ما الحكمة من قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

ما الحكمة من قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

الحكمة من قراءة الكهف يوم الجمعة وفضلها

تُقرأ سورة الكهف كلّ يوم جمعة، ولا فرق بين أن تكون قراءتها ليلاً أو نهاراً، ومن قرأها كانت له نوراً بين الجمعتين، كما نُقل عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ)، ولقراءة سورة الكهف فضائل وحِكمٌ عديدة، وفيما يأتي بيانٌ لها بشكلٍ مفصّلٍ:

نزول السكينة والنور يوم القيامة

فقد كان صحابي يقرأ سورة الكهف وفي بيته دابّة؛ فجعلت تضطرب وتتحرّك، فتوجّه بالدعاء إلى ربّه بأن يسلّمه من الدابة، فإذا بسحابة قد غشيته، فروى ذلك لرسول الله، فبيّن له الرسول أنّ القرآن الكريم من أسباب حلول السكينة، أي إن السحابة هي السَّكينة والرحمة، ويقصد بذلك الملائكة، لِذا اضطربت الدابة لرؤيتهم.

وهذا دليلٌ على فضل قراءة القرآن وأنه سببٌ لنزول الرحمات والسكينة وحضور الملائكة، روى الإمام مسلم في صحيحه: (قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وفي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قدْ غَشِيَتْهُ، قالَ: فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: اقْرَأْ فُلَانُ، فإنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ القُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ). وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قرأ سورةَ الكهفِ كانت له نوراً إلى يومِ القيامةِ).

العصمة من المسيح الدجال

إذ إنّ فتنته عظيمة، وما من نبيٍ إلّا وحذّر قومه منه، وقد قيل إنّ العصمة تتحقّق بقراءة أوائل آيات سورة الكهف دون تحديدٍ، وقيل إنّها بأول ثلاث آياتٍ، وقيل تتحقّق بآخر عشرة آيات، وقيل بأول عشرة، ومع ذلك فمن الأفضل أن تُحفظ السورة كاملة وتُقرأ، فإن تعسّر فعشرة أياتٍ من أولها وعشرة من آخرها، وإلّا فالعشرة الأولى فقط، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ).

سبب نزول سورة الكهف

كانت سورة الكهف دليلاً من الأدلة التي جاءت تصديقاً على نبوة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ونزلت سورة الكهف في الوقت الذي عانى فيه أهل مكة من الظلم والقهر، كما بيّنت السورة ما عانى منه أصحاب الكهف، فكانت كالفرج بعد الشدّة.

وورد في سبب نزول سورة الكهف أنّ المشركين أرسلوا رجلين من اليهود إلى الأحبار ليسألوهم عن رأيهم في دعوة محمد، فكان ردّ الأحبار عليهم بأن يسألوا محمداً عن مجموعةٍ من الفتيان، وعن رجلٍ طاف الأرض ووصل مغربها ومشرقها، فنزل الوحي بالرد عن تلك الأسئلة بنزول سورة الكهف.

مقاصد سورة الكهف

تُشير سورة الكهف بموضوعها الرئيسي إلى العقيدة، وما يندرج تحتها من الموضوعات الواجب على كلّ مسلمٍ أن تكون صحيحةً لديه؛ كالإيمان باليوم الآخر وما يتضمّنه من الوعيد للكافرين والوعد للمؤمنين، وتنصّ آياتها على بعضٍ من دلائل البعث.

كما وجّهت السورة مسار الفكر وذلك من خلال عرض مجموعةٍ من الحوارات؛ كحوار أصحاب الكهف مع المشركين من قومهم، وحوارهم فيما بينهم، وحوار صاحب الجنتين مع صاحبه، وحوار موسى مع الخضر، وغيرها من الحوارات الواردة في السورة، كما تتضمن العديد من الفتن؛ كفتنة المال والسلطان والعلم، وقد أشارت السورة إلى:

  • تحسين مستوى الخطاب والوصول فيه إلى مستوى عالٍ كخطاب أصحاب الكهف مع قومهم وخطاب موسى -عليه السلام- مع والخضر.
  • توعية الأئمة وكلّ مَن هو في موضع نظر الناس وقدوتهم إلى ضرورة كفّ النفس عمّا يملك الناس من المال.
  • بيان مكانة الصُحبة الصالحة؛ كما ورد في قصة موسى والخضر، وقصة صاحب الجنتين، وقصة أصحاب الكهف.

