لماذا سميت سورة التكوير بهذا الاسم؟
سبب تسمية سورة التكوير بهذا الاسم
سُمّيت سورة التكوير بهذا الاسم؛ لأنّ الله -تعالى- ذكر في مطلعها لفظ "كُوّرت" حيث قال الله -تعالى-: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، ولم يثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه هو من سمّاها بهذا الاسم، وهي من السور المكّيّة التي تتحدث عن البعث والجزاء وعن يوم القيامة وأهواله، ويبلغ عدد آيات هذه السورة تسعاً وعشرين آية.
ومعنى التكوير؛ ضم الشيء إلى بعضه وجمعه، وهو كتكوير القماش؛ أي جمعه على بعضه، وقيل إن معنى تكوير الشمس هو ذهاب نورها وإشراقها، فمن أهوال يوم القيامة أنّ الله -تعالى- يجمع الشمس ويكوّرها فيذهب بنورها. وسورة التكوير نزلت بعد سورة المسد، وتضمّنت مجموعةً من المشاهد ليوم القيامة؛ وذلك عندما تفنى الحياة الدنيا كلّها، ويُقلب نظامها، فتتناثر مكونات الكون، وأول الأحداث التي ذكرتها السورة هو تكوير الشمس، وانكماشها، وذهاب ضوئها وإشراقها، وتابعت الآيات بعد ذلك بقية المشاهد.
هل توجد أسماء أخرى لسورة التكوير؟
لا يعد اسم سورة التكوير الاسم الوحيد للسورة الكريمة، وكما أُسلف فإنه لم يثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وإنما ذكرها باسم "إذا الشمس كورت"، وذلك فيما ثبت من حديث ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (من سرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُّ عينٍ فليقرأْ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} و{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} وحسبت أنه قال وسورةَ هودٍ)، وهذا الحديث لا يُعد سببًا في تسميتها بسورة إذا الشمس كورت؛ لأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنما ذكر السور التي تصف يوم القيامة في مطلعها، وقد عُنْوِنت عند البخاري في صحيحه والترمذي والطبري بسورة "إذا الشمس كُوّرت".
سبب نزول سورة التكوير
ورد في نزول سورة التكوير سبب نزول الآية الأخيرة منها، فعندما قال الله -تعالى- في أوآخر السورة: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ* لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ}، قال أبو جهل عند سماعه لذلك: ذاك إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله -تعالى- قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فكان سبب نزول هذه الآية ردًا على استهزاء أبي جهل بالآيات التي سبقتها.
دروس مستفادة من سورة التكوير
يُستقاد من سورة التكوير العديد من الدروس والعبر، منها ما يأتي:
- إنّ يوم القيامة من الحقائق التي لا شك فيها، وهي ثابتة بالقرآن الكريم، وهذا اليوم سيشمل انقلابًا تامًا في نظام الكون.
- إنّ الوحي من عند الله -تعالى-، وهي حقيقة لا ريب فيها، وقد أوحى الله -تعالى- إلى نبيّه بواسطة ملك كريم.
- إنّ الله -تعالى- له قدرة لا حدّ لها، وهو الذي يُصرّف الكون كيف يشاء، وعند مشيئته بيوم القيامة سيبدّل نظام الكون، فقدرة الله -تعالى- لا يستطيع العقل تصورها، وهي فوق طاقته، وفي ذلك اليوم يجزي الله -تعالى- الخلائق بما عملت في الحياة الدنيا.
- إن الحياة الدنيا ما هي إلا دار زوال، وما هي إلا طريق للعبور إلى دار القرار، فإما نعيم مقيم في الجنة، وإما عذاب أليمٌ في النار.
- إن القرآن الكريم كتاب الله -تعالى-، وقد أنزله على نبيه محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة الوحي الأمين وهو جبريل -عليه السلام-، وهو الذكرى التي تركها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بين يدي العباد، فمن أراد طريق الهدى، فالقرآن خير دليل إليه.
مُلخص المقال: سورة التكوير من السور المكيّة التي تناولت أمور البعث والجزاء، وأقامت الدلائل على قدرة الله -تعالى- في هذا الكون، وسُميت سورة التكوير بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- ذكر في أول آية منها تكوير الشمس، وتُسمى أيضًا بسورة إذا الشمس كورت، وتتضمن سورة التكوير إثبات حقائق لا ريب فيها منها: يوم القيامة، والوحي، وقدرة الله -تعالى- في الكون، والتأكيد على أهمية القرآن الكريم وصدقه، وتذكير الناس بأن الحياة ما هي إلا دار فناء.