كيف ننصر الله
نصر الله
لمّا بعث الله -سبحانه وتعالى- نبيّه محمّداً -صلّى الله عليه وسلّم- بالرسالة، أيّده الله -تعالى- بمن ينصرونه ويؤيّدونه في دعوته، ومن ينصر دين الإسلام هو في الحقيقة ينصر الله سبحانه وتعالى، ومن ينصر الله بطريقة ما فإنّ الله سينصره على من يُعاديه، ولذلك فإنّ المؤمن يسعى إلى نصر الله -سبحانه وتعالى- ويُسخِّر لأجل ذلك جُلَّ جهده؛ عن طريق القيام بالعديد من الأمور، فكيف ينصر العبد ربّه، وما هي صور نصر الله لعباده المؤمنين؟
كيفيّة نصر الله
يمكن أن ينصر العبد ربّه -عزّ وجلّ- بعدّة طرق، منها:
- توحيد الله سبحانه وتعالى، وإقامة شرعه في الأرض، والحُكم بما أنزل الله -عزّ وجلَّ- على لسان رُسُله وأنبيائه عليهم السلام، والتّحاكم إليه في جميع الأمور التي ينشأ فيها خلافٌ بين الناس، قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
- إقامة أوامر الله سبحانه وتعالى، مثل: الصلاة ، والزّكاة ، والمحافظة على الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر، قال الله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
- الصِّدق مع الله، والتوكّل عليه في جميع الأمور، والالتجاء إليه في جميع الظروف والأحوال، والاعتصام به، والخوف منه وحده.
- تسلّح المؤمنين بالإيمان بالله -تعالى- والتوبة والرّجوع إليه.
- توحيد صفوف المؤمنين، والتأليف بين قلوبهم، وتوحيد كلمتهم.
- إحياء روح الجهاد في سبيل الله في نفوس المؤمنين.
- البراءة من الشِّرك بالله -سبحانه وتعالى- ومن الكُفر به.
- إعداد العُدّة الجسميّة، والعسكريّة، والماليّة، والفكريّة.
- طلب الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى، وصدق النيّة في الحصول عليها.
- الإلحاح على الله -سبحانه وتعالى- بالدعاء ؛ لتثبيت قلوب المؤمنين، ونصرهم على أعدائهم.
صور من نصر الله للمؤمنين
تتنوّع الوسائل والطُّرق والصور التي ينصر بها الله -تعالى- عباده المؤمنين، منها:
- نصر الله -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين على أعدائهم بالحُجّة والدليل والبرهان، وهزيمتهم بالمُناظرة والجِدال، فيُلهِم الله -تعالى- عباده المؤمنين الحُجّة القاطعة والدّليل الصحيح، ويُرشدهم إلى الصواب والحقّ، ويؤيّد ألسنتهم به.
- انتشار القبول لعباد الله المؤمنين في الأرض والثناء عليهم، مع ذمّ أعدائهم من أهل الباطل.
- بقاء آثار المؤمنين واندثار آثار خصومهم، والشاهد على ذلك بقاء ذكر الأنبياء / والصّحابة ، والتابعين.
- السعادة ، والراحة، والطمأنينة التي يجدها أهل الحقّ في قلوبهم.
مواقف نصر الله للمؤمنين
يتّضح التطبيق العمليّ لنصر الله لعباده المؤمنين ومظاهره؛ إذ تتجلّى آثاره في العديد من الوقائع والأحداث التي حصلت في عصر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم - وبعده، منها ما يأتي:
- في حادثة الهجرة النبويّة عندما وصل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى غار ثور كان واثقاً من نصر الله -تعالى- له، هادئ البال مطمئنّ النفس رغم مضايقة أهل قريش له، وسيرِهم خلفه للإمساك به.
- في غزوة بدر الكُبرى ظهر إيمان المهاجرين والأنصار ، وثقتهم بنصر الله -تعالى- بأبهى الصور، حيث تمثّل ذلك بانقيادهم المُطلَق للرسول صلّى الله عليه وسلّم، والتسليم التامّ لأمر الله -تعالى- حتّى كان النصر حليفاً لهم.
- في غزوة أُحد كان النّصر حليفاً للمسلمين، وعندما خالف بعض المسلمين شرط الإخلاص لله -تعالى- وركنوا إلى الدنيا وطمعوا بالغنائم، انقلب النّصر للمُشركين.
أسباب نصر الله لعباده
نصر الله -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين لا يكون إلّا بالأخذ بالعديد من الأسباب، منها:
- صبر المؤمنين على ما يصيبهم في الحياة الدنيا، فمن أبرز أسباب نصر الله للعبد صبره على ما يصيبه من مصائب وشدائد، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
- إخلاص المؤمنين نيَّتهم لله تعالى، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
- الإعداد الماديّ لنصر الله، قال الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).
- الإقدام وعدم الإجحام في المعارك، والغزوات، والمشاهد التي يخوضها المسلمون أمام أعداء الله ولو بالكلمة فقط، قال تعالى: (قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
- التوكّل على الله -تعالى- والاعتماد عليه في جميع الأحوال والأوقات، قال تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
- الرِّفق بعباد الله المؤمنين، حتى لا يكون للعدوّ سلطة، وإرهاب، وغلظة عليهم في الأقوال والأفعال، قال تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ).
قوانين النّصر
يوجد للنّصر على الأعداء ثلاثة قوانين، هي:
- النصر للعباد يأتي من الله -سبحانه وتعالى- وبأمره فقط؛ فمن نصره الله لا يغلبه أحد ولو اجتمع عليه جميع الخلق، ومن خذله الله فلا ناصر له أبداً، قال الله تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
- نصر الله لا يكون إلّا لمن نصره؛ فمن نصر الله جاءه النصر تِباعاً.
- النصر لا يكون إلا لِعباد الله المؤمنين ، ولا يكون إلا بالمؤمنين، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ).