لماذا حرم أكل الخنزير
حكم أكل الخنزير
أورد القرآن الكريم الكثير من الأحكام الشرعيّة، منها: حُكم أكل لحم الخنزير، حيث قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)، فالمسلم الذي يأكل لحم الخنزير يعد آثماً وعاصٍ لله تعالى، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى من فعله، إن كان أكله متعمداً وعالماً بحرمته علماً مبنياً على الاعتقاد، كما وصف الله تعالى لحم الخنزير في موضعٍ آخر من القرآن الكريم بأنّه رجسٌ؛ والرجس هو النجس، كما ضرب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- المثل في قبح وعظمة ارتكاب بعض الذنوب والمعاصي، وبناءً على ذلك؛ فلحم الخنزير محرّمٌ بأيّ شكلٍ من أشكاله، سواءً أكان مطبوخاً أم غير مطبوخٍ، إلا إذا توقّفت حياة شخصٍ على أكل لحم الخنزير، فيُباح حينها؛ إذ إنّ الضرورات تبيح المحظورات، وذلك في أوقات الشدائد والظروف التي تحلّ بالمرء في الحالات الاستثنائية، ومن الجدير بالذكر أنّ تحريم لحم الخنزير جاء به الإسلام دفعةً واحدةً، ولم يكن الحكم متدرّجاً كحكم تحريم الخمر ؛ وذلك دلالةً على شدّة ضرره وآثاره السلبية على الإنسان، حيث ورد تحريم لحم الخنزير في أربعة مواضع من القرآن الكريم.
الحكمة من تحريم أكل الخنزير
وردت عدّة أحكامٍ في الشريعة الإسلاميّة دون أن يكون لها تعليلٌ ظاهرٌ منصوصٌ عليه، ومن الأحكام التي لم يرد لها تعليلٌ صريحٌ: حرمة أكل لحم الخنزير، إلا أنّ الله تعالى قال بوجهٍ عامٍّ: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، وبما أنّ حكم أكل الخنزير محرّم؛ فإنّه يعدّ من الخبائث التي وردت في الآية السابقة، ويراد بالخبائث؛ كلّ ما يُفسد حياة الإنسان، سواءً أكان الفساد متعلّقاً بالمال أو الصحة أو الأخلاق ، وكذلك كلّ ما يؤثّر سلباً على أيّ ناحيةٍ من نواحي حياة الإنسان، كما أثبتت بعض الدراسات الطبيّة أنّ الإنسان إذا أكل لحم الخنزير، فإنّ ذلك سيؤدي إلى تولّد دودةٍ خطيرةٍ منه في جسم الإنسان، وتحديداً في أمعائه، وقد تصل إلى العضلات، وقد لا يتمّ علاجها منها بالأدوية، وجاء في إحدى الموسوعات الفرنسيّة أنّ تلك الدودة والتي أُطلق عليها اسم (التريشين) تصل إلى قلب الإنسان، وتستقرّ في عضلاته، وخاصةً في منطقة الصدر والحنجرة والعين والحجاب الحاجز.
والواجب على المسلم أن يطيع الله تعالى ويقيم أوامره وفرائضه كما أمر بها، سواءً عرف الحكمة والعلة أم لم يعرف، حيث قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ)، فالله تعالى لا يحرّم من الأمور إلا ما يُلحق الضرر بالإنسان وحياته، فحفظ النفس الإنسانية ضرورةٌ من الضرورات الخمس التي أوجب الإسلام المحافظة عليها، ومن المبادئ التي دعا إليها الإسلام؛ الحفاظ على النظافة بمختلف أشكالها وأنواعها، وربّما يكون سبب تحريم لحم الخنزير؛ أنّه يأكل الأوساخ والقاذورات، حيث نهى الإسلام عن أكل لحم الشاة التي تأكل الأوساخ، إلا أن تحبس وتغذّى من الطعام النظيف، ومن ذلك تحريم الإسلام للدم؛ لأنّه مليءٌ بالجراثيم والبكتيريا، وكذلك تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردّية، كما أنّها لم تذبح على الطريقة الشرعيّة ولم يذكر عليها اسم الله، ومن الأسباب التي ذكرت في تحريم لحم الخنزير؛ أنّه يعدم الغيرة عند الشخص الذي يأكله، حيث إنّ الخنزير لا يغار على أنثاه.
أحكامٌ متعلّقةٌ بالخنزير
بيّن علماء الشريعة الإسلاميّة عدّة أحكامٍ متعلّقةٍ بلحم الخنزير، وبيان بعضها فيما يأتي:
- يحّرم شراء لحم الخنزير وبيعه، كما أنّ المال المتعلّق بلحم الخنزير محرّمٌ، ولا يختلف الحكم إن أكله أهل الكتاب أو الحيوانات من الكلاب وغيرها، ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (إنَّ اللهَ ورسولَه حرَّم بيعَ الخمرِ والمَيتةِ والخِنزيرِ، والأصنامِ)، ونقل الفقيه ابن بطّال -رحمه الله- إجماع العلماء على تحريم شراء وبيع لحم الخنزير، والجدير بالمسلم أن يرغّب غيره بما يرضي الله تعالى ولا يخالف أوامره.
- لا تجوز صناعة الطعام الذي يكون لحم الخنزير أحد مكوناته، وغالباً ما يتعرّض لمثل تلك المواقف من يعمل طباخاً في الفنادق والشركات الأجنبية، فلا يجوز ذلك؛ لأنّه منكرٌ، ولا تجوز المعاونة على المنكر، حيث قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ)، والحكم لا يختلف بالنسبة لغير المسلمين، فلا تجوز معاونة غير المسلمين على ما حرّم الله تعالى.
- لا تختلف نجاسة الخنزير عن غيرها من النجاسات، حيث يكفي غسل الإناء بما يُذهب الأوساخ، ولا تكون الطهارة من نجاسة الخنزير بغسل الإناء سبع مراتٍ إحداهنّ بالتراب.
- اتّفق فقهاء المذاهب الفقهيّة على أنّ الخنزير لا يعدّ من المال المتقوّم شرعاً؛ فالمال في الشرع هو ما نفع في غير الضرورات، والخنزير ليس كذلك؛ إذ إنّه نجس العين، كما أنّ الشرع الإسلاميّ نهى عن بيعه، وإن كان في الخنزير بعض المنافع فهي محرّمةٌ شرعاً، والمعدوم شرعاً كالمعدوم حساً، ومن الأحكام المتعلّقة بلحم الخنزير؛ عدم جواز التواجد في أماكن تواجده، وحرمة صيده كذلك.
- إنّ جلد الخنزير لا يطهر بأيّ حالٍ من الأحوال حتى لو دُبغ، وبناءً على ذلك؛ فالصلاة في اللباس المصنوع من جلد الخنزير لا تصحّ؛ فطهارة الثياب شرطٌ من شروط الصلاة ، وتصحّ الصلاة إن كان المصلّي المرتدي جلد الخنزير جاهلاً بحكم ذلك أو أن يكون ناسياً، ولا تجب عليه إعادة الصلاة.