كيف تم اكتشاف النفط
تعريف النفط
النفط: هو خليط معقد يتكون من جزيئات عضوية مختلفة تسمى الهيدروكربونات (الهيدروجين والكربون)، والتي تكوّنت من الحياة البحرية الميتة وبقايا الكائنات الحية التي عاشت منذ ملايين السنين وتعرضها لعوامل الضغط والحرارة، وقد يختلف النفط الخام في التكوين من مكان لآخر؛ بسبب تنوع الكائنات الحية، والرواسب، والعوامل البيئية الأخرى التي تشارك في تكوين النفط. ويتكوّن النفط الخام تحت الأرض نتيجة تعرّضه لضغوطٍ مختلفة حسب العمق، ويمكن أن يحتوي على كمية كبيرة من الغاز الطبيعي، كما يمكن أن يحدث تدفق للمياه الجوفية إلى البئر النفطي ليختلط بالنفط الخام والغاز. وخلال عملية الاستخراج يتم فصل كل مكوّن على حدة، حيث يتم إرسال النفط الخام النظيف للتخزين عند الضغط القريب من الغلاف الجوي، كما يتم نقله من مواقع الإنتاج إلى محطات المعالجة والمصافي بواسطة خطوط الأنابيب، وشاحنات النقل، وعربات السكك الحديدية، ويتم نقل منتجات النفط إلى الخارج بواسطة سفن ناقلة تتسع من 100,000 برميل إلى أكثر من 3,000,000 برميل. ويتم تصنيف النفط الخام إلى حلو أو حامض بناءً على مستوى الكبريت فيه، فقد يحتوي على عنصر الكبريت أو على مركبات مثل كبريتيد الهيدروجين، ويتم إزالة الكبريت الزائد في النفط الخام أثناء عملية التكرير، لأن أكاسيد الكبريت التي تُطلق في الغلاف الجوي أثناء احتراق النفط هي ملوّث رئيسي للبيئة.
طرق اكتشاف النفط
يتم اكتشاف وجود النفط في منطقة ما عن طريق عدة عمليات لا تقتصر على الحفر فقط، ونذكر فيما يلي هذه العمليات:
- المسح الجيولوجي: يقوم الجيولوجي بمعرفة ما إذا كانت الظروف الجيولوجية في منطقة الدراسة قد ساعدت على تكوين النفط ، ويقوم بالبحث عن أي آثار للنفط على السطح الخارجي، ويقوم الجيولوجي أيضاً برسم خريطة تبين الميل، والاتجاه، ومعلومات عن تضاريس المنطقة، وجميع الآبار الموجودة فيها وطرق الصرف، كما يقوم باستخدام أسلوب التصوير الفوتوغرافي الجوي عن طريق الطائرة، حيث تطير فوق منطقة الدراسة ويقوم جهاز التصوير بالتقاط صور سريعة تُغطّي المنطقة بأكملها، وبذلك يمكن الحصول على صورة ثلاثية الأبعاد التي تُفيد في ملاحظة انحدار الصخور وتمييز الانثناءات والفوالق، وبتجميع الصور مع بعضها البعض نحصل على معلوماتٍ كاملة لمنطقة الدراسة.
- المسح الجيوفيزيقي: ويتم عن طريق استخدام عدة أساليب، وهي:
- أسلوب قياس جاذبية الأرض: يتم استخدام أجهزة دقيقة جداً لقياس التغيرات في قوة الجاذبية الأرضية كجهاز الجرافيميتر، وقد تختلف شدة الجاذبية الأرضية من مكان لآخر تبعاً لعوامل عدة أهمها: ارتفاع المكان عن سطح الأرض، وشكل الأرض عند القطبين، وقوة الطرد المركزية الناتجة عن دوران الأرض، واختلاف كثافة الصخور بالقشرة الأرضية أسفل نقطة الرصد، وباستخدام هذه الطريقة يمكن بدقة التعرُّف على طبيعة التكوينات في الأعماق.
- أسلوب قياس الاهتزازات: ويتم هذا الأسلوب عن طريق إنشاء هزّات أرضية صناعيّة عن طريق تفجير كميات من مواد متفجرة، الأمر الذي يؤدي لتوليد موجات من الاهتزازات، فيقوم الراصد بتسجيل ترددات الموجات الناشئة عبر جهاز السيزموغراف، مع ملاحظة أن سرعة سريان الموجات تختلف باختلاف نوع الصخور، وبقياس سرعة الموجات في الطبقات المختلفة يمكن معرفة نوع الصخور وعمقها في منطقة الدراسة.
