كيفية صلاة الآيات
كيفيَّة صلاة الآيات
صلاة الآيات؛ هي صلاة الكسوف والخسوف ، ويتمُّ النِّداء لصلاة الآيات في الليل أو النَّهار بقول: ( الصَّلاة جامعة)، مرةً أو أكثر من مرَّة؛ فصلاة الكسوف والخسوف لا يوجد آذانٌ لها ولا إقامةٌ أيضاً، ويُطلق اسم صلاة الآيات على صلاة الكسوف والخسوف؛ لأنَّ الكسوف والخسوف آياتٌ من آيات الله -تعالى- في الكون التي يُستحبُّ للمسلمين الصَّلاة عند وقوعها، واتَّفق الفقهاء على أنَّ صلاة الآيات ركعتان، وتعدّدت الآراء في كيفيَّة أداء صلاة الآيات، فذهب جمهور الفقهاء من الشَّافعيَّة والمالكيَّة والحنابلة إلى القول بأنَّ صلاة الآيات تكون ركعتين وفي كلِّ ركعةٍ يقوم المصلِّي بأداء قيامين، وقراءتين، وركوعين، وسجدتين، بشرط الإطالة بالقيام والقراءة والسُّجود والرُّكوع، وذهب الحنفيَّة إلى القول بأنَّ صلاة الآيات تكون بركعتين وقيامٍ واحدٍ، وقراءةٍ واحدةٍ، وركوع واحدٍ، وسجودٍ واحدٍ.
واستدلَّ جمهور الفقهاء على كيفيَّة صلاة الآيات بما ثبت عن أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (كَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّى بالنَّاسِ، فأطَالَ القِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ، فأطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فأطَالَ القِرَاءَةَ وهي دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ، فأطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ، فَصَنَعَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ قَامَ فَقالَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، ولَكِنَّهُما آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِما عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فَافْزَعُوا إلى الصَّلَاةِ)، وذهب جمهور العلماء إلى القول بجواز أداء صلاة الآيات مثل صلاة النَّافلة ركعتين بقيامٍ واحدٍ، وركوعٍ واحدٍ، وسجودٍ واحدٍ.
يقوم الإمام بالتَّكبير للبدء بصلاة الآيات، ثمَّ يقرأ سورة الفاتحة وسورةً طويلةً جهراً، ثمَّ يركع ويطيل بالرُّكوع، ثمَّ يستقيم فيقرأ سورة الفاتحة وسورةً أقصر من السُّورة التي قرأها في الرَّكعة الأولى، ثمَّ يركع، ثمَّ يرفع من الركوع، ثمَّ يسجد سجدتين، ثمَّ يقوم فيأتي بركعةٍ ثانيةٍ ويفعل بها مثل ما فعل بالرَّكعة الأولى، ثمَّ يتشهَّد ويسلِّم،، وذهب الجمهور إلى القول بعدم مشروعية الخطبة بعد صلاة الآيات، وقال الشَّافعيَّة: يُسنُّ للإمام أن يخطب خطبتين بعد صلاة الآيات، فيعظهم بتقوى الله -تعالى-؛ لأنَّ هذه الآيات تحدث بسبب ذنوب ومعاصي البشر، واتَّفق الفقهاء على أداء صلاة كسوف الشَّمس جماعةً، أمَّا خسوف القمر فبعضهم قال تؤدَّى جماعةً، وبعضهم قال تُصلَّى فرادى، وذهب جمهور العلماء إلى القول بمشروعيَّة الجهر في صلاة خسوف القمر وعدم ذلك في صلاة كسوف الشَّمس، وذهب الإمام أحمد وبعض المالكيَّة إلى القول بمشروعيَّة الجهر بصلاة كسوف الشَّمس.
حكم صلاة الآيات وحكمة مشروعيتها
اتَّفق الفقهاء على مشروعيَّة صلاة الكسوف والخسوف، وذهبوا إلى القول بأنَّها سنَّةٌ مؤكَّدةٌ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فقد قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)، وهي مشروعةٌ في الحَضَر والسَّفَر ، وللرِّجال وللنِّساء، وللصِّغار وللكبار، أمَّا غيرها من الآيات الكونيَّة؛ مثل الزَّلزال، والرِّياح الشَّديدة، والمطر الشَّديد، فبيان أقوال الفقهاء في مشروعية الصلاة فيها فيما يأتي:
- ذهب الحنفيَّة إلى مشروعيَّة الصَّلاة في مثل هذه الآيات؛ لأنَّها من الأهوال.
