كيف يتم عقد الزواج الشرعي
كيف يتم عقد الزواج الشرعي
تبدأ مراسم عقد الزواج بتعرُّف الشاب على الفتاة ويستحب في الإسلام أن ينظر الخاطب لمن يخطبها؛ لتحصيل القبول بينهما، فإن لم يوجد مانع من الارتباط يتقدم الخاطب لطلب مخطوبته من ولي أمرها.
ولا يشترط مكان معين لإجراء العقد فيه فيمكن أن يكون في المحكمة الشرعية أو في المنزل أو غيرها، ويكون العقد بأن يقول ولي الزوجة للزوج: زوّجتك ابنتي، ثم يرد عليه الزوج بقوله: قبلت، ويكون ذلك بحضور شاهدين، ويُكتب العقد بطرق مختلفة تبعاً للأعراف والقوانين المتبعة في كل دولة.
أركان عقد الزواج في الإسلام
تتفقّ المذاهب الفقهية الأربعة في تحديد بعض أركان عقد الزواج وتفترق في بعضها الآخر، وبيان ذلك فيما يأتي:
- الحنفية
ركن عقد الزواج الصيغة فقط، ويُقصد بها الإيجاب والقبول.
- المالكية
أركان الزواج هي: الولي، والصيغة، والزوج والزوجة.
- الشافعية
الأركان خمسةٌ، وهي: الشاهدان، والولي، والصيغة، والزوج والزوجة.
- الحنابلة
أركان الزواج : الإيجاب والقبول، والزوج والزوجة.
الصيغة (الإيجاب والقبول)
يُقصد بالإيجاب الطلب الذي يقدّمه أحد طرفي العقد للآخر مع بيان الشروط وجميع التفاصيل، أمّا القبول فهو ردّ الطرف الآخر على طلب الطرف الأول دون تعديل أو تغيير في الطلب أو الشروط، ويُعبّر عن لفظي الإيجاب والقبول باللفظ سواءً بالكتابة أو المشافهة أو بكليهما معاً.
ويعبّر عنه بالإشارة أيضاً أو بالرسائل في حال غياب وبُعد أطراف العقد عن بعضهما، وللفقهاء في هذه المسألة تفصيل، وخلاصة ما ذهبوا إليه فيما يأتي:
- الرأي الأول (الجمهور)
ذهب جمهور العلماء من المالكية والحنابلة والشافعية إلى القول بأنّ الإيجاب هو القول الصادر من المالك سواءً صرّح بقوله أولاً أو ثانياً؛ كالبائع والزوجة، أمّا القبول فهو القول الصادر ممّن سيتملّك سواءً صدر قوله أولاً أم ثانياً؛ كالمشتري والزوج.
- الرأي الثاني (الحنفية)
ذهب الحنفية إلى اعتبار أنّ الإيجاب هو ما يصدر من الطرف الأول، والقبول هو ما يصدر من الطرف الثاني.
اتفق الفقهاء على انعقاد الزواج بلفظي التزويج والإنكاح؛ إذ إنّهما يدلان بشكلٍ صريحٍ على إرادة وقصد الزواج والنكاح، ويدلان على الزواج فقط دون إرادة غيره، إلّا أنّ الفقهاء اختلفت آرائهم في الألفاظ الأخرى غير لفظي التزويج والإنكاح في انعقاد الزواج بهما، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، وبيانها فيما يأتي:
- القول الأول (الحنابلة والشافعية)
صرّحوا بأنّ عقد الزواج لا يتمّ إلّا بلفظي الإنكاح والتزويج، وغيرها من الألفاظ لا تدل دلالةً واضحةً على النكاح والزواج.
- القول الثاني (الإمام أبو حنيفة)
قال بأنّ عقد الزواج أو النكاح يتمّ بأي لفظٍ يدل على التمليك، مثل: الهبة والتمليك والصدقة والبيع والشراء.
- القول الثالث (الإمام مالك)
ذهب الإمام مالك إلى القول بأنّ الزواج يتم بلفظ الهبة إلّا أنه اشترط تحديد المهر؛ ليدلّ على إرادة وقصد النكاح أو الزواج.
الوليّ
الوليّ في اللغة يُقصد به الدّنو والقُرب، أمّا الوليّ في الاصطلاح فمأخوذٌ من الولاية التي يقصد بها تنفيذ الأمر أو القول، ويُقصد بولي المرأة في عقد النكاح مَن يتولّى أمر عقد الزواج عنها.
ومن أحق الناس بولاية أمر المرأة في الزواج والدها ثمّ والد والدها وإن علت منزلته، ثمّ ابنها ثمّ ابن ابنها وإن نزل، ثمّ الأخ الشقيق ثمّ الأخ من الأب ثمّ أبناءهم مهما كانت منزلتهم، ثمّ الأعمام.
