تعبير عن الترابط بين أبناء الوطن
المقدمة: كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا
أبناء الوطن الواحد الذين يعيشون ضمن أراضيه لا بدّ أن يجمعهم الهم نفسه الذي يشغل بال وطنهم، ويجعلهم يفكرون في أفضل طريقة لبناء الوطن والوصول به إلى برّ الأمان، لهذا يجب أن يكون أبناء الوطن كالبنيان المرصوص الذي يشدّ بعضه بعضًا.
ويتآزرون على فعل الخير معًا، والخروج من جميع الأزمات بالتعاون والتعاضد، والابتعاد عن كلّ ما يمكن أن يكون سببًا في تراجع الوطن، فالوطن يحتاج إلى قوّة أبنائه وصمودهم وأن يضعوا أياديهم بأيدي بعضهم، وتكون كلمتهم واحدة دائمًا في الحق.
العرض: للترابط بين أبناء الوطن سبل وصور
تحقيق الترابط بين أبناء الوطن ليس صعبًا، وإنما يحتاج إلى الحكمة والصبر والحب الكبير الذي من المفترض أن يجتمع عليه أبناء الوطن جميعهم دون أن ينظر أحدٌ إلى الآخر بعين الحقد أو الحسد أو العداوة، بل يجب أن نكون جميعًا متعاونين دومًا في السراء والضراء وأن نعين بعضنا على متاعب الحياة، وألّا يسلب أحد حق غيره أبدًا.
الترابط بين أبناء الوطن يعكس صورة جميلة عنهم بأنهم شعبٌ منسجمٌ مع بعضه بعضًا، وأنه يمثل نسيجًا واحدًا لكلّ الوطن مهما اختلفت أصول أبناء الشعب ومنابتهم، ومهما كان لديهم أي انتماءات دينية أو سياسية أو آراء تعبر عنهم، بل من المفترض أن يجتمع الجميع على حب الوطن ويقدموا لأجله المال، وأن يستثمر كل شخص مقتدر أمواله في وطنه، ويسعى لتشغيل أبناء بلده وإيجاد فرص للعمل لهم.
ترابط أبناء الوطن يظهر في دفاعهم عنه ووقوفهم جنبًا إلى جنب ضدّ أي اعتداء عليه، كما يكون بسعيهم معًا إلى بناء الوطن وزيادة نموّه وتطوّره، والعمل على أن يكون في الطليعة دومًا، ويكون هذا بتشغيل عقول أبناء الوطن وإبداء الخبرات التي يحتاج إليها كي يصل إلى ما يُريد.
وأن يجود كل شخصٍ من أبناء الوطن بما يستطيع، فمن يملك الخبرة والعلم عليه أن يعلّم غيره كيف يتعلم ويجدد خبراته وعلمه، ودون ذلك لا يمكن أن يكون الوطن متقدمًا، فيدٌ واحدة لا يمكن أن تصفق، لكن بالتعاون بيننا جميعًا كأبناء للوطن وتضامننا مع بعض يمكن أن ننتج الكثير من الفرص المفيدة للوطن وتعلو مرتبته.
من صور التماسك العظيمة بين أبناء الوطن، أن نشارك بعضنا الأفراح والأحزان، فنفرح لفرح بعضنا، ونقف صفًا في تلقي التهنئة والمساعدة في إتمام مراسم الفرح، وفي الوقت نفسه، أن نقف معًا في الأحزان ونخفف من حزن بعضنا، كما يقف الغني مع الفقير ويُساعده حتى تتحسن ظروفه.
ويقف الكبير مع الصغير ويعطف عليه حتى يكبر ويصبح قادرًا على مواجهة الحياة بالتكافل الاجتماعي الذي يجب أن يكون سنة ثابتة بين أبناء الوطن الواحد، وهذا كلّه يعتمد على أسلوب التربية الذي يتلقاه الأشخاص، إذ يستطيع أي شخص أن يُربّي أبناءه على مبدأ التعاون والتكافل ويعلمه مساعدة غيره دون انتظار أي جزاء، ويُساعده في أن يكون على قدر المسؤولية.
