كيف يؤثر ويتأثر العقل بالباطن بالاكتئاب؟
ما هو العقل الباطن
هو النظام الثانوي الذي يدير كل شيء في حياتك، فهو بنك بيانات جميع ما يتعلق بحياتك، من ذكريات، ومعتقدات، وتجارب سابقة، بالإضافة إلى أفعالك وأفكارك، ويكون الاتصال بين العقل الباطن والعقل الواعي ثنائي الاتجاه، وهذا يعني أنّ العقل الباطن يقوم بإيصال الصور، أو العواطف، أو الذكريات من الماضي إلى العقل الواعي عند الحاجة إليها، ومن أهم الأمثلة على مهام عقلك الباطن "المعلومات القادمة من الحواس"؛ إذ يخزن عقلك الباطن مئات الميغا بايت في الثانية من المعلومات، فهو يراجع كل شيء ولا يمرّر سوى المعلومات ذات الصلة بك في هذه اللحظة.
مستويات فرويد الثلاثة للعقل
إنّ قدرتنا على التحكم في الأفكار، أو مزامنة الحركات، أو تجربة العواطف تعتمد على عمق معالجة البيانات، لذلك تم تطوير فكرة المستويات لمعالجة المعلومات، ودراستها على نطاق واسع من قبل العالم النمساوي الشهير سيغموند فرويد، والذي قدّم نموذج العقل وفقاً للمستويات الثلاث، حيث يمكن تقسيم العقل إلى ثلاثة مستويات حسب نظريته، وهي:
- الوعي (conscious): وهو الذي يحدد الأفكار والأفعال في إطار وعينا، على سبيل المثال جمال رائحة الزنبق الأحمر.
- اللاواعي (subconscious): هو الذي يحدد الأفعال التلقائية، وردود الأفعال التي بإمكاننا إدراكها إذا فكّرنا فيها، على سبيل المثال بمجرد أن نصبح ماهرين في قيادة السيارة سوف نتوقف عن التفكير في الدّواسات التي يجب الضغط عليها أو المرآة التي يجب النظر إليها، ومع ذلك يمكننا إدراك ما قمنا بفعله بمجرد التفكير فيه.
- العقل اللاوعي (unconscious): وهو الذي يحدد الأحداث والذكريات الماضية على الرغم من أنه يتعذر الوصول إليها في بعض الأحيان، على سبيل المثال الكلمة الأولى التي تعلمناها أو مرة مشينا فيها.
كيف يؤثر ويتأثر العقل الباطن بالاكتئاب
نحن نشعر بالاكتئاب عندما نعتقد أنه لا يوجد أمل لنا لحل مشاكلنا، فالاكتئاب هو مجرد إشارة تحذير أخيرة من عقلك تقول لك أن شيئاً ما قد حدث بشكل خاطئ وأن علاجه أو إصلاحه لم يعد ممكناً، ويبدأ الاكتئاب بصورة مزاج سيء غير ضار بنا، لكنه يحذر من أن بعض جوانب الحياة ليست صحيحة وتحتاج إلى إصلاح، وفي حال تجاهل هذه التحذيرات ستزداد الحالة المزاجية سوءًا، لأن العقل الباطن يزيد من شدة المشاعر السلبية لإجبار الفرد على الملاحظة، وفي حال الاستمرار بتجاهل هذه الإشارات فإن العقل الباطن يستخدم الاكتئاب لكي يجبر الفرد على الانتباه إلى المشكلة التي خرجت عن السيطرة.
وفي العادة عندما يصاب الناس بالاكتئاب يشعرون بالإحباط والحزن والعجز، وللتخلص من هذه المشاعر السلبية يلجؤون عادة إلى حلول قصيرة المدى مثل؛ الأكل بشراهة أو السفر أو ممارسة الرياضة الخ، وعندما ينتهون من هذه الإصلاحات يجدون الاكتئاب مرة أخرى؛ لأنهم لم يقوموا بحل جذري له، وأيضاً يعتبر استخدام الأدوية وسيلة خاطئة للعلاج؛ لأنه لا يعالج السبب الرئيسي للاكتئاب، بل يعتبر قصير المدى، فمضادات الاكتئاب هي بالأساس عقاقير تستخدمها كي تريح نفسك مؤقتاً من أعراض الاكتئاب؛ لذلك فهي تسبب الإدمان للكثير من الناس بسبب أعراضها الانسحابية التي لا تحتمل.
علاج الاكتئاب
الطريقة الوحيدة لتخفيف الاكتئاب والقضاء عليه هي الاستجابة لإرشادات عقلك بدلاً من تجاهلها، ويمكننا علاج الاكتئاب من خلال الاعتراف بمشاعرنا أولاً، ثم تحديد السبب الحقيقي الذي يجعلنا نشعر بالاكتئاب ثم إيجاد حلول للمشكلة وتطبيقها، وقبول ما حدث في الماضي والمضي قدماً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قبول المشكلة لن يحدث إلا إذا فكر عقلك الباطن أنه يستطيع حل المشكلة.
فعلى سبيل المثال إذا مات أحد أفراد أسرتك فسيسمح لك عقلك الباطن بالتعافي سريعاً من هذه الواقعة المؤلمة، لأنه يعلم أن استعادة الشخص الميت غير ممكنة، وأيضاً إذا انفصلت عن شخص عزيز عليك فإنك ستجد صعوبة في التعافي، لأن عقلك الباطن سيعرف أن ذلك الشخص في مكان ما هناك وليس معك، إن مجرد العثور على بعض الأمل قد يكون كافياً لتخفيف الاكتئاب حتى لو لم تتمكن من حل المشكلة جذرياً، لأن عقلك الباطن يرى أن وضع خطة هو الخطوة الأولى نحو حل مشكلة ما.