- ذهب الحنابلة إلى القول بعدم مشروعيَّة الصَّلاة في مثل هذه الآيات إلَّا الزّلازل الشَّديدة المستمرَّة فيُشرع لها صلاةٌ مثل صلاة الكسوف.
- ذهب الشَّافعيَّة إلى القول بعدم سنيَّة الصَّلاة جماعةً في مثل هذه الآيات، ويُستحبُّ أن يصلِّي المسلم في بيته في مثل هذه الأوقات ويتضرَّع لله -تعالى- بالدُّعاء والاستغفار.
- ذهب المالكيَّة إلى القول بعدم مشروعيَّة الصَّلاة في مثل هذه الأوقات مطلقاً.
والحكمة من تشريع صلاة كسوف الشَّمس؛ لأنَّ الشَّمس نعمةٌ عظيمةٌ، جعلها الله -تعالى- في هذا الكون وتفضَّل بها على كل الكائنات، فهي من أعظم النِّعَم وأجلِّها على كلِّ الكائنات، وبدونها تتوقَّف حياة الكائنات، وكسوفها يدلُّ على إمكانيَّة زوالها في أيِّ وقتٍ بمشيئة الله -تعالى-، ويدلُّ أيضاً على قدرة الله -تعالى- في التَّحكُّم بجميع العالم وما يحتويه من كائنات، وتأتي الآيات الكونيَّة لتذكِّرنا بقدرة الله -تعالى- العظيمة في هذا الكون الكبير ومقدرته على إنهائه بلحظةٍ واحدةٍ، فشرِعت الصَّلاة للمسلمين في مثل هذه الآيات الكونيَّة؛ للتَّذلُّل والخضوع لله -تعالى- القويِّ العظيم، الذي بيده ملكوت السَّموات والأرض، والقادر على كلِّ شيء.
وقت صلاة الآيات
يكون وقت صلاة الآيات حال حدوثها، فيصلِّي المسلمون صلاة الكسوف والخسوف عند حدوثهما وينتهي وقتهما بزوالهما، فزوال الكسوف والخسوف سببٌ وغايةٌ للصَّلاة، فإذاً صلاة الكسوف يبدأ وقتها عند بداية الكسوف، وينتهي عند زوال الشَّمس، وكذلك في الخسوف، أمَّا الأوقات المنهيُّ عن أداء الصَّلاة فيها؛ فقد تعدّدت أراء الفقهاء في جواز الصلاة فيها، وبيان ذلك فيما يأتي:
- ذهب الحنفيَّة والحنابلة وبعض المالكيَّة إلى القول بعدم جواز صلاة الآيات في الأوقات المنهيِّ عن أداء الصَّلاة فيها؛ لأنَّ الأدلَّة في تحريم الصَّلاة في الأوقات المنهيِّ عنها جاءت عامَّةً لتشمل النَّهي عن كلِّ الصَّلوات، فلا يجوز أداء أيُّ صلاةٍ في الأوقات المنهيِّ عن أداء الصَّلاة فيها، وفي حال حدوث الكسوف والخسوف في هذه الأوقات؛ فيُستحبُّ الاستغفار والدُّعاء والتَهليل والتَسبيح.
- ذهب الشَّافعيَّة إلى القول بجواز صلاة الكسوف والخسوف في الأوقات المنهيِّ عن الصَّلاة فيها؛ لأنَّ صلاة الكسوف والخسوف لها أسبابٌ، فتُصلَّى في كلِّ الأوقات، حتى في أوقات النَّهيِّ عن الصَّلاة؛ لأنَّها صلواتٌ من ذوات الأسباب التي لا تدخل في النَّهي.
أمَّا إذا اجتمع مع وقت الكسوف والخسوف صلاةٌ أخرى، مثل صلاة الجمعة أو صلاة العيد أو صلاة الوتر ، فإن خشي المسلم فوات الصَّلاة المكتوبة؛ فيقدِّم صلاة الفريضة، ثمَّ صلاة الجنازة، ثمَّ صلاة العيد، ثمَّ صلاة الآيات، وإذا لم يخشَ فوات الصَّلاة المكتوبة؛ قدَّم صلاة الجنازة، ثمَّ صلاة الآيات، ثمَّ الصَّلاة المكتوبة.