لماذا خلق الله الخير والشر
الحكمة من خلق الخير والشر
لا ينبغي على الإنسان طرح سؤال لماذا خلق الله الشر أو الاعتراض عليه؛ لأنَّ الله -سبحانه وتعالى- هو الخالق وهو لا يُسأل عما يفعل، بل هو الذي يَسأَل، وأمّا الحكمة من وُجود وخلق الخير والشر فهي كما يأتي:
- الابتلاء والاختبار للمُكلف ؛ حيثُ يرى الله -تعالى- مدى صبره وتحمّله للحياة والتي تقوم على الابتلاء، لِقوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، والبلاء هو امتحانٌ للإنسان في الخير والشر، سواءً أكان البلاء في المال أو الولد، أوغير ذلك.
- تحقيق ثُنائية الكون؛ فالخير لا يُعرف إلا من الشر، فبضدها تتميزُ الأشياءُ، والشر ضروريٌ لتدعيم الخير، والخير والشر وتقلّب الإنسان فيهما من طبيعة الحياة في الدُنيا.
- الشرُ أمرٌ نسبيّ؛ فالأمر الذي قد يراه البعض شراً قد يراهُ آخرون خيراً، فقطعُ يد السارق على سبيل المثال شرٌ له، ولكن فيه خيرٌ للمجتمع لأنَّ فيه ردع للناس من الاعتداء على أموال بعضهم البعض.
- تحقيق المعنى الحقيقيّ للاختبار العادل للمُكلّف؛ فقد بيّن الله -تعالى- للإنسان طريق الخير والشر، وأعطاه الحُرية في الاختيار بينهما.
- الشر يُخرج أجمل ما في النفس الإنسانيّة من خصالٍ حميدة؛ فعند الكوارث تزول الضغائن والأحقاد بين الناس، ويتكاتف المرء مع أخيه.
- الشر ضروريٌ لتحقيق التوازن البيئي الذي أوجده الله -تعالى- لحماية الأرض من الفساد.
- تحقيق الحكمة من استخلاف الإنسان في الأرض ؛ وذلك من خلال تحويل الشر إلى خير، كما أنه وسيلةٌ من وسائل التربية والتأديب؛ كما هو الحال في القصاص والعُقوبات الرادعة، بالإضافة إلى كونه مُقدمةً لما بعده من الخير، وفيه استشعارٌ لنعمة العافية، وفوات الشر عن الإنسان، واستمتاعه بالنعم الحاضرة والعطايا من الله -تعالى-.
- الشر فيه تخويفٌ للعُصاة، وتنبيهٌ للغافلين، كما أنَّ فيه انتفاءٌ لفكرة البديل في الواقع، ليتحول تركيز الإنسان على الدار الآخرة.
- استشعار المؤمن لحلاوة الخير؛ إذ لا يُعرف الخير وحلاوته إلا برؤية الشر، كما هو الحال في التوبة؛ إذ لا يشعر التائب بحلاوة التوبة إلا بوجود الذنب.
- تحقيق معنى العُبوديّة التامة لله -تعالى- ؛ وذلك من خلال اتباع أوامره، والخُضوع لما جاء عنه.
- بيان قُدرة الله -تعالى- وإظهارها على خلق المُتقابلات والمُتضادات، كالخير والشر.
- الشر سببٌ لانشغال المرء بما فيه نفع؛ مثل العلم النافع والعمل الصالح؛ لأن النفس لابد لها من أحد الضدين، فإذا لم تشتغل بالضد النافع الصالح اشتغلت بالضد الضار الفاسد.
مفهوم الخير والشر في الإسلام
للخير والشر مفهوم خاص في الإسلام، نبينه على الوجه الآتي:
مفهوم الخير في الإسلام
يُعرف الخير على أنَّه كُل عملٍ فيه رضا الله -تعالى- وثوابه، كما يدخُل فيه كُل عملٍ يكون وسيلة للترقي في مراتب أحد الكمالات؛ كالكمال الفكري، والخلقي، والسُلوكيّ، والإبداعي، والتعايش الجماعي، كما يشمل الوسائل المُحققة للذات التي لا ضرر فيها ولا اعتداء على حُرمات الله -تعالى-.
كما يشمل مفهوم الخير المنافع التي لا ضرر فيها، أو المنافع التي لا تحتوي على ضرر مساوٍ لها، أو المنافع التي تحتوي على ضرر لكن هذا الضرر لا يكون راجحاً، وكذلك يشمل المصالح التي لا مفاسد فيها، أو المصالح التي لا تتضمن مفاسد مساوية لها أو راجحة عليها، وقد عرف النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- البرَّ والخير على أنَّه كل ما اطمأن إليه القلب والنفس؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (البِرُّ ما اطمأنَّت إليه النفسُ، واطمأنَّ إليه القلبُ)، ويُجمع الخير كُله في دائرة المعروف.
مفهوم الشر في الإسلام
يُعرف الشر على أنه كُل عملٍ فيه سخط الله -تعالى- وعقابه، وكُل وسيلةٍ فيها هُبوط في النقص المُقابل للكمالات في الخير، كما يشمل على كل عمل يكون وسيلة لتحقيق آلامٌ وصعوبات لا طاعة لله -تعالى- فيها، ولا منافع أو مصالح تُرجى منها، وكذلك يشتمل الشر على المضار التي لا تتضمن منافع راجحة عليها، والمفاسد التي لا تتضمن مصالح راجحة عليها.
وقد عرفه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- على أنَّه ما حاك في الصدر والنفس؛ أي لم تشعر الإنسان بالارتياح له والإقبال عليه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (والإثمُ ما حاك في القلبِ، وتردَّد في الصدرِ وإن أفتاك الناسُ وأفتَوْك)، ويُعرف الشر باسم المُنكر.