القصص الواردة في سورة الكهف ومقاصدها

تضمنت سورة الكهف مجموعة من القصص التي شكّلت بُنية السورة، وهي: قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة آدم وإبليس، وقصة موسى -عليه السلام- مع الخضر، وقصة ذي القرنين، حيث ترابطت هذه القصص فيما بينها ودلّت كلّ واحدةٍ منها على مجموعةٍ من المقاصد والغايات.

قصة أصحاب الكهف

أهل الكهف هم مجموعة من الفتيان لجأوا إلى كهفٍ خوفاً على أنفسهم من الفتنة في دينهم حين رأوا ما عليه قومهم من عبادة الأصنام والأوثان في يوم عيدٍ لهم، ففتح الله على بصيرة الفتيان، وأيقنوا في قرارة أنفسهم أنّ ما عليه قومهم باطلٌ، فتركوا ما عليه قومهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، ولجأوا إلى دعاء الله -تعالى- قائلين: (رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا).

وناموا في الغار ثلاثمئة وتسع سنوات، وتولّى الله حفظهم وكان يقلّبهم يمنةً ويسرةً؛ لئلا تأكل الأرض من أجسادهم، وكانوا في مكانٍ واسعٍ في الغار؛ ليصل الهواء إليهم فلا تبلى أجسادهم بانعدامه، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: (قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف).

فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه، فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق، أمّا عدد الفتية فلا تتحقّق أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال سبحانه: (قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا).

ويتبيّن من قصة أصحاب الكهف الأثر الكبير الذي يعود على الدعوة من باب أمر الشباب بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهم عماد المجتمع، وقد فضّل الله -تعالى- أمّة محمدٍ وميّزها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ). كما أنّ الشباب كانوا أكثر الناس استجابةً لدعوة الله -تعالى- ورسوله؛ ولذلك فقد نالوا الاهتمام الكبير من النبي -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدين من بعده؛ فحين جهّز أبو بكر جيش المسلمين بعد وفاة الرسول جعل الصحابي الشاب أسامة قائداً للجيش رغم وجود عددٍ من كبار الصحابة.

قصة صاحب الجنتين

قصة صاحب الجنتين هي القصة الثانية الواردة في سورة الكهف بعد قصة أصحاب الكهف، وقد بيّنت القصة ما حدث بين رجلين أحدهما مؤمنٌ والآخر كافرٌ، وكان الرجل المؤمن قليل الرزق والمال إلّا أنّه كان راضياً بقضاء الله وقدره، أمّا الكافر فقد منحه الله مزرعتين، وبسط له في الرزق ومتاع الحياة الدنيا، وما ذلك إلّا ابتلاءً واختباراً من الله له.

فأُعجب الكافر بما آتاه الله، وتكبّر على الآخرين، واعتزّ بنفسه وبما يملك، وظنّ أنّ المزرعتين أبديّتان لن تهلكا أبداً، فما كان من صاحبه المؤمن إلّا أن ذكّره بالله تعالى، ودعاه إلى شُكر الله والإيمان به، فرفض الكافر دعوة صاحبه المؤمن، يقول المؤمن لصاحبه: (أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا*لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا)، فعاقب الله -تعالى- الكافر جزاء تكبّره وعناده بإحراق المزرعتين، وندم بعد ذلك على عدم استجابته لدعوة صاحبه المؤمن.

والمحور الأساسي للقصة العقيدة، فقد بيّنت حقيقة الإنسان حين يتملّك من الدنيا الجاه أو المال أو السلطان دون أن يُرجع الفضل إلى الله تعالى، والواجب على المؤمن في مثل تلك المواقف أن يكون ثابتاً على دينه، عالماً أنّ الذي خلقه الله، وأنّ مصيره إليه، فلا ينخدع بما يظهر أمامه من مُلكٍ زائلٍ، ويقوم بحق النعمة التي بين يديه، فيشكر الله عليها.

