كيف مات ليوناردو دافنشي
السيرة الذاتية
ولد الرسام الكبير ليوناردو دافنشي في مدينة تقع ما بين أنجيانو وفالتو غنانو، وكانت ولادته في منتصف الليل في يوم نيسان لسنة 1452م، كما أنّ ولادة دافنشي كانت نتيجة علاقة غير شرعية ما بين والدته التي كانت من طبقة فقيرة وأبوه الذي كان من طبقة ثرية جداً، حيث إنّ والده كانت كاتب العدل الخامس والعشرون في عائلته.
لم يتمكن والد دافنشي من تزوّج والدته بسبب وضعه ومكانته الاجتماعية التي يعيش بها، ولكن تمكن جد ليوناردو دافنشي من احتضانه في العائلة، كما أنّه تم معاملته معاملة حسنة جداً مثل باقي أخوته الشرعيين، كان دافنشي يحظى بحب كبير من قبل والده وجده، اللذان تمكنا من إعطائه كمية كبيرة من الحنان الذي يحتاج إليه أي طفل، ولكن أخوته لم يحبوه كما أنّهم قاموا بافتعال العديد من المشكلات لدافنشي بعد وفاة والدهم والتي كان السبب الأساسي لها هو مسالة الإرث، والتي كانوا يرون أن ليوناردو ليس له الحق في أن يرث والدهم لأنه الابن غير الشرعي لوالدهم.
كانت طفولة ليوناردو دافنشي بالنسبة لطفولة إخوته، طفولة صعبة، فقد حرم من حنان الأم في تلك الفترة، حيث إنّ الأسرة الثرية تمكنت من الاعتراف بليوناردو، ولكنّها رفضت تماماً الاعتراف بأمه والتي كانت تعمل فلاحة، وكانت متزوجة من شخص آخر، ولكنها تطلقت منه فور إنجابها لطفلها.
أحب الجد ليوناردو كثيراً الأمر الذي جعله يقوم بالتوصية على كل ممتلكاته لليوناردو وأعمامه، ولم يعطي أحد من أخوته شيئاً، وهنا بدأ الكره من قبل إخوته له، والتحق ليوناردو فيما بعد بمشغل للرسومات والنحت، وكان هذا أفضل ما حدث معه خلال حياته، حيث إنّه تمكن من أن يكون على مقربة كبيرة من المهنة والموهبة التي يحبها.
تمكن ليوناردو من كسب مكانة مرموقة بين الناس، فقد أحبه الجميع، فقد كان لبقاً، وجميلاً جداً، الأمر الذي مكنه من حجز مكانة اجتماعية مرموقة بين الناس في ذلك الحين، وبقي ليوناردو مساعداً للرجل مالك المشغل الذي يعمل به، كما أنّّّه كان واحداً من أعضاء دليل فلورنسا للرسامين، ولكن لم يكن الرسام ليوناردو دافنشي، بل كان مساعد الرسام الذي يعمل معه، ولكن لم يدم هذا الحال طويلاً فقد تمكن من أن يستقل بنفسه ويعمل لصالح نفسه دون أن يكون مساعداً لأحد وكان ذلك عام 1978 م ، وكانت أولى أعماله جدارية تحتوي على رسم لكنيسة القصر القديم، وكان ليوناردو يتنقل بين البلدان من أجل رسم اللوحات وبيعها وهذا الأمر أعطى ليوناردو فرصة ذهبية من أجل أن يحصل على الشهرة، وانتشر اسمه في كل مكان.
دعم والد دافنشي له من أجل تنمية موهبته
عندما لاحظ الأب اهتمام ابنه بالرسم ولاحظ هذه الموهبة التي يمتلكها قام بإرساله ليتعلم فنون الرسم في مشغل يسمى مشغل فريكو، حيث إنّ مالك هذا المشغل هو صديق لوالد ليوناردو، وقد كان هذا المشغل في ذلك الحين من أكبر المشاغل الموجودة في فلورنسا، كما أنّّّه لم يكن فقط مختصاً في الرسومات الجدارية واللوحات الفنية، بل كان يهتم بفن النحت على الخشب والحجر والشمع، وقد أصدر ليوناردو عمله الأول أثناء عمله في هذا المشغل وهو لوحة فنية سميت المنظر الطبيعي مع النهر، ولا تزال هذه اللوحة موجودة حتى هذه اللحظة في مكتب رسومات ومطبوعات أوفيتسي.
إن المتأمل لرسومات ليوناردو دافنشي في تلك الفترة يجد أنها جميعها تحاكي الطبيعة، فقد اهتم بالطبيعة كثيراً، وذلك واضحاً في لوحة المنظر الطبيعي مع النهر، كما أنّّّه رسم لوحة أخرى تسمى الملاك رافائيل وتوبياس، كما أنّّّ أعمال دافنشي شملت الرسومات التي تحتوي على قشور السمك، ومن أهمها لوحة الأم العذراء وطفلها، وهي لوحة يشبه ملمسها لمس قشور السمك، كما أنّّّه رسم الكثير من هذا النوع من اللوحات.
