كيف خلق سيدنا ادم عليه السلام
خلق آدم عليه السلام
خلق الله آدم -عليه السلام- من تراب؛ وذلك جاء في قوله -تعالى-: (إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ)، وقال الله -تعالى- إخباراً عن تكبير إبليس أنه قال: (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)،وهذا الأمر لا خلاف فيه. كما قيل: إن الله -سبحانه وتعالى- سمّى آدم -عليه السلام- بهذا الاسم؛ نسبة إلى أديم الأرض.
مراحل خلق آدم عليه السلام
لقد خلق الله -سبحانه- نبيه آدم -عليه السلام- على عدة مراحل؛ وقد اعتنى القرآن الكريم ببيانها، وهي على النحو الآتي:
المرحلة الترابية
وقبل هذه المرحلة كان الإنسان عدماً؛ قال -تعالى-: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا)، وكذلك قال -تعالى-: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)، ثم كان خلق الله له مما تحويه الأرض من تراب؛ حيث قال -سبحانه-: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى).
وقد ذهب العلماء إلى أن حكمة خلق آدم -عليه السلام- من تراب؛ ليكون متواضعاً، أو ليكون شديد الالتصاق بالأرض؛ حين قال -سبحانه-: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، وقيل ليطفأ الله نار شهوته بالتراب، كما قيل أيضاً إن ذلك من باب إظهار قدرة الله -تعالى-؛ على التنوع في الكون، وفي خلقه.
وذلك مصداق لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن اللهَ خلَقَ آدمَ مِن قبضةٍ قَبَضَها مِن جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ: جاء منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبينَ ذلك، والسَّهْلُ، والحَزْنُ، والخبيثُ، والطيِّبُ)، وهذا ما يسبب تنوع ألوان البشر، واختلاف أصولهم.
المرحلة الطينية
وقد ذكر الطين في القرآن الكريم بتعبيرات مختلفة؛ مثل: الطين، الطين اللازب، سلالة من طين، وتفصيل ذلك بما يأتي:
- الطين
وذلك بامتزاج تراب الأرض بالماء؛ وهو قوله -تعالى-: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ).
- سلالة من طين
وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ)، والسلالة هي تستخلص من ألطف أجزاء الطين.
- الطين اللازب
واللازب هو اللزج الملتصق؛ وذلك في قوله -تعالى-: (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ).
المرحلة الحمئية
والحمأ هو الطين المتغير من حال إلى حال؛ قال -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)، وقيل هو طين منتن -متغير- إلى صورة آدمي؛ قال البغوي في تفسير ذلك: "إنّ اللَّه تعالى خمر طينة آدم، وتركه حتى صار متغير أسود، ثم خلق منه آدم عليه السلام".
المرحلة الصلصالية
وهي المرحلة الأخيرة من هذه المراحل، والتي يصبح فيها الطين يابساً جافاً من دون أن تمسه النار، حتى إذا طرقه الشخص صار له صوتاً كصوت الفخار، قال -تعالى-: (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ).
مرحلة التسوية
ثم نفخ الله -تعالى- في آدم -عليه السلام- الروح؛ فصار إنساناً حياً، عاقلاً ناطقاً، مستوي القامة، جميل الهيئة، كامل الخلقة، قال -تعالى-: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)، ثم علّمه الله -تعالى -الأسماء كلها، وبعد ذلك خلق الله حواء -عليها السلام-؛ ليسكن آدم إليها، وليكون منهما تناسل البشرية عن طريق الزواج.
الحكمة من تدرج خلق آدم عليه السلام
قال أهل العلم بشأن هذا التدرج؛ إن الله -سبحانه- قادر على خلق آدم -عليه السلام- دفعة واحدة؛ فهو لا يعجزه -سبحانه- شيء في الأرض ولا في السماء، وإنما كان هذا التدرج لأن خلق الإنسان بهذه الطريقة، ومن هذه المكونات (التراب، الطين، الصلصال..) أعجب من خلق الشيء من شكله وجنسه.