كما تظهر في قصة صاحب الجنتين سنّة التقابل، ففيها مشهد النمو والازدهار الذي يقابله الدمار والبوار*، فتكبُّر صاحب الجنتين أدّى به إلى الندم، وبيّن الله أنّ مصير الحياة الدنيا إلى زوالٍ، فيقول: (وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا)، وللقصة العديد من الفوائد يُذكر منها:

  • أخذ العظة والعبرة من حال من خدعته الدنيا بما أظهرت له من الملذات، وعدم عصيان الله أو نسيان الآخرة.
  • التكبّر الحاصل عند صاحب الجنتين لا يرجع إلى التحدّث عن نعمة الله؛ وإنّما ذلك من باب الغرور.
  • النعمة التي ينعم الله -تعالى- بها على عباده هي مُلكٌ لله، يؤدي الإنسان حقّها بالشُكر، وإن لم يستخدمها في طاعة الله لا تتحقّق منها أي فائدة، وتكون سبباً في بطلان أعماله.
  • ينعم الله على عباده ليبتليهم وينظر هل يشكرون أم يكفرون.
  • كلّ النعم ما عدا الإسلام والإيمان معرضةٌ للزوال، وهما النعمتان الحقيقيتان وإن كان كلّ ما سواهما قليلاً فكلّه زائل ولا يُفيد يوم القيامة.

قصة آدم وإبليس

قال الله -تعالى- في سورة الكهف: (وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا*ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم وَما كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدًا)، فقد حذّر الله -تعالى- عباده من اتّباع أوامر الشيطان وسلوك طريقه وهو الذي تكبّر ورفض أمر الله له بالسجود لآدم -عليه السلام- تشريفاً وتكريماً له، ثم بيّن الله -تعالى- كمال قدرته وحده في خلق السماوات والأرض، وللقصة العديد من العبر والفوائد يُذكر منها:

  • عِظم فضل آدم -عليه السلام- وتكريم الله -تعالى- له، فقد أمر الملائكة بالسجود له إظهاراً لفضله وإكراماً له، وتجدر الإشارة إلى أن سجود الملائكة لآدم كان عبادةً لله تعالى، لأنه هو الآمر لهم في ذلك.
  • استجابة الملائكة لأمر الله تعالى، فقوله تعالى: (فَسَجَدوا) يدلّ على الفورية، لذا ينبغي على المؤمن أن يسارع لامتثال أمر الله -تبارك وتعالى- في حياته دون تردّد.
  • التكبّر والحسد من الأخلاق السيئة، فقد عصى إبليس ربّه بسبب تكبّره على آدم عليه السلام، وهذا ما أبعده عن رحمة الله تعالى.

قصة موسى مع الخضر

علم موسى -عليه السلام- أنّ هناك رجلاً من عباد الله في مجمع البحرين* آتاه الله من العلم ما لم يؤته لموسى، فأراد موسى -عليه السلام- أن يرحل إليه، وقد اختلفت الروايات في تحديد المكان بعينه، وروى الإمام مسلم أنّ موسى سُئل: (أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقالَ: أَنَا أَعْلَمُ، قالَ فَعَتَبَ اللَّهُ عليه إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ، فأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: أنَّ عَبْداً مِن عِبَادِي بمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هو أَعْلَمُ مِنْكَ)، فطلب موسى من الله أن يلقى الخضر، فأجابه الله وأمره أن يأخذ معه حوتاً، وأخبره بأنّ موضع فَقْد الحوت هو مكان الخضر.

فانطلق موسى ومعه يوشع بن نون، وطلب موسى من يوشع أن يخبره عن المكان الذي يفارقهم فيه الحوت، فنام موسى حينما وصل إلى الصخرة عند مجمع البحرين، وفي الوقت ذاته فارقهم الحوت ولم يوقظ يوشع موسى، ولمّا أفاق موسى نسي يوشع أن يخبره بأمر الحوت، فرجعا باتّباع آثار أقدامهما ليصلا إلى المكان الذي فقدا فيه الحوت، ولقي موسى الخضر فطلب منه أن يصحبه ليتعلّم منه، فردّ عليه الخضر بأنّه لن يملك الصبر على ما سيشاهده منه في القيام بأفعالٍ لا تتفق مع شريعته، فكلٌ من موسى والخضر علّمهما الله علماً مختلفاً عن علم الآخر، فأخبر الخضر موسى أن يصبر على ما سيشاهده، وعلّق موسى صبره على مشيئة الله تعالى، وما ذلك إلّا لشدّة حرصه على طلب العلم.

