كيفية التفريق بين الزوجين بحكم القاضي
كيفية التفريق بين الزوجين بحكم القاضي
يعتبر التّفريق القضائي أحد الصور التي يكون فيها الانفصال جبراً عن الزّوج، وتمكين الزوجة من إنهاء هذه الرابطة بحكم القاضي، في حال لم تفلح الطرق الاختياريّة كالطّلاق أو الخلع، والتفريق قد يكون طلاقاً في حالات عندما يكون لأسباب معيّنة، وقد يكون فسخ للعقد من أساسه في حالات أخرى.
حالات التفريق القضائي بين الزوجين
تتعدّد أسباب التفريق القضائي بين الزّوجين بحسب ما يأتي:
التفريق لعدم الإنفاق
الأصل في الشرع أن يُنفق الزّوج على زوجته، فإن امْتَنَع عن ذلك فإنّه يُفرَّق بينهما بحكم القاضي، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة، واستدلّوا على ذلك بقوله -تعالى-: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا). فإمساكها دون الإنفاق عليها يحقق ضرراً كبيراً لها.
أمّا الحنفيّة فذهبوا إلى عدم جواز التفريق لهذا السبب؛ فالزّوج قد يكون فقيراً بعد أن كان صاحب مال، مستدلّين بقوله -تعالى-: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ)، فإن كان رزقه ضيق فلا ظلم بعدم الإنفاق، ولا يجوز التّفريق.
لكن إن كان صاحب مال وامتنع، هنا يكون ظالماً فيجب رفع ظلمه دون الحاجة إلى التّفريق أيضاً، كبيع ماله مجبراً أو حبسه، فلا يجوز دفع الظّلم بالظّلم، والطّلاق بهذه الصورة يعتبر طلاقاً رجعيّاً؛ فإذا اختفى سبب التفريق حق لزوجها إرجاعها.
التفريق لوجود عيوب أو علل
قسّم الفقهاء العيوب والعلل إلى قسمين:
- عيوب جنسيّة تمنع وقوع الحقّ الشرعي بينهما.
- عيوب لا تمنع وقوع الحق الشرعي، لكنّها منفّرة، ويقع الضرر بسببها، وهذه العيوب منها ما يكون بالنّساء خاصّة، أو بالرّجال خاصّة، ومنها ما يكون مشتركاً بينهما.
وقد اتّفق جمهور الفقهاء على جواز التّفريق بسبب العيوب، لكن اختلفوا في أن يكون حق التّفريق بسبب العيوب خيار للزوجين، وهذا ما ذهب إليه الجمهور، أم يكون خاصّة للزّوجة، وهذا ما ذهب إليه الحنفيّة؛ معلّلين ذلك بأنّ الزّوج يستطيع دفع الضّرر عنه بالطّلاق، وقال الجمهور هو حقّ للزوجين؛ لأنّ كلا الطرفين يكون متضرّراً.
وبالتّفريق يُعفى الرّجل من نصف المهر إذا كان التفريق قبل الدّخول، أما بعد الدّخول فيكون إرجاع المهر بالاتّفاق بينهما، وقد تعدّدت آراء الفقهاء في نوع الطّلاق في حال التفريق للعيب؛ فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه طلاق بائن، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى كونه فسخ للعقد.
وفيما يأتي تفصيل بالعيوب الخاصّة بالرّجال والنّساء والتي يجوز فيها التفريق:
- العيوب الخاصة بالرجال: الجَبُّ، وهو قطع الذّكر كاملاً، فإن كانت الزّوجة لا تعلم بهذا قبل العقد يجوز لها الفسخ، أو العنَّة: وهي العجز عن إتيان الزّوجة مع سلامة العضو، فيحق فيه التفريق لامتناع حصول المتعة، أو الخصاء: وهو قطع جزء من الذّكر، ويجوز فيه التّفريق أيضاً.
- العيوب الخاصة بالنساء: الرَّتق: وهو انسداد مكان النكاح؛ لضيق العظم، أو زيادة اللحم، أو القَرَن أو العَفَل: وهو وجود شيء ظاهر مكان النّكاح يمتنع فيه الإتيان، والإفضاء: وهو اختلاط مسلك النكاح بمسلك البول أو بمسلك الغائط، واتّفق الجمهور في جواز التّفريق بسبب هذه العيوب لضياع حقّ الرّجل في زوجته.
التفريق للشقاق
الشّقاق يعني النّزاع، سواء أكان من أحد الزّوجين أو من كليهما، وحكم الطّلاق بهذه الحالة طلاق بائن إن وقع بخلع، فإذا امتنع الإصلاح بينهما، أُجيز إرسال حكَمين من أهلهما؛ لحلّ النّزاع بينهما، ومحاولة الإصلاح، وإزالة سبب الفرقة بينهما.
قال الله -تعالى-: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)، فإن عجزا عن ذلك لتحكّم الخلاف، وقع التفريق بينهما، وإن اختلفا رُفعا إلى القاضي، فإمّا أن يُرسل حكمين آخرين، أو ينظر في أمرهما.
التفريق لغيبة الزوج
إذا غاب الزّوج عن زوجته؛ كان لها حقّ التّفريق لمنع الضّرر عنها، وقد اشتُرط في الغيبة ما يأتي:
- أن تكون لعذر غير مقبول.
- أن يكون في بلد آخر غير بلد الزّوجة.
- أن تمر سنة كاملة على تضرّر الزّوجة، فتحصل لها الوحشة.
فهنا يجوز لها التّفريق، ويكون حكم الطّلاق بحسب الضّرر الواقع عليها، فإمّا بسبب عدم الإنفاق فيكون طلاقاً رجعيّاً، أو لحقّها الشّرعي في الفراش فيكون فسخ للعقد.
التفريق لحبس الزوج
إذا حُكم على الزّوج بالحبس؛ كان للزّوجة حق في طلب التّفريق، بشرط أن تكون مدّة الحبس ثلاث سنوات فأكثر، وأن تمضي سنة كاملة على حبسه، فيحقّ لها إثبات ذلك، وطلب الفرقة، ويكون الطّلاق في هذه الحالة طلاقاً بائناً؛ لوقوع الضّرر عليها في هذه المدّة.