من هو هامان
من هو هامان؟
ذكر الله -تعالى- كلمة هامان في كتابه الكريم، في ستّة مواضع؛ حيث دلّ موضعين منها صراحةً على أنّ هامان كان من حاشية فرعون ، إذ قال الله -جلّ وعلا-:(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا)، وقال في موضع آخر: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ).
وقد تعدّّدت آراء المفسّرين والباحثين في كلمة هامان؛ إن كانت تدلُّ على اسم شخصٍ محدَّدٍ، أم أنّها لقب كان يطلق على وزير الملك أو نائبه؟، فقال بعضهم أنّ هامان لقبٌ لنائب الملك أو وزيره، وليس اسم شخصٍ محدَّدٍ؛ وبذلك فإنّ كلمة هامان يصحَّ أن تطلق على أي نائبٍ عن فرعون، أو مَلِك آخر من ملوك الأرض.
كما ذكر ابن عاشور في التحرير والتنوير: "وأحسب أنّ هامان ليس باسم علمٍ، ولكنّه لقب خِطَّة مثل فرعون وكسرى وقيصر ونجاشي، فالظّاهر أنّ هامان لقب وزير الملك في مصر في ذلك العصر".
ولقد ذُكِر في كتاب "موسى وفرعون" للعالم الفرنسي المسلم "موريس بوكاي"، أنَّ الحجر المصري القديم "حجر رشيد" ، موجودٌ في متحف "هوف" في عاصمة النمسا "فينا"، مكتوبٌ عليه ما هو مُفاده: "أنّ شخصاً اسمه هامان، كان مسؤولاً عن البناء في مصر، وكان مقرباً من فرعون".
منزلة هامان لدى فرعون
ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ هامان كان وزيراً لفرعون، ومنهم ابن كثيرٍ -رحمه الله-؛ إذ فسّر قوله -تعالى-: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ)، بقوله: "أمَرَ وزيره هامان ومدبّر رعيّته، ومُشير دولته أن يوقد له على الطّين"، وقال غيره في عدّة تفسيرات منها: أن يكون لهامان سلطة كسلطة فرعون، وذهب آخرون إلى أنّ هامان كان الوزير الأوّل لفرعون.
هل غرق هامان مع فرعون؟
لم يرد في القرآن الكريم، أو السنّة النبوية المطهرة، نصٌّ صريحٌ يفيد غرق هامان بذاته مع فرعون، إلا أنّه بناءً على ما تقدم من منزلة هامان لدى فرعون، فإنّ هامان كان من أبرز جنود فرعون وحاشيته، بل كان وزيره، فإمّا أنّه كان مع فرعون، يوم تبع نبيّ الله موسى -عليه السلام-، وإما أنَّه لم يكن.
ولقد ذكر القرآن الكريم في العديد من المواضع صراحةً أنّ فرعون غرق مع جنوده كلّهم، ففي تفسير قول الله -تعالى-: (فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ بِجُنودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُم)، أنّ هاء الضمير في الفعل: "فغشيهم"، تعود على فرعون وعلى جنوده كلهم.
وعليه، فإنّه لا يمكننا الجزم بأنّ هامان غرق مع فرعون، إلا إن جزمنا بأنَّه كان أحد جنوده الذين تبعوا موسى -عليه السلام-، وأنّ كلّ جنوده قد غرقوا معه، إلا أنّ الاحتمال يبقى قائماً، بأنَّ جنود فرعون الذين كانوا معه عندما تبع نبيَّ الله موسى-عليه السلام-، ليسوا كلّ جنوده على الإطلاق، وهذا الغالب على الظنَّ.