واشترط الخضر على موسى ألّا يسأله عن شيءٍ حتى يُخبره هو بنفسه، فلمّا انطلقا خرق الخضر السفينة فاعترض موسى على ذلك، فذكّره الخضر بشرطه، وحين وصلا إلى الساحل قتل الخضر غلاماً، فكان اعتراض موسى على ذلك كبيراً، فذكّره الخضر بأنّه أخبره من البداية بأنّه لن يستطيع على الصبر، فوعده موسى بأن يلتزم بالشرط، وبعد ذلك وصلا إلى قريةٍ وطلبا من أهلها الطعام فرفضوا أن يقدّموا لهما طعاماً، ووجدا في القرية جداراً على وشك الانهيار فرفعه الخضر، فقال له موسى لا بدّ أن تحصّل منهم الأجر لشراء الطعام.

فكان هذا الاعتراض هو الفراق بين موسى والخضر، وقبل أن يفارقه أخبره بالحكمة من كلّ فعلٍ قام به، فخرق الخضر السفينة لأنّها كانت لمساكين يعملون عليها وكان هناك مَلكٌ ظالمٌ يستولي على جميع السفن الجيّدة، أمّا الغلام فقتله حتى لا يعذّب والداه؛ لأنّه سيكون كافراً وأبواه مؤمنين، وأمّا الجدار فكان تحته كنزٌ مدفونٌ لغلامين يتيمين في المدينة، فأقامه لكي يحفظ لهما كنزها ويستخرجانه حين يُحسنا التصرّف فيه، وأخبر الخضر موسى أنّ كلّ ما فعله كان بأمرٍ من الله وليس من رأيه. ويُستفاد من قصة موسى مع الخضر العديد من الفوائد يُذكر منها:

  • لم يكن موسى -عليه السلام- متكبّراً مع أنّه رسولٌ، وممّا يدل على ذلك مبادرته للقاء الخضر، وتحمّله للعديد من المشاق في سبيل الوصول إليه.
  • بيان فضل وأهمية الرحلة في طلب العلم، فقد رحل الأنبياء والمرسلين في طلب العلم، كما يستحبّ للعالم أن يتعلّم ممّن هو أرفع منه منزلةً في العلم.
  • الاعتراف بأنّ الله -تعالى- الأكثر علماً.
  • بيان مشروعية خدمة أهل العلم، فقد خدم يوشع موسى أثناء رحلتهما، كما يُشرع التحدّث عن التعب والمشقة دون السخط على أقدار الله تعالى.
  • الحثّ على قبول عذر الناسي وبيان أنّ ذلك من خصال الصالحين.
  • ينبغي على المعلّم أن يصبر على طالبه، فقد صبر موسى على تلميذه حين نسي أن يخبره عن الحوت، وصبر الخضر على موسى في احتجاجاته على ما كان يفعله.
  • يستحبّ قول: "إن شاء الله" لمن أراد القيام بفعلٍ معينٍ بدليل قوله تعالى: (وَلا تَقولَنَّ لِشَيءٍ إِنّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا * إِلّا أَن يَشاءَ اللَّـهُ وَاذكُر رَبَّكَ إِذا نَسيتَ وَقُل عَسى أَن يَهدِيَنِ رَبّي لِأَقرَبَ مِن هـذا رَشَدًا).
  • بيان أهمية إنكار المنكَر بالنسبة للمسلم، كما أنكر موسى على الخضر ما يفعله وحسب أنّه مُنكراً.

قصة ذي القرنين

هذه القصة هي القصة الخامسة من القصص الواردة في سورة الكهف، وفيها أنّ ذا القرنين من الذين مكّنهم الله -تعالى- في الأرض، وأعطاه من الأسباب ما يُعينه على الوصول إلى أقطار الأرض، إلّا أنّ هذه الأسباب لم يذكرها الله في كتابه ولم يذكرها الرسول في سنّته، فقد وصل فيما أعطاه الله إلى موضع غروب الشمس ورآها بأُمّ عينه، ولم يكن بينه وبين الشمس إلّا الماء، ووجد عندها قوماً كافرين.

وقد خيّره الله بين تعذيبهم والإحسان إليهم، فقال: (قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا)، فقسّمهم ذو القرنين إلى قسمين؛ الكافر منهم ينال عقوبته في الدنيا والآخرة، والمؤمن منهم يُحسن له في الدنيا وتكون له الجنة في الآخرة، ثمّ أراد ذو القرنين العودة إلى موضع شروق الشمس، فوجد هناك أناساً لم يكن لهم ستراً من الشمس، وذلك لأن الشمس دائمة عندهم فلا تغرب، أو لعدم وجود مساكن لهم.

