كيف تكون سكرات الموت
سكرات الموت
سكرات الموت هي الحالة الّتي يمرّ بها كلّ إنسانٍ عند خروج روحه من جسده، وسمّيت بالسّكرة لما تسبّبه من ألمٍ تؤدّي إلى تسكير عقل الشّخص، أي أنّه يفقد عقله من هول اللّحظة ومن الألم الشّديد، قال الله تعالى: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾
كيف تكون سكرات الموت؟
توجد العديد من العلامات التي تدُلّ على مُعاينة الإنسان لِسكرات الموت، وبيانها فيما يأتي:
- الألم الشّديد والثقل
وقد عاين النبيّ -عليه الصّلاةُ والسلام- سكرات الموت لقول عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها-: (إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ بيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ- فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في المَاءِ، فَيَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، ويقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ).
وقد يكون الإنسان صالحاً وتكون سكرات الموت عليه شديدة، وأمّا الكافر فتأتيه الملائكة وتُبشّره بالعذاب، لِقوله -تعالى-: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ).
- شُخوص البصر، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ).
- الحشرجة والغرغرة وتردّدُ الرّوح في الحلق، حيث يصل المحتضر إلى مرحلةٍ من الألم والضّعف حتّى تصل روحه إلى حلقه،
- استرخاء القدمين، وعدم قُدرتهما على الانتصاب، وميل الأنف، وانخساف الصدغين، وامتداد الجِلد.
- الثِّقل في اللّسان؛ بحيث لا يستطيع المُحتضر القُدرة على الكلام.
- غيابٌ في سواد عين المحتضر، وانفصالٌ في كفّيه، واسترخاءٌ في عصبة يده؛ حيثُ تكون كأنّها منفصلة في جلدتها عن عظم الزند، وتغيّرُ رائحته، واسترخاءٌ في رجليه، وامتداد جلدة وجهه.
- ذُهول بالعقل؛ فيكون كالمُغمى عليه؛ لشدّة الرُّعب وقت النِّزاع، وتتابع الشدائد عليه، فلا يخرُج من شدّة إلّا ويأتيه ما هو أشدُّ منها؛ لما يُعانيه من سكرات الموت وخُروج الروح.
الحكمة من سكرات الموت
توجد العديد من الحِكَم لِسكرات الموت، وبيانها فيما يأتي:
- تكفيراً لسيّئات المؤمنين، ورحمة لهم، أو رفعاً لِدرجاتهم، أو زيادةً في حسناته، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ)، وتعدّ سكرات الموت تعذيباً للكافر.
- معرفة الخلق مقدار الموت وألمه، والاستعداد له، وأنّ شدّته لا علاقة له بحب الله -تعالى- له أو بُغضه، بدليل أنَّ الأنبياء وهم أفضل البشر قد عانوا من سكرات الموت وشدّته.
تفاوت شدة سكرات الموت بين العباد
النّاس مُتفاوتون في شدّة سكرات الموت وضعفها؛ فمنهم من يُكابد بها ويُعاني، ومنهم من لا يشعر بسكرات الموت، فينتقل بين الحياة والموت كما ينتقل النّائم بين اليقظة والغفلة، ولا علاقة لشدّة سكرات الموت بقوّة الإيمان أو ضعفه.
وقد مَسّت سكرات الموت رسول الله وعانى منها أشدّ مُعاناة، حيث ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قوله: (دخلتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يُوعَكُ، فقُلْت: يا رسولَ اللهِ، إنك لَتُوعَكُ وعْكًا شَديدً؟ قال: أجل، إني أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجُلانِ منكم، قُلْت: ذلك بأن لك أجرينِ؟ قال: أجل، ذلك كذلِك، ما مِن مُسلِمٍ يُصيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فما فَوقَها، إلا كفَّرَ اللهُ بها سيآتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَها).