كيف خلق الله الجبال

كيفية خلق الجبال

صفة الإرساء والوتد في خلق الجبال

إنّ المتدبّر في خلق الجبال يرى عظمة صنع الخالق وإبداعه فيها، فقد خلق كلّ شيءٍ بقدرٍ ولحِكَمٍ عظيمة، وممّا يدلّ على طبيعة خلق الجبال في الأرض قوله -تعالى-: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)،فقد خلق الله الجبال وجعلها وتداً للأرض، والوتد هو ما يكون في باطن الأرض أطول منه في خارجها، وهذا يُعطي ما حوله القوة والثبات.

ويؤكّد على ذلك قوله -سبحانه-: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)، والإرساء يدلّ على التثبيت، وقد أثبتت البحوث العلمية أنّ الجبال كالوتد في الأرض، وأنّ جذورها في باطن الأرض أكبر وأعظم ممّا يظهر على الأرض بعدّة أضعاف، ويؤكّد الباحثون المختصّون كذلك على أنّ الجبال العظيمة مثبِّتة للأرض واليابسة بسبب امتدادها إلى الطبقة الصخرية التي تتكوّن منها القارات.

ومن الأمثلة المشهورة على ذلك جبال الهيمالايا؛ إذ يبلغ حجم مسافتها فوق سطح الأرض حوالي 8 كيلومترات، وقد أثبت المسح الجيولوجي أن حجم قاعدتها داخل الأرض 65 كيو متراً؛ أي ما يُعادل ثمانية أضعاف حجمها فوق سطح الأرض.

نشأة الجبال بسبب حركة الأرض

قد تنشأ الجبال بسبب تصادم القطع المتجاورة في الأرض، فتبرز السلاسل الجبلية وتُنصب في الأرض، قال -تعالى-: (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)، وقال -تعالى-: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ).

وبناءً على ذلك فقد أثبت العلم التجريبي حركة الجبال بسبب تيارات الحمل، وهذه التيارات تتّخذ أشكالاً عدّة؛ فإما أن تؤدي إلى تباعد الصفائح الأرضية، أو انزلاقها، أو تصادمها، فمثلاً جبال الإنديز نشأت بسبب تصادم اللوح المحيطي الهادي باللوح القاري الأمريكي، وكلّ ذلك يدعو إلى التفكّر والتأمّل في عجيب صنع الله -سبحانه-.

الحكمة من خلق الجبال ومنافعها

إنّ في خلق الجِبال حِكم ومنافع عظيمة لا تُحصى، ومنها:

• تُخزّن الماء وتُسبّب تشكّل السيول المنظّمة

من نِعمة الله أنّ الثلوج تنزل على الجبال، فيُشكّل ذلك مصدراً رئيسياً لشرب المياه للناس والبهائم، ثمّ ما إن يذوب بالتدريج حتى تتشكّل السيول والأنهار، فينبت بسببها العديد من الأشجار والنباتات في الوديان والمروج، ولولا الجبال لنزل الثلج على الأرض مباشرة، وذاب جميعه في ذات الوقت، وعندئذ سيهلك النبات والناس.

• جعل الله الجبال أعلاماً يستدلّ بها الناس في الطّرقات.
• تدفع الجبال الرياح وتقلّل من حدّتها، وتنظّم جريان السيول فلا تسقط فجأة على الأرض، بل تنزل على الجبال يميناً وشمالاً بالتدريج.
• جعل الله العديد من الكهوف والمغارات فيها؛ وهي بمثابة الحصون والأمان للناس والحيوانات، قال -تعالى-: (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا).
• فيها العديد من النباتات والأدوية والعقاقير غير الموجودة في غيرها من السهول والأراضي.
• تُستخدم حجارتها في نحت المساكن والمباني.
• أودع الله فيها العديد من المعادن الثمينة؛ كالذهب، والفضة، والزبرجد، والزمرد، بالإضافة إلى المعادن المفيدة في حياة الناس؛ كالحديد، والرصاص، والنحاس، وغيرها.
• جعل الله الجبال كالرواسي للأرض تثبّتها من الاضطراب، فقد قيل: "لولا أن الله قد خلق الجبال بشكل أوتاد لطافت القارات، ومالت الأرض واضطربت من تحت أقدامنا، والله يذكر لنا هذه الحقيقة في القرآن".