لوالديه من بعدهما، دعاؤه جزء من بره لهما الذي يصلهما في قبورهما، وليس هذا فحسب فهنالك أيضاً المرابط في سبيل الله الذي يُنمّى له عمله إلى يوم القيامة كما في الحديث: "كلُّ ميِّتٍ يُختمُ على عملِه إلَّا المرابطَ في سبيلِ اللهِ فإنَّه يُنمَّى له عملُه إلى يومِ القيامةِ، ويؤمنُ من فتنةِ القبرِ".
الموت والوفاة كلاهما سيكونان تذكرة عبور إلى محطتك الأخيرة التي ستُقيم بها ما شاء الله حتى يأذن الله بيوم القيامة، ستُطوى صحافنا وتنتهي أعمارنا، ولا يدوم لنا ولا يثبت إلّا ما قدمنا، فإن خيراً فخيراً وإن شراً فما بعده أشر منه، وترفع الصحائف لتعرض أمام العباد في يوم كثير الشهود عليك، وحينها ستعرض أعمالك عليك وتدرك كم سوّفت وضعيت وفرطت، وقتها ستتمنى لو تعود للدنيا لعلك تعمل.