كيف يموت ملك الموت
كيف يموت ملك الموت
الملائكة يَموتون كما يَموت جميع الخلق من الإنس والجن وغيرهم من المخلوقات والكائنات؛ حيثُ جاء ذلك صريحاً وواضحاً في قوله سبحانه وتعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُون)، فالملائكة الكرام تشملهم هذه الآية؛ لأنهم في السماء.
فإنّ الموت يحدث في النفخة الثانية والمُسمّاة بنفخة الصّعق، وفي هذه النفخة يموت جميع الأحياء من أهل السماوات والأرض، إلّا من كتب الله سبحانه له البقاء، وبعد ذلك يَقبض أرواح الباقين.
ويَكون آخر من يَموت من الخلائق هو ملك الموت، بعد أن يقول الله له مت؛ فيموت، وينفرد بالحياة الحي القيوم سبحانه؛ الذي كان أولاً والباقي آخراً بعد موت جميع الخلق؛ فيتّصف سبحانه بالديمومة والبقاء، ويقول سبحانه: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)، ثم يجيب الله عز وجل نفسه بنفسه فيقول: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).
مصير الملائكة بعد يوم القيامة
لقد ورد أكثر من دليل في القرآن الكريم عن حياة الملائكة بعد الحساب، كالحوارات التي تدور بين الملائكة وأهل النار، مثل قوله -تعالى-: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ)، ومثل الحوارات بين أهل الجنة والملائكة؛ كقوله -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).
عِظَم خلق الملائكة
لقد ورد وصف لعظم خلق الملائكة في قوله -تعالى- في سورة التحريم: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون).
ومما يدل على عظم خلق الملائكة؛ وصف النبي لهم؛ فلقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- جبريل -عليه السلام مرتين، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّه رأى جبريلَ لهُ ستُّمائةِ جناحٍ).
ومن الملائكة الكرام الذين شاهدهم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حَمَلة عرش الرحمن؛ فعن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ اللهِ من حملةِ العرشِ، فقال: إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ).
أعداد الملائكة الكرام
الملائكة الكرام خلقٌ كثيرُ العدد، ولا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى؛ فهو لم يُعلِم البشر بعددهم، وهو سبحانه المُتَفرِّد بهذا العلم، قال -تعالى- في سورة المدثر: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ)، أمّا كثرتهم؛ فيتَّضِح من خلال قول جبريل -عليه السلام- عن البيت المعمور عندما سأله النبي -عليه الصلاة والسلام- عنه: (فقلتُ: يا جبريلُ! ما هذا؟ قال: هذا البيتُ المعمورُ، يدخلُهُ كلَّ يومٍ سبعون ألفَ ملكٍ، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخرَ ما عليهم ).
وعن عبد الله أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (يؤتَى بجَهنَّمَ يومئذٍ لَها سبعونَ ألفَ زمامٍ، معَ كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ ملَكٍ يجرُّونَها)، فعلى هذا القول فإن الذين يأتون بجهنم -والعياذ بالله- يوم القيامة عددهم أربعةُ ملياراتٍ وتسعمئة مليون ملك.