ومن الجدير بالذكر أنّه يشترط في الولي أن يكون عاقلاً بالغاً عدلاً، وإن لم تتحقق تلك الشروط في الولي فإنّها تنتقل لمن بعده، وإن لم تتحقق في جميع الأولياء فيكون القاضي ولي الزوجة، والدليل في ذلك قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (السلطانُ وليُّ منْ لا وليَّ لهُ).
العاقدان
العاقدان في عقد الزواج هما الزوج أو نائبه وولي المرأة أو من أوكله بمهمة الولاية، ولا يُقبل من المرأة في عقد الزواج أن تزوّج نفسها بنفسها سواءً بإذن الولي أم بغير إذنه.
الشهود
الشهود في اللغة جمعٌ لشاهد، وهو العالم والمبيّن لأمرٍ ما، والشهادة اصطلاحاً يُقصد بها الإخبار والإعلام بأمرٍ ما أو حضوره، والشهادة في عقد النكاح ضرورةٌ للحكم على العقد بالصحة وقد يحتاج إليها في مجلس القضاء في أحوالٍ معينةٍ، ويشترط في شهود عقد النكاح عدّة شروطٍ باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، وهي:
- البلوغ؛ إذ إنّ الصبي لا يمكن أن يكون من أهل الشهادة.
- العقل؛ ففاقد العقل ليس من أهل الشهادة.
- الإسلام؛ ذلك إن كان كلا الزوجين مسلمين.
- السمع؛ فلا تُقبل شهادة الأصم.
الزواج في الإسلام
يُطلق الزوج في اللغة على كلّ شيءٍ يوجد له قرين، فكلّ شيئين بينهما اقترانٌ أو ارتباطٌ فهما زوجان، والزواج: اقتران الشيء بالآخر، ويُقصد بالزواج لغةً ضمّ الشيء إلى الشيء، ويُطلق لفظ القِران كذلك على الزواج، ويعني لغةً الجمع.
أما عقد القران شرعاً فهو الجمع بين الزوجين بالزواج، ومن الألفاظ التي تدلّ على معنى الزواج : النكاح، ويقصد به في اللغة: عقد الرجل على المرأة سواءً أكان بدخولٍ أم لا، أمّا المقصود بالنكاح اصطلاحاً فقد تعدّدت آراء أهل العلم في ذلك إلى أقوالٍ عدّةٍ، وهي:
- الحنفية
عقدٌ يُقصد به تمتع الرجل بأنثى تحلّ له شرعاً قصداً وعمداً، دون وجود سببٍ يمنع الرجل من ذلك.
- المالكية
عقدٌ يبيح للرجل التمتع بأنثى بشروطٍ وخصائص معينةٍ وبصيغةٍ دالةٍ عليه.
- الشافعية
عقدٌ يتضمن للرجل إباحة وطء امرأةٍ بلفظ الإنكاح أو التزويج والألفاظ المترجمة على ذلك.
- الحنابلة
عقد تزويجٍ ينعقد بلفظ التزويج أو النكاح أو ترجمتهما.
حكم الزواج في الإسلام
شُرع الزواج في كتاب الله وسنة نبيّه محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- والإجماع، فقد جاء في قوله -تعالى-: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ)، وقال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ).
وذكر بعض الفقهاء أنّ الزواج كان مشروعاً من زمن آدم -عليه السلام- وبقيت مشروعيته مستمرةً، والحكمة التي شرع الله لأجلها الزواج تتمثل في المحافظة على النسل، وحماية النفس البشرية من الوقوع فيما يُغضب الله -تعالى- من المحرّمات كالزنا.
ويختلف حكم الزواج بالنظر إلى حال الشخص، وبيان الأحكام التفصيلية فيما يأتي:
- الوجوب
يجب الزواج على كلّ شخصٍ رغب بالنساء وتاقت نفسه إليهن إلى درجة الخوف من الوقوع في الزنا، مع الحرص على تحقّق القدرة على الزواج لديه.
- الندب
يُندب الزواج على من قصد منه النسل، وقد ذهب الجمهور إلى القول باستحباب الزواج على الرجال والنساء وعدم وجوبه على أيٍ منهم، واستدلوا على ذلك بأنّ خطاب الشرع كان على وجه التخيير بين الزواج ومِلك اليمين، قال -تعالى-: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وإن كان الزواج واجباً لما ورد التخيير فيه.
- الإباحة
يُحكم على الزواج بالإباحة في حق الشخص الذي لا يرغب بالنساء بالإضافة إلى أنّه لا يخاف من ارتكاب الزنا .
- التحريم
يحرّم الزواج على من تيقّن لديه بأنّ زواجه سيؤدي بالزوجة إلى ضررٍ أكيدٍ؛ كالمصاب بمرضٍ مُعدٍ لا علاج له.
- الكراهة
يكره الزواج لمن لا يرغب بالنساء ولا يخاف من ارتكاب الزنا ويخاف أن يلحق أي ضررٍ أو أذى بالزوجة، كالضرب مثلاً.