كيف حياة الأموات
حياة الميت في أول ليلة في القبر
إن من أهم أركان الإيمان؛ الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغيبيات مما يكون بعد الموت في القبر إلى يوم القيامة، فإن مما أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- فتنة القبر، والتي تكون في أول ليلة للميت وهو في قبره،وهذه الفتنة تحدث لجميع المكلّفين من العباد سواء المؤمنون أو غيرهم إلا الأنبياء.
وأما صفة هذه الفتنة فإن الله -تعالى- يرسل للميت ملكين حال موته يسميان منكرًا ونكير، فيقعدانه ثم يسألانه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأما المؤمن فيقول: (أشهد أنه عبد الله ورسوله)، فيريانه مقعده من النار، ويخبرانه أن الله أبدله به مقعدًا من الجنة، فيراهما جميعًا، ويفرح لذلك.
وأما الكافر أو المنافق فيجيب الملائكة: بلا أدري، فيقولان له: لا دريت ولا تليت، ويضربانه بمطراق من حديد بين أذنيه، فيصرخ صرخة يسمعها من على الأرض جميعًا إلا الأنس والجن، وقد جاء في صفتهما أنهما ملكان أزرقان أسودان، يسميان منكرًا ونكيرًا.
كما ورد أن المؤمن تأتيه صلاته وتكون عند رأسه، وصيامه عند يمينه، وزكاته عند شماله، وكذلك فعله الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان تكون عند رجليه، وكلها بلا شكّ تكون شفيعة له ومؤنسة له في قبره.
حياة الميت بعد أول ليلة في القبر
إن مما يجب الإيمان به بعد أول ليلة في القبر حصول نعيم القبر أو عذابه، فالعبد بعد أن يبتلى بفتنة القبر، ويسأل من الملكين، فإما أن يكون مؤمنًا صالحًا طوال عمره، فيثبته الله -تعالى- في تلك اللحظة، ووقتها فإنه يعطى نعيم القبر بعد تجاوزه لفتنة القبر، وإما أن يكون كافرًا أو منافقًا وعندها فإنه لا يتجاوز فتنة القبر ويعذب بعدها بعذاب القبر.
نعيم القبر
ونعيم القبر ثابت شرعًا، ويكون للمؤمنين الصالحين، ويكون بعد فتنة القبر في أول ليلة في القبر، ومن الأدلة على ثبوت نعيم القبر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أحدَكم إذا مات عُرِض عليه مقعدُه بالغداةِ والعَشيِّ إنْ كان مِن أهلِ الجنَّةِ فمِن أهلِ الجنَّةِ وإنْ كان مِن أهل النَّارِ فمِن أهلِ النَّارِ يُقالُ: هذا مقعَدُك حتَّى يبعَثَك اللهُ إليه يومَ القيامةِ).
وأيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: (ويُنادي مُنادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عبدي، فافرشوهُ منَ الجنَّةِ وألبِسوهُ منَ الجنَّةِ وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، قالَ: فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها قالَ: ويُفتَحُ لَهُ فيهما مدَّ بصَرِهِ).
عذاب القبر
وعذاب القبر ثابت شرعًا، ومن أدلته قوله -سبحانه وتعالى-: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا)، وكذلك من أدلته حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (مرَّ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- على قبرينِ فقالَ إنَّهما يعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبيرٍ أمَّا هذا فَكانَ لا يستنزِهُ من بولِهِ وأمَّا هذا فإنَّهُ كانَ يمشي بالنَّميمةِ).
وعذاب القبر نوعان، فمنه ما هو دائم وذلك يكون للكفار والمشركين والمنافقين، ومنه ما هو منقطع بمعنى أنه يكون لبعض المسلمين العصاة كلٌّ بحسب جرمه، فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف الله عنه العذب أو ينقطع عنه، وقد ينقطع عنه بدعاء أو صدقة أو فعل خير.