كيف نشكر الله على النعم
حمد الله تعالى وشكره
أنعم الله -تعالى- على الإنسان بنِعم كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى، وكان على الإنسان أن يشكر الله -تعالى- على نِعمه كي تدوم ويبارك الله -تعالى- فيها، وأن يحفظها من الزوال، قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم).
فمن داوم على شُكر الله -تعالى- على نعمه الذي أنعمها عليه؛ زاد الله عليه هذه النعمه وبارك له فيها، وكلُّ أمر يُبدأ فيه بالحمد لله فهو خير وبركة، كأن يحمد المسلم الله عند أكله وشربه، وعند الذبح؛ بأن أعانه الله ويسَّر الله له هذه الذبيحة.
نسب النعم إلى الله تعالى
إنّ من تمام الشُّكر أن ينسب المسلم النّعمة لله وحده، فهو بيده ملكوت السماوات والأرض، ولولا فضل الله لما استطاع أحدٌ أن يحصل على هذه النِّعم الجليلة والوفيرة في حياته، ومن أرجع الفضل والرزق والنّعم لغير الله -تعالى- كان ذلك منافٍ لكمال توحيد الله- جلَّ وعلا-.
وقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)، فقد ذمَّ الله -تعالى- من يُرجع سبب النعمة والرزق التي يتنعَّم بها لغير الله -سبحانه-، فيجب أن يُنسب الفضل لله وحده دون سِواه.
سجود الشكر
يُعدُّ سجود الشُّكر إحدى الطرق التي يشكر بها المسلم ربَّه، وهي من العبادات التي يتقرَّب المؤمن لله -تعالى- بها، أما عن كيفية سجود الشكر، فهي سجدة واحدة خارج الصلاة، وتكون بلا تكبير ولا تسليم، وقال بعض العلماء: يسجدها المسلم طاهراً كان أم محدثاً، إلا أن الطهارة أفضل بلا شك.
كما يُسن سجود الشُكر عند قدوم النِّعم، وعند دفع النّقم، كأن يسجد المؤمن شكراً لله عند دخول أحدهم الإسلام، أو عند استبشاره بقدوم مولود جديد، أو عند نجاحه في امتحان ما، أمّا الشكر عند دفع النقم؛ كمن نجا من بلاء أو من حرق أو غرق أو حادث سير كاد أن يهوي بِه وما شابه ذلك.
استعمال النعم في طاعة الله
إنَّ من الواجب على الإنسان استعمال النّعم في طاعة الله، وعدم استخدامها في المعاصي، فلا يجوز شكر الله بجحد فضله، واستخدام نعمه في المعاصي، والله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وأن يرى عبده شاكراً محدّثا غيره فيها، كما قال في كتابه العزيز: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
فلا يُستعان بهذه النّعم إلاّ بالطاعات، وباجتناب المعاصي والمحرمات، ومن الأمثلة على حمد الله -تعالى- على نعمه:
- نعمة العينين
- إن من شُكر الله -تعالى- على النعمة العينين أن يقرأ المسلم القرآن فيهما، ويتعلم العلم، ويغضهم عن محارم الله وعن عيوب الناس.
- نعمة القدمين
- كالسير فيهما إلى أداء الصلوات في المساجد، والسعي لعمل الخير ومساعدة الناس، وعدم السير فيهما إلى أماكن المعاصي والمنكرات التي تُغضب الله -تعالى-.
- نعمة السمع
- كأن يسمع المسلم فيهما القرآن الكريم والعلم النافع، ولا يسمع فيهما الأغاني والملاهي والمعازف.
- نعمة اليدين
- كالتسبيح فيهما، والكسب الحلال، وكتابة العلم النافع، وكفّهما عن أذى الآخرين.
تقدير النعم وعدم احتقارها أو الاعتراض عليها
كما أنعم الله على الإنسان بنعم كثيرة لا تعدُّ ولا تحصى، كان حقَّاً عليه أن يشكره ويحمده على هذه النِّعم ، وأن يقدِّرها بحفظها من الزوال والمحافظة عليها، كما قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: (وَاشْكُرُوا لِلَّـهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ). فبالشكر تدوم النّعم، ودوام النّعم من دوام الشّكر، ومن أشكال الشكر على نعم الله تعالى:
- رضا العبد بما يملك وعدم الاعتراض على الأرزاق.
- إحساسه بأنَّه مقصِّر في الشكر، فمهما شكر الله -تعالى- لن يوفّيه حقّه.
- التواضع حال حصول النعم وعدم التكبّر والطغيان بسببها.
- عدم الاعتراض وحسن التأدُّب مع الله -تعالى-.
وتأكيداً على ذلك وجّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك في قوله: (من أصبحَ معافًى في جسمِهِ آمنًا في سربِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ فَكأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا). فجميع ما نحن عليه من نعم حيزت من غير تعب أو مشقة، ووجب علينا تأدُّباً مع الله أن نشكره عليها.
رؤية الله تعالى لأثر النعمة على العبد
أنعم الله -تعالى- على عباده بنعمٍ كثيرة، وهو يُحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ يُحبَّ أن يَرى أثرَ نعمتِه علَى عبدِه). وذلك بأن يكون العبد على أحسن حال وأحسن مظهر، وأن يأكل أفضل الطعام، وإذا كانت هذه النعمة علماً علّمه الله إياه؛ فيكون شكره لله بأن يعلمها للآخرين، وينشر العلم بين الناس؛ بالدعوة الى الله.