كيفية التكبير في الصلاة
كيفية التكبير في الصلاة
صيغة التَّكبير
التكبير في الصلاة له صيغةٌ خاصَّةٌ وهي؛ (الله أكبر)، وقد يُبدِّل بعض النَّاس من العامَّة الهمزة في كلمة أكبر واواً؛ فلا بأس في ذلك وتكبيره يُعدُّ صحيحاً، وتُعتبر تكبيرة الإحرام في الصَّلاة ركناً من أركان الصَّلاة وكيفيَّتها سنَّةٌ، فقد كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يبدأ الصَّلاة بالتَّكبير، حيث ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بالتَّكْبِيرِ)، وروى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مِفتاحُ الصَّلاةِ الطُّهورُ، وتحريمُها التَّكبيرُ، وتحليلُها التَّسليمُ).
واتَّفق الفقهاء على أفضليَّة الإتيان بتكبيرة الإحرام في الصَّلاة مقرونةً بالنِّيَّة، وتعددت آراء الفقهاء في حكم تقديم النِّيَّة على تكبيرة الإحرام في الصَّلاة؛ فذهب الحنفيَّة والحنابلة وبعض المالكيَّة إلى القول بجواز تقديم النِّيَّة على تكبيرة الإحرام في الصَّلاة، فلو نوى مسلمٌ الصَّلاة عند الوضوء ثمَّ ذهب للصَّلاة فوراً دون الانشغال بأمرٍ آخر مثل الشُّرب والأكل وغيرها، فكبَّرَ وصلَّى؛ فصلاته صحيحةٌ بالنيَّة السَّابقة، وذهب الشَّافعيَّة إلى القول بعدم جواز تقديم النيَّة على تكبيرة الإحرام في الصَّلاة، ويجب مقارنة النِّيَّة لتكبيرة الإحرام، وتُعدُّ الصَّلاة باطلةً إذا قام المكلَّف بتأخير النِّيَّة عن تكبيرة الإحرام، أي إذا قام بها بعد تكبيرة الإحرام؛ لأنَّ الصَّلاة عبادةٌ، والعبادة تجب فيها النِّيَّة حتى تكون مقبولةً وصحيحةً.
ويجب على المصلِّي أن يؤدِّي تكبيرة الإحرام قائماً إن كان قادراً على القيام، والقيام يتحقَّق بجعل الظَّهر مستقيماً دون ميلٍ أو عوجٍ، فالانحناء القريب من الرُّكوع لا تصحُّ فيه تكبيرة الإحرام، والأصل أن يؤدِّي المسلم الصَّلاة قائماً، فإن لم يستطع قام بأدائها جالساً، فإن لم يستطع فيؤدِّيها على جنبٍ، فإن لم يستطع قام بأدائها مستلقياً، لحديث عمران بن الحصين -رضي الله عنه-: (كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)، ويجب على المصلِّي أن ينطق بتكبيرة الإحرام فيُسمع نفسه، ويجب أن يؤديِّها باللّغة العربيَّة إذا كان متقناً للُّغة العربيَّة، أمَّا إذا كان غير متقن للّغة العربيَّة فله أن ينطق بالتَّكبير بلغته، وذكر الفقهاء عدَّة شروطٍ لصيغة تكبيرة الإحرام، وهي:
- يجب أن يكون التَّكبير بصيغة: الله أكبر؛ ولا يجوز بأيِّ صيغةٍ أُخرى من صيغ التَّعظيم؛ كقول الله العظيم مثلاً، وهذا عند المالكيَّة والحنابلة والشَّافعيَّة، وذهب الشَّافعية إلى القول بأنَّ الزِّيادة لا تضرُّ في صيغة التَّكبير، مثل قوله: الله أكبر وأجل، وذهب الحنفيَّة إلى القول بأنَّ التَّكبير يصحُّ بكلِّ لفظٍ فيه تعظيمٌ لله -تعالى-، مثل قول المصلِّي: الله الأكبر، الله الكبير، الله أجَل، الرَّحمن أعظم، الرَّحمن أجَل.
- يجب تقديم لفظ الجلالة على لفظ أكبر باتِّفاق الفقهاء.
كيفية رفع اليدين في التَّكبير
اتَّفق الفقهاء على رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وتعدَّدت آراؤهم في المكان الذي تُرفع إليه اليدين، فذهب بعضهم إلى القول برفع اليدين حذو المنكبين -الكتفين-، وقال بعضهم برفع اليدين إلى شحمتي الأذنين، وكذلك قال بعض الفقهاء برفع اليدين عند تكبيرة الانتقال، وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه ويجعل أصابعه ممدوةً إلى حذو منكبيه وتارةً يرفع يديه إلى شمحتي الأذنين، وكان يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام أو قبلها أو بعدها، وذكر بعض العلماء أنَّ تكبيرة الإحرام تكون مقرونةً مع رفع اليدين.
مواضع رفع اليدين في التَّكبير
رفع اليدين عند التَّكبير في الصَّلاة له أربعةُ مواضع، نذكرها فيما يأتي:
- يُستحبُّ رفع اليدين عند القيام بتكبيرة الإحرام ؛ فقد ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ)، فإذا لم يقم بها المصلِّي وداوم على تركها؛ فهو آثم؛ لأنَّه بفعله يترك سنَّةً مؤكَّدَةً عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
- يُستحبُّ رفع اليدين عند قيام المصلي بالتَّكبير للرُّكوع؛ فيرفع يديه حتى يضعهما على ركبتيه.
- يُستحبُّ رفع اليدين عند قيام المصلِّي بالتَّكبير للقيام من الرُّكوع عند قوله: سمع الله لمن حمده، سواء كان إماماً أو منفرداً، وعند قوله: ربَّنا ولك الحمد، إذا كان مأموماً؛ فيرفع يديه ويستمرُّ بالرَّفع حتى يستوي قائماً.
- يُستحبُّ رفع اليدين عند قيام المصلِّي بالانتهاء من التَّشهُّد الأوَّل، فيرفع يديه عند القيام للركعة الثالثة إلى حذو منكبيه أو إلى شحمة أذنيه مثل تكبيرة الإحرام.
هل تبطل الصَّلاة بترك التَّكبير
تُعدُّ تكبيرة الإحرام ركناً من أركان الصَّلاة، فإذا قام المصلِّي بترك تكبيرة الإحرام عامداً أو ناسياً؛ فلا تصحُّ صلاته ولا تنعقد، ويجب عليه إعادتها، فإذا تذكَّر المصلِّي بعد دخوله في الصَّلاة أنَّه نسي تكبيرة الإحرام أو شكَّ بالقيام بها أو بعدم الإتيان بها؛ فعليه أن يقوم بأدائها فوراً، وإدراك ما فاته وإكمال صلاته ثمَّ يسجد سجود السهو آخر الصلاة، فمثلاً لو تذكَّر أنَّه لم يأتِ بتكبيرة الإحرام بعد الرَّكعة الأولى؛ فعندئذٍ يأتِ بتكبيرة الإحرام ويصلِّي ما فاته ويكمل، ثمَّ يسجد للسهو، وإذا كان مأموماً فعليه أن يكمل مع الإمام ثمَّ يأتِ بما فاته بعد تسليم الإمام. ثمَّ يسجد للسهو؛ فمن ترك ركن تكبيرة الإحرام عليه الإتيان به فوراً وإدارك ما فاته من ركعات وإكمال الصَّلاة ثمَّ السجود للسهو قبل التَّسليم.
وذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والشَّافعيَّة والمالكيَّة ووجه عند الحنابلة إلى القول بأنَّ التَّكبيرات داخل الصَّلاة غير تكبيرة الإحرام تعتبر سنَّةً مؤكَّدَةً ؛ فإذا نسي المصلِّي أو ترك التَّكبيرات عمداً داخل الصَّلاة؛ فصلاته صحيحةٌ ولا يجب عليه إعادتها، لكن يُكره ترك التَّكبيرات عمداً، وذهب الحنابلة إلى القول بوجوب التَّكبيرات داخل الصَّلاة، فمن ترك التَّكبيرات عمداً؛ فصلاته باطلةٌ ويجب عليه إعادتها، أمَّا إذا كان ناسياً؛ فيجب عليه إعادة الصَّلاة والسجود للسهو؛ لأنَّ التَّكبرات في الصَّلاة من واجبات الصَّلاة، فقد استمر الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- على القيام بها وأمرنا بالاقتداء به والتَّعلُّم منه، ولأنَّ التَّكبير يعتبر شعار الانتقال من ركنٍ إلى ركنٍ آخر.