- أسلوب قياس المغناطيسية: يمكن قياس الاختلافات في قيم المجال المغناطيسي باستخدام جهاز الماجنيتوميتر المحمول على الطائرات، وبمعرفة الاختلافات في قيم المجال المغناطيسي يمكننا معرفة التكوينات المختلفة الواقعة تحت سطح الأرض.
- عمليات الحفر: التي تنقسم إلى ثلاث طرق: طريقة الدق، طريقة الدوران، وطريقة الحفر التوربيني، ولكلٍ من هذه الطرق استخدام معين في ظروف محددة مثل العمق ونوع الصخر في منطقة الدراسة، وتساعد عمليات الحفر في التعرف على الخواص الفيزيائية والكيميائية للصخور التي تخترقها آلات الحفر عن طريق تحليل الخواص الطبيعية للصخور باستخدام معايير معينة مثل درجة المسامية، والمحتويات السائلة، وعندما يتبيّن وجود آثار مادة نفطية على آلة الحفر، حينها يمكن تحديد أعمال الحفر اللّازمة وتحديد سمكها ليتم البدء بعملية الاستخراج.
اكتشاف الإنسان للنفط
تم اكتشاف وجود النفط لأول مرة في القرن الرابع الميلادي حين قام العمال الصينيون بحفر أول بئر للنفط في جمهورية الصين الشعبية، حيث كان يتم إحراق النفط لإنتاج الملح من خلال تبخير الماء المالح، وفي القرن الثامن الميلادي استخدمت مادة القار النفطية في رصف الطرق الجديدة في بغداد، كما قامت أذربيجان في القرن التاسع الميلادي بحفر حقول النفط للحصول على النفط بطريقة اقتصادية، وبحلول القرن العاشر الميلادي استخدم الصينيون أنابيب الخيزران لوصل المياه من منابع المياه المالحة. ويبدأ التاريخ الحديث للنفط في عام 1853م عند اكتشاف عملية تقطير النفط للحصول على مادة الكيروسين، كما تم صناعة النفط لأول مرة في أمريكا في عام 1859م بفضل اكتشاف إدوين دريك للزيت، وفي عام 1861م تم بناء أول معمل تقطير في روسيا في حقل النفط الطبيعي، وفي كندا اكتشفت حقول كبيرة للنفط وتم تطويرها واستغلالها صناعياً. وتم اكتشاف وجود النفط في السعودية في 3 مارس من عام 1938م، التي أصبحت فيما بعد من أكبر مصدّري النفط في العالم، وقد غيّر هذا الاكتشاف الجغرافيا الطبيعية، والبشرية، والسياسية للمملكة العربية السعودية والشرق الأوسط والعالم، حيث كان اقتصاد السعودية يعتمد بشكل أساسي على إيرادات السياحة وإقبال المسلمين لأداء مناسك الحج والعمرة إلى أن جاء اكتشاف النفط ليتم تأسيس بنية تحتية قوية وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى، ليصبح النفط بذلك يُشكّل ما نسبته 92٪ من الميزانية العامة للسعودية.
استخدامات النفط
يُستخدم النفط الخام في العديد من المجالات، ولكن يجب أن يتم معالجته وتنقيحه لجعله منتجات نفطية قابلة للاستخدام. ومن أهم هذه المنتجات النفطية:
- البنزين.
- الديزل.
- وقود الطائرات.
- الأسفلت.
- البلاستيك.
- الألياف الاصطناعية.
- مستحضرات التجميل.
- الهواتف الذكية والنظارات الشمسية.
التسرب النفطي وآثاره
تؤدي عملية استخراج النفط وإنتاجه إلى توليد النفايات الملوّثة والضارّة بالبيئة، كما أن استخراج النفط البحري يُحدث الضرر بالكائنات البحرية ويؤثر في بيئتها، وقد يقتل النباتات البحرية في قاع البحر، ويؤدي احتراق النفط إلى حدوث انبعاث لغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يلعب دوراً مهماً في ظاهرة الاحترار العالمي، وبمرور الوقت زاد الاحتياج العالمي للنفط وزادت عمليات التنقيب عنه، كما زادت عمليات نقل النفط من موقع لآخر، وأدت هذه الزيادة إلى ظهور كميات كبيرة من الملوّثات في البحار، والأنهار، والمحيطات بسبب حوادث التسرب في ناقلات النفط، وقد تبين أنه من الصعب التحكم في التلوث البحري أو منع انتشاره؛ لأنه يعد خطراً عائماً ومتحركاً، وتتحكّم فيه عوامل عدة أهمها: اتجاه الرياح، وعوامل المد والجزر ، وشدة الأمواج، وقد تنتقل الملوّثات بواسطة الأسماك الملوّثة من مكان إلى آخر.