كيف يحصن الإنسان نفسه
كيفية تحصين النفس
يحتاج الإنسان إلى الشُّعور بالاطمئنان على نفسه أو ذريَّته أو أمواله، فيحمي نفسه بالعلاج أو بالابتعاد عن الخطر، وهناك طريق أرشدنا إليه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- كذلك لتحصين النَّفس عن طريق بعض العبادات والأذكار الثَّابتة المشروعة التي تساعد على الحصول على الطمأنينة، علماً بأنَّ تحصين النَّفس من المسائل التي كانت قبل الإسلام وجاء الإسلام فنظَّمها.
وفي الشريعة الإسلاميَّة هناك بعض الطُّرق التي يستطيع الإنسان أن يحصِّن بها نفسه، وهي كما يأتي:
قراءة القرآن الكريم
يقول الله -تعالى- في وصف القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ)، فالمحافظة على قراءة القرآن الكريم تعدُّ شفاءً لما في الصُّدور من كل ضيقٍ أو كربٍ، وشفاءً من الضَّلالة وهداية من فاسد العقائد.
كما أن لبعض سور القرآن الكريم فضلٌ خاصٌ في تحصين النَّفس، وقد ثبت ذلك عن النَّبيِّ -عليه الصلاة والسلام-، ومنها قراءة سورة البقرة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في فضلها في تحصين البيت من الشَّيطان: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ)، فقراءة سورة البقرة تحصن البيت والنفس من شرِّ الشَّيطان ووسوسته.
ومن السور القرآنية التي تحصّن بها النَّفس قراءة المعوذتين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، المُعَوِّذَتَيْنِ)، ولفضلهما في التَّحصين يقول أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ من الجانِّ، وعَينِ الإنسانِ، حتى نزلت المعَوِّذتانِ، فلمَّا نزلت أخذ بهما وتَرَك ما سِواهما).
المحافظة على الأذكار المسنونة
تغطّي الأذكار المسنونة ساعات الَّليل والنَّهار، ومن أراد أن يحصِّن نفسه فعليه أن يحافظ على هذه الأذكار المسنونة، ومنها أذكار الصباح وأذكار المساء، ومن فضائلها ما يأتي:
- إنَّ المحافظة على الأذكار المسنونة تبقي العبد في حالة ذكرٍ متواصلٍ مع الله -تعالى-، وهذا يعني أنَّ المسلم يحصِّن نفسه في كلِّ وقت.
- إنَّ المحافظة على الأذكار المسنونة تزيد إيمان العبد وتبقيه على صلة ٍمع ربِّه بغضِّ النَّظر عن حالة العبد من رضاً أو سخط.
- إنَّ هذه الأذكار فيها شكرٌ متواصلٌ من العبد لله -تعالى- على تجدُّد النِّعمة عليه في الأكل والشرب والنوم واليقظة وغيرها.
- إنَّ المحافظة على الأذكار فيه تجديدٌ للإخلاص لله -تعالى- بنسبة الفضل إليه في كلِّ شؤون حياتنا في اليوم والَّليلة.
- إنَّ الأذكار المسنونة تجدِّد الزجر للإنسان في حال ضعفت نفسه أو أقدمت على معصية.
الرقية الشرعية
الرقية الشَّرعيَّة مجموعةٌ من الآيات القرآنيَّة والأذكار النَّبويَّة الصَّحيحة التي جعلها الله -تعالى- دواءً لما يصيب الإنسان من الداء في الجسد أو في النفس، وتكون الرقية الشرعيَّة بعد وقوع البلاء، ومثال ذلك: تصويب النَّبيِّ -صلى الله عيه وسلم- رقية الملدوغ بقراءة الفاتحة عليه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للراقي: (وما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أصَبْتُمْ).
وتكون الرُّقية عند النَّوم بقراءة آية الكرسي التي تعدُّ تحصيناً للإنسان حتى يصبح، لقول النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة في الفضل الذي سمعه من الشَّيطان عن فضل آية الكرسي وهو: "إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزالَ معكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقْرَبُكَ شيطانٌ حتَّى تُصْبِحَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (صَدَقَكَ وهو كَذُوبٌ، ذاكَ شيطانٌ)".
وتكون الرقية الشَّرعيَّة بالدُّعاء، وقد تكون قبل وقوع البلاء؛ مثل الدُّعاء بالحفظ عند دخول قريةٍ أو منزلٍ جديدٍ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَزَلَ مَنْزِلًا، ثُمَّ قالَ: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شيءٌ، حتَّى يَرْتَحِلَ مِن مَنْزِلِهِ ذلكَ).
وتكون الرقية بالمسح باليمين، لقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ، يَمْسَحُهُ بيَمِينِهِ: أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، واشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).
التحصين بالإخلاص لله وحفظ حدوده
يقول -صلى الله عليه وسلم-: (احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ)، فمن حصَّن نفسه بالإخلاص لله -تعالى- فلا يستعين إلَّا به ولا يلجأ إلَّا له، فهو يحصِّن نفسه بمعرفة الله -تعالى- بأسمائه وصفاته.
ومن حصَّن نفسه بغير الله -تعالى- خُذِل وانتكس، ومن حفظ حدود الله -تعالى- وعمل بما أمر الله -تعالى- وانتهى عمّا نهى عنه الله -تعالى-، فعندها يحفظه الله -عزَّ وجل- من الشبهات والأهواء، ومن كيد الإنس والجن، ويحفظ في ماله وولده وعافيته.
الدعاء واللجوء إلى الله
يحرص المسلم على تحصين نفسه من بداية يومه إلى نهايته، وذلك بالالتزام بما ثبت من الأدعية التي يلجأ بها المسلم إلى الله -تعالى- ليحصنه ، ومنها ما يأتي:
- دعاء الله -تعالى- إذا تقلب المسلم في نومه ليلاً
لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ له، فإنْ تَوَضَّأَ وصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ).
- دعاء الله -تعالى- إذا استيقظ من النوم
حيث يدعو قائلاً: (الحمدُ للهِ الذي عافَانِي في جسَدِي ورَدَّ علَيَّ روحي وأذِنَ لِي بذِكْرِهِ).
- دعاء إذا دخل في الصلاة
لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِن خَطَايَايَ كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِن خَطَايَايَ بالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ).