كيف يكون عذاب القبر
كيف يكون عذاب القبر
إنّ عذاب القبر ثابت في القرآن والسنة والإجماع، فقد قال -تعالى-: (سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)، قال ابن جريج: عذاب في الدنيا، وعذاب في القبر ثم يردون إلى عذاب النار.
وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من عذاب القبر بعد كل صلاة فيقول: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ، ومِنْ عَذَابِ النَّارِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ).
ومن أنواع عذاب القبر:
- ضرب بمطراق؛ إما أن يكون من حديد أو غيره.
- تسليط الحيات والعقارب.
- رض رأس الميت بحجر، أو شق شدقه.
- تضييق القبر على الميت حتى تختلف فيه أضلاعه.
أسباب عذاب القبر
إنّ أسباب عذاب القبر كثيرة، نذكر منها:
- الكفر والإشراك بالله، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (وأَمَّا الكَافِرُ أوِ المُنَافِقُ فيَقولُ: لا أدْرِي، كُنْتُ أقُولُ ما يقولُ النَّاسُ، فيُقَالُ: لا دَرَيْتَ ولَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بمِطْرَقَةٍ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً بيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَن يَلِيهِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ).
- إضاعة أوامر الله، وارتكاب الكبائر؛ كالزنا والربا، فعن سمرة بن جندب قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّه قالَ ذاتَ غَداةٍ: إنَّه أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ.. وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفَاهُ، ومَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ، وعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فإنَّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وأَمَّا الرِّجَالُ والنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ في مِثْلِ بنَاءِ التَّنُّورِ، فإنَّهُمُ الزُّنَاةُ والزَّوَانِي، وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه يَسْبَحُ في النَّهَرِ ويُلْقَمُ الحَجَرَ، فإنَّه آكِلُ الرِّبَا).
- عذاب الذي يأخذ القرآن ويرفضه، و النائم عن الصلاة المكتوبة ، قال -صلى الله عليه وسلم-: (..الرَّجُلُ الأوَّلُ الذي أتَيْتَ عليه يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنَّه الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ويَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ..).
- عدم الاستتار من البول، والنميمة، فعن ابن عباس قال: (مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى قَبْرَيْنِ فَقالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ وما يُعَذَّبَانِ مِن كَبِيرٍ ثُمَّ قالَ: بَلَى أمَّا أحَدُهُما فَكانَ يَسْعَى بالنَّمِيمَةِ، وأَمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ).
- ترك الاستبراء من البول، و النميمة ؛ فهناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أكثر عذاب القبر منهما، مَرَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَبْرَينِ جديدين فقال: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا الآخَر فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَة).
- النواح على الميت؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (..إنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابًا ببُكَاءِ أَهْلِهِ عليه..)،
أسباب النجاة من عذاب القبر
ومن الأسباب التي تحقق النجاة من عذاب القبر ما يأتي:
• قراءة سورة تبارك قبل النوم ، فهي منجية من عذاب القبر، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ سورَةً مِن القُرآنِ، ثَلاثون آيَةً، شفَعَت لِرَجُلٍ حتى غُفِرَ له، وهي: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ}).
• الموت مرابطاً في سبيل الله، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ ميِّتٍ يُختَمُ على عملِهِ إلَّا الَّذي ماتَ مرابطًا في سبيلِ اللَّهِ فإنَّهُ ينمي لَهُ عملُهُ إلى يومِ القيامةِ ويأمَنُ فتنةِ القبرِ وسمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ المجاهدُ من جاهدَ نفسَهُ).
- الصدقة، فقد جاء في الحديث: (إنَّ الصدَقةَ لَتُطْفئُ حَرَّ القُبورِ، وإنَّما يَستظِلُّ المؤْمِنُ يَومَ القيامةِ في ظِلِّ صدَقَتِه).
- الأعمال الصالحة ؛ كالصلاة والصيام وقراءة القرآن والزكاة، ففي الحديث: (إنَّ الميِّتَ إذا وُضِع في قبرِه إنَّه يسمَعُ خَفْقَ نعالِهم حينَ يولُّونَ عنه فإنْ كان مؤمنًا كانتِ الصَّلاةُ عندَ رأسِه وكان الصِّيامُ عن يمينِه وكانتِ الزَّكاةُ عن شِمالِه وكان فعلُ الخيراتِ مِن الصَّدقةِ والصِّلةِ والمعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ عندَ رِجْلَيْهِ...).
وهكذا فإن الإنسان لن ينفعه سوى عمله فهو الذي سينجيه من العذاب، وما سوى ذلك فهو حجة له لا عليه، وكل صغيرة وكبيرة ستعرض عليه يوم القيامة؛ وينعم أو يعذب في قبره، والله أعلم بما في الصدور، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فاللهم أجرنا من عذاب القبر ونسألك يا الله العفو والعافية.