ثمّ توجّه إلى الشمال فوجد سدّين قد أُقيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، ووجد من دون السدين قوماً لا يفقهون قوله، ومع ذلك فقد منحه الله القدرة على أن يفقه ما يتكلّمون به، فاشتكوا إليه من فساد يأجوج ومأجوج، وطلبوا منه أن يُقيم سداً بينهم على أن يعينوه ويدفعوا له الأجر، فأقام لهم سدّاً قوياً مانعاً ورفض الأجر، ثمّ توجّه إلى الله بشكره والثناء عليه وأعاد الفضل له، ولهذه القصة مجموعة من الحِكم يُذكر منها:

  • لا حرج من قبول التحدي والدعوة إلى الإسلام، إلّا أنّ على الداعي أن يكون عالماً بالشيء قبل أن يدعو إليه، فقد سأل المشركون الرسول عن خبر ذي القرنين، فقد قال تعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ)، وكان سؤالهم تحدّياً له، فهذا سؤالٌ لا يجيبه سوا نبي، فأنزل الله -سبحانه- آيات من القرآن الكريم تجيبهم على ما سألوا، قال سبحانه: (قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا).
  • يجازي الله عباده على ما فعلوه، فمن عمل صالحاً كانت له الجنة والحسنى، ومن عمل سيئاً كان مصيره العذاب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا * وَأَمّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُ جَزاءً الحُسنى وَسَنَقولُ لَهُ مِن أَمرِنا يُسرًا).
  • من صفات الملك الصالح أن يقدّم كلّ ما يمكنه لمساعدة الناس، ولا يأخذ أجراً على ما يقدّمه، مع عزو الفضل إلى الله تعالى.

________________________________________________

الهامش 
*مجمع البحرين: موضع اجتماعهما.
*بوار: خراب وخسران.
3إسلام
مزيد من المشاركات
ما المقصود بالمهارات في السيرة الذاتية

ما المقصود بالمهارات في السيرة الذاتية

المقصود بالمهارات يُخصّص الجزء في السّيرة الذّاتية المعنون بالمهارات للحديث عن القدرات الخاصة الّتي يتمتّع بها الفرد، والّتي تُشكّل ميزة تدعمه للحصول على الوظيفة الّتي يتقدّم لها، ومن هذا المُنطلق فإن هذه المهارات لا بُد أن تشتمل على القدرات الصّعبة القابلة للقياس مثل: مدى إتقان لغة أجنبيّة، أو الإلمام ببرمجيّات الكومبيوتر، إلى جانب القدرات الأكثر ليونة؛ كالصّبر، والقدرة على إدارة الوقت، وما شابه ذلك، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار إدراج تجارب العمل الّتي تدعم هذه المهارات وتدل على امتلاكها
فوائد الخيار لإزالة سواد تحت العين

فوائد الخيار لإزالة سواد تحت العين

فوائد الخيار لإزالة السواد تحت العين بالرغم من أن مشكلة الهالات السوداء لا يوجد لها حل دائم، إلا أنه يمكن جعل الجلد الذي يحيط بالعين يبدو أفتح بشكل مؤقت، حيثُ إن لون الجلد في هذه المنطقة يتغير عادةً. ويستخدم الخيار لتقليل ظهور الهالات السوداء تحت العين، وذلك لاحتوائه على كمية وفيرة من مضادات الأكسدة مثل افيتكسين، وأورينتين، وكوكوربيتاسينز، والسيلكا، إذ تساعد هذه المركبات على تلاشي الهالات السوداء، كما تساعد على إراحة الأوعية الدموية حول العين وهذا الأمر يساعد على استعادة اللون الطبيعي للمنطقة.
تحقيق الهدف

تحقيق الهدف

كيفية تحقيق الأهداف: خطوات سهلة لذلك وفيما يلي خطوات سهلة وبسيطة يمكن من خلال اتباعها لتحقيق الأهداف بفعالية: تقسيم الأهداف الكبيرة إلى أهداف محددة لا يمكن لأحد تحقيق أحلامه كاملة دفعة واحدة، بل هي رحلة طويلة من إنجاز الأهداف المحددة والمتسلسلة إلى حين الوصول لتحقيق الحلم والطموح كاملاً، وعند تحديد الأهداف ينصح بأن تكون أهدافًا ذكية؛ أي أن تتّسم بعدة صفات وهي؛ التحديد، والقابلية للقياس، والواقعية، والارتباط بزمن محدد لتحقيقها. اختيار أهداف قابلة للتحقيق تعد تلك الخطوة من الخطوات المهمة لتحقيق
ما خصائص الصوت