دافنشي وأعمال النحت
عمل ليوناردو دافنشي نحاتاً للكثير من الرسومات، فقد كان يستخدم الطين من أجل تشكيله على الشكل الذي يريده، وقد كانت البداية هي رؤوس لسيدات بأشكال مختلفة، كما أنّّّه كان ينحت رؤوس الملائكة على حسب اعتقادهم، وتمكنت العديد من هذه المنحوتات من الوصول إلينا في يومنا هذا.
سفر دافنشي من فلورنسا إلى ميلانو
كان سبب رحيل ليوناردو من فلورنسا إلى ميلانو هو لورينسو العظيم، وذلك وفقاً لسياسة دبلوماسية مع الممالك الإيطالية، والتي كانت تقتضي إرسال مجموعة من الفنانين والرسامين إلى هناك من أجل تزيين كنيسة بابوية حديثة البناء لسيكستوس الرابع، وكان ليوناردو دافنشي في ذلك الحين يبلغ من العمر حوالي 30 عاماً، كما أنّّّه فور وصوله إلى ميلانو قام بالمشاركة في مسابقة للعزف، وتمكن من أن يسحق جميع المشاركين في المسابقة، فقد كان يعزف على آلة تسمى محكمة سفورزا.
وتمكنت ميلانو من إبهار ليوناردو دافنحيث إنّشي في ذلك الحين، لدرجة أنه لم يكن يريد الخروج منها، وقد قام حينها بتأليف كتاب وصف فيه جميع رسوماته الفنية والنحتية، كما أنّّّه قام بوصف فنه المعماري والعسكري وغيرها من الأمور.
لوحة الموناليزا
هذه هي اللوحة التي ارتبط اسمها باسم الفنان ليوناردو دافنشي على مر العصور، وهذه اللوحة التي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا ويتجه الجميع من أجل مشاهدتها ومشاهدة الإبداع الذي وضعه ليوناردو في اللوحة، واللوحة تعود إلى موناليزا زوجة فرانشيسكو بارتولوميو ديل، وقد حلل الفلاسفة اللوحة على أنها مزيج بين الطبيعة والبشر، كما أنّّّها تتجاوز كل الحدود التقليدية، المنتقدون وصفوا ليوناردو أنه كان محلل ومفكر وباحث ورسام ومبدع وفيلسوف لحظة رسمه لتلك اللوحة.
وقد كان السر الذي أعطى للوحة الموناليزا هذه الأهمية، هي أن الفنان تمكن من أن يجمع بين مشاعر الحزن والفرح في اللوحة، فقد كانت موناليزا تبتسم من أجل الصورة، بينما كان هناك مزيج من الحزن في عينيها، والذي تمكن الفنان المبدع ليوناردو من رسمه في اللوحة بوضوح، وكأنه رسم روح بلا جسد في اللوحة.
أهم الاختراعات التي قدمها دافنشي
اعتاد ليوناردو دافنشي أن يسجل جميع ملاحظاته التي كان يلاحظها في كتب ورسالات، كما أنّّّه تمكن من كتابة العديد من الكتب التي تناولت جوانب مختلفة من العلوم، وقد طرح ليوناردو دافنشي في سنة 1486 م ، فكرة إمكانية طيران الإنسان، وقد كانت فكرته قائمة على أساس أن الإنسان يمكنه أن يطير وذلك بسبب وجود تجانس بين الجسمين الطائر والإنسان، ولكن فإن الأمر يحتاج إلى جناحين، وبدأت تراوده فكرة أن يقوم بصنع آلة تشبه الجناحين والتي تمكن الإنسان من الارتفاع في الهواء، أما الاختراع الثاني الذي حاول ليوناردو دافنشي طرحه هو إمكانية صناعة غواصة من أجل الغوص في أعماق البحار، كما أنّّّه حاول أن يستغل الطاقة الشمسة من خلال المرايا.
وفاة ليوناردو دافنشي
قيل بأن ليوناردو دافنشي توفي في 23 أبريل في عام 1519 م، وقد كان قبل ذلك بأيام قليلة قد كتب وصيته، التي أوصى بها أن يتم وهب جميع الممتلكات التي يمتكها لإخوته في فلورنسا، كما أنّّّه وهب بعضها من أجل الفقراء والمحتاجين، ولكن بعد ذلك بفترة تم نبش قبره من بعض المخربين وتم ضياع رفاته وأجزاء القبر جميعها تم سرقتها، وكان ذلك تحديداً في فترة الصراع بين الكاثوليك والمسيحين الفرنسيين.
كان خبر وفاة ليوناردو دافنشي مؤلماً على الجميع، فقد كان مثالاً للفنان المتألق، كما أنّّّه كان مبدعاً جداً، وقد كان محبوباً بين الناس بصورة كبيرة.