ينعكس التضامن والتعاون بين الأفراد على الوطن بأسره فيصبح وطنًا أكثر جمالًا وأكثر رحابة، ويصبح آمنًا ومستقرًا، وشعبه متقدمًا وراقيًا، يعرف ما يريد، ويحدد أهدافه بسهولة، دون أن يحتاج أحد، ويشهد تقدمًا واضحًا في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية، والصناعية، والاجتماعية، وغير ذلك.
وهذا كله سرٌ من أسرار السعادة والأمان التي تجعل الوطن قويًا منيعًا ومترابط الجبهة الداخلية لا يستطيع الأعداء أن يتمكنوا منه أبدًا؛ لهذا يجب علينا تعميم فائدة ترابط أبناء الوطن بين الجميع، وأن يركز الإعلام عليه بشكلٍ كبير، كي يحرصوا على تحقيق الأفضل دومًا.
الوطن أكبر من الجميع، و الترابط الوطني هو حجر الأساس الذي تُبنى عليه قوته ، لهذا لا يجب أن يتم تجاهل هذا الترابط وأن يعي الشعب ونعي جميعًا الأهمية الكبرى له، حيث يكون ترابطنا معًا جزءًا مهمًا من وطنيتنا التي لا نتخلى عنها أبدًا، لأنّ التخلي عن الوطنية والترابط الوطني يعني التفكك الذي لا تُحمد عواقبه أبدًا.
وهذا بدوره يُسهم في حدوث خلل كبير في نسيج الوطن، وهو خلل يزيد من الصدع الذي يحدث في جسد الوطن، وقد لا يستطيع أحدٌ دأب هذا الصدع إذا كبر وزاد عن حدّه، لهذا من الواجب أن تتم تنشئة أبناء الوطن على حب الترابط والتكافل منذ الصغر، وأن يكون هذا الشيء جزءًا من وطنيتهم التي لا يتخلون عنها أبدًا.
من صور الترابط الوطني، ألّا يسمح أبناء الوطن لأي شخص أن يبث الفتن والنزاعات بينهم، مهما كان الباب الذي يدخل منه هذا الشخص، فالبعض قد يبث العنصرية أو الطائفية بين أبناء الوطن، كي يستطيع أن يبث الفرقة بينهم، لكن إذا كانت جبهة الوطن الداخلية قوية ومتماسكة، لا يمكن لأي شيء أن يخترق هذه القوة ويُحدث فيها الخلل.
لهذا فإنّ الأساس الذي تقوم عليه الأوطان هو أساس الترابط أولًا، فالمجد كله للشعوب التي تقف معًا في سبيل أوطانها ولا تسمح بأن تمس الفرقة قلوبها مهما كانت الظروف والأحوال لأنهم يعلمون جيدًا أن الوطن هو الأساس، ولولا وطننا لما شعرنا بالأمن والأمان.
الخاتمة: الترابط الوطني طريق الفلاح
في ختام هذا المقال لا بدّ من الإشارة إلى أهمية الترابط الذي ينعكس على جميع أبناء الوطن، فالترابط الوطني والتلاحم بين قلوب وعقول أبناء الوطن الواحد هو طريق الفلاح الذي يجعل من الوطن مثاليًا وسعيدًا وقويًا لا يخشى الأعداء أبدًا.
فالترابط يسدّ كل الثغور الموجودة في جسد الوطن، وهو السبب الذي يسهم في رفعته، ولو كانت جميع الأوطان مترابطة لما استطاع عدو أن يتمكن منها أو من أبنائها، لأنّ الترابط الوطني يلغي نقاط الضعف، ويحولها إلى نقاط قوة لا يتمكن أحد من تجاوزها أو تحطيمها.