ما خصائص الصوت

تعريف الصوت الصوت ظاهرة فيزيائية معروفة، وهو عبارة عن سلسة من الموجات والاهتزازات التي تنتقل إلى الأذن عبر الأوساط المادّية، وهي الموادّ الصلبة، والغازية، والسائلة، إلا أنّه لا يتنقل في الفراغ، بل ينتقل عن طريق اهتزاز المادّة حيث ينشأ الصوت جراء اهتزاز الجزيئات، ويتجمّع في الأذن فنسمعه. خصائص الصوت الصوت وسيلة اتصال بين الكائنات الحية حيث تتواصل عن طريق حاسة السمع، والصوت هو ليس فقط ما يخرج من الحنجرة، فقد كان الإنسان قديماً يعتمد على الأدوات التي تُصدر أصواتاً عالية كالطبول والمزامير من أجل
ما هي خصائص الغازات

ما هي خصائص الغازات

كثافة وشكل الغاز تتميز الغازات بانخفاض كثافتها مقارنةً بالمواد الصلبة والسائلة، وهذه الخاصية للغازات تسمح لجُزيئات الغاز بالتحرّك بسرعةٍ، وبشكلٍ عشوائيٍّ، ويكون متوسط المسافة بين الجزيئات كبيراً بما يكفي بحيث أن التفاعلات بين جزيئات الغاز لا تؤثر على الحركة. كما تتميز الغازات بأنها لا تملك شكلاً محدد، أو حجماً محدداً؛ حيث تسمح الحركة العشوائية لجُزيئات الغاز بالتمدّد والتقلّص بما يتناسب مع حجم الوعاء الذي توجد فيه، كما أن الغازات تتمدد وتتقلص تٍبعاً للتغيّر في درجات الحرارة والضغط. الانتشار
أسماء أولاد وردت في القرآن

أسماء أولاد وردت في القرآن

أسماء أولاد وردت في القرآن ورد ذكر خمسة وعشرين نبياً في القرآن الكريم وهم: آدم، ونوح، وموسى، وعيسى ، ومحمّد، واليسع، ويونس، ولوط، ويعقوب، وأيّوب، ويوسف، وهارون، وداود، وسليمان، وذا الكفل، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وشعيب، وهود، وصالح، وإلياس، و زكريّا، ويحيى، وإدريس عليهم الصلاة والسلام جميعاً، وذُكرالصحابيّ الجليل زيد بن حارثة وهو الوحيد الذي ذُكر من بين الصحابة -رضي الله عنهم-، كما ذُكر عِمران والد هارون. حكم تسمية المولود قبل ولادته استنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأمّته أن يطلقوا الاسم
ما فائدة عصير البقدونس

ما فائدة عصير البقدونس

عصير البقدونس تستخدم عشبة البقدونس في تحضير العديد من السلطات ووجبات الطعام، وهي كذلك تستخدم لتزيين أطباق الطعام، ولا يتعدى الأمر ذلك، بل هي تعود على الجسم بالعديد من الفوائد الصحية. فوائد عصير البقدونس منح النفس رائحة منعشة يعد البقدونس معطراً طبيعياً للنفس، فهو يساهم في منح النفس رائحة منعشة وبالتالي إخفاء أي روائح كريهة للنفس، وينصح بتناوله بعد أكل الثوم أو البصل لإزالة الرائحة القوي لها. تعزيز عملية الهضم يساهم البقدونس في تهدئة المعدة، وتسهيل عملية الهضم، وهو كذلك يحتوي على مواد من شأنها
فضائل حفظ القرآن الكريم

فضائل حفظ القرآن الكريم

ما فضائل حفظ القرآن الكريم؟ نَيْل الشفاعة يوم القيامة إذ إنّ الله -تعالى- أكرم حافظ القرآن الكريم بالشفاعة يوم القيامة؛ لِما ورد عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الصِّيامُ والقرآنُ يشفَعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ يقولُ الصِّيامُ أي ربِّ منعتُهُ الطَّعامَ والشَّهواتِ بالنَّهارِ فشفِّعني فيهِ ويقولُ القرآنُ منعتُهُ النَّومَ باللَّيلِ فشفِّعني فيهِ قالَ فَيشفَّعانِ). ارتداء تاج الكرامة فقد أكرم الله -تعالى- أهل القرآن الكريم بلبس تاج الكرامة، وحُلّة