كيف تم حفظ القرآن الكريم
كيف تم حفظ القرآن الكريم
أُنزل القرآن الكريم من عند الله -سبحانه وتعالى- على سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- عن طريق الوحي جبريل، وأنزله الله -تعالى- على نبيه بالتدريج لا دفعة واحدة؛ حتى يتم استيعابه وحفظه بطريقة أسهل وأبسط، ولتمكين الناس من حفظه عن ظهر قلب وعدم نسيانه، وبقصد التدرّج في تأسيس الأمة.
وقد حفظ الله القرآن الكريم من أي تبديل أو تحريف أو زيادة أو نقصان، وسخّر له مَن يحفظه في الصدور وفي السطور حتى وصل إلينا بالتواتر محفوظاً من أي تبديل أو تغيير، فقد قال الله في محكم كتابه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وفيما يأتي ذكر الطرق التي هيأها الله -تعالى- في سبيل حفظ هذا الكتاب الكريم:
حفظ القرآن في عهد النبي
حفظ الكثير من الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- القرآن الكريم عن ظهر قلب، ومنهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبيّ بن كعب، وغيرهم، وقد كان القرآن الكريم محفوظاً من خلال الكتابة أيضاً عند وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنّه لم يكون مجموعاً في مكانٍ واحد.
حفظ القرآن في عهد أبي بكر
بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثت حروب الردّة؛ أي في زمن خلافة أبي بكر -رضي الله عنه-، وقد استُشهد فيها الكثير من الصحابة الذين يحفظون القرآن الكريم، فخاف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من ضياع القرآن الكريم، فاستشار أبا بكر بجمع القرآن الكريم بين دفّتين، لكنّ أبا بكرٍ رفض في البداية لأن النبيّ لم يأمر بذلك.
وبقي عمر يذكّره بمصالح ذلك حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك الأمر، فأمر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بجمعه؛ لِما تميّز به من رجاحة العقل والفطنة، ولأنه حضر عرض القرآن الأخير على النبي، وكان أيضاً أحد كتاب الوحي، وتمّ ذلك الأمر بفضل الله -تعالى-.
حفظ القرآن في عهد عثمان
كان الهدف من جمع القرآن في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- جمعه في مصحفٍ واحد، أما في عهد عثمان -رضي الله عنه- فقد ظهر تباين القراءات بين الناس لأنّ القرآن الكريم قد نزل على سبعة أحرف، فأصبح أحدهم ينكر على الآخر أحياناً لأنه لم يسمع الآية بهذه القراءة عن النبي.
ورأى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- ذلك، فأسرع لإخبار عثمان بما شاهده من الاختلاف في القراءة والنزاع أحياناً على ذلك، فاختار عثمان -رضي الله عنه- عدداً من الصحابة ومنهم: زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم، فنسخوا المصحف بلغة قريش، وأمر عثمان بتوزيعها على الأمصار وحرق ما سواها، فتمّ بذلك جمع القرآن في زمنه، وظلّ القرآن محفوظاً هكذا طيلة الأزمان حتى وصل إلينا.