نشأة المذهب الواقعي
نشأة المذهب الواقعي
ظهر المذهب الواقعي قديمًا، حيث أن البشر ينقسمون إلى مثاليين وواقعيين بنفوسهم البشرية، فالمثاليون لا يحبون الحياة الواقعية وينغرسون في الغوص في الأحلام والأمنيات الوهمية التي تصير في نظرهم المستقبل الملموس، ويمتازالواقعيون بالحذر والتركيز الشديد للحياة المحيطة حولهم كما هي الحياة الواقعية حولهم من دون تزييف.
تصور الواقعية الأدبية الإنسان والطبيعة في الصفات والأحوال والتفاعل مع التركيز على التفصيلات المشتركة للأشخاص والأشياء والحياة، حتى لو كانت هذه التفاصيل مبتذلة ويكون ذلك حول الإطار الواقعي الذي نعرفه، فإنه واقع الأمانة والصدق لا تشترط فيه فالنسخ بل الشرط أن يكون عنده الصدق الفني، فيصبح الكاتب فناناً مبدعاً لا ناسخ أو كاتب تقارير.
خصائص المذهب الواقعي
من أبرز خصائص المذهب الواقعي ما يأتي:
- الانطلاق من الواقع الطبيعي والاجتماعي
من خلال ربط الإنسان مع المحيط البيئي الخاص به، وكيفية تفاعله مع المحيط الطبيعي والاجتماعي بحيث ينزل الكاتب إلى الحياة الواقعية، ويصرف نظرة عن الكماليات والخيالات فالذي يهتم به الكاتب هي الأمور الواقعية، التي تحدث في حياة الناس ويعيشونها وقد اهتم كتاب الرواية والمسرحية الواقعيون على تمثيل هذه الأشكال لا من العدم والأحلام بل من الواقع.
- الاهتمام بالتفصيلات الدقيقة والثانويَّة
حيث إنها وصفت كل شيء وصفا دقيقا، حتى التافه منها فيما يتعلق بالألبسة والملامح والأصوات والحركات والألوان حيث صورت الواقع كأنه الآن.
- الاعتماد على النواحي السلبية في المجتمع
فقد دعيت الواقعية بالمتشائمة بسبب تركيزها على الجوانب السلبية في المجتمع مثل الأخلاق الفاسدة والظلم والإجرام والاستغلال، ولكن هذا التشاؤم كان سببه في الحاجة إلى الرصد والمعالجة، حيث أن أبرز سيئات ذلك المجتمع ناتج عن سبب خفي وظاهر أيضاً لا عن الحاجة في التشاؤم لذاته، فإن من أبرز مخازي ذلك المجتمع ناتج عن قصد خفي وظاهر.
- حيادية المؤلف
تقوم على العرض والتحليل بما يتوافق مع واقع الشخصية وطبيعة الأمور وتكون موضوعية، ولا يشترط أن يطبق الكاتب معتقداته الخاصة أو أن يكون موافقاً عليها فهذا يعني أن الكاتب لا يرغب في فرض رأيه ورغباته على القارئ، فالكاتب الواقعي حيادي وتكون براعته في قيادة القارئ إلى موقف معين حسب قوانين المؤثرات وردود الأفعال، فيضعه في موقف قبول أو رفض لموقف معين.
- التحليل
بحيث يقوم الكاتب في البحث عن العلل والمشاكل التي فيكون للظاهرة الاجتماعية أسباب ودوافع مثل الظواهر الطبيعية التي يكون لها سبب ونتيجة، فالكاتب لا يعرض المشكلة، كما هي بل يقوم بالبحث عن أسباب هذه المشكلة لزيادة وعي القارئ وقدرته على تحليل المشكلة، فبذلك يكون القارئ مؤهلاً لمواجهة الواقع وتحليله وحل مشكلاته.
أبرز رواد المذهب الواقعي
من أشهر رواد المذهب الواقعي ما يأتي:
بلزاك
يعتبر بلزاك من أهم الأشخاص الذين أثروا في انتشار المذهب الواقعي، حيث كانت مقدمته التي كتبها سنة 1842 لمجموعته القصصية الكبرى "الكوميديا البشرية" التي نشر فيها مصطلح البيئة أو الوسط بكل أشكاله لأول مرة حيث كان كإعلان عن الواقعية.
حيث قام بنقل اهتمامه من المسرح إلى القصص، حيث وضع الكاتب على نفسه حمل ومسؤوليه في أهم وأدق تفاصيل الحياة، إذ يقول "إن المجتمع الفرنسي سيكون هو المؤرخ، أما أنا فلست إلا مجرد سيكرتير له"، فأصبحت أعماله من أهم المراجع التي يأخذ منها النقاد المبادئ الجمالية للواقعية.[4]
جوستاف فلوبير
يعتبر فلوبير من أهم الكتاب في الأدب الواقعي ليست بالأعمال الإبداعية فقط بل بالعديد من التأملات النظرية حيث كان يحاول مقاومة الزيادة في التركيز على المضمون الاجتماعي في الأدب على حساب الآخرين لا بالتقليل من شأنه بل في الاهتمام الواعي بالنموذج، حتى يصل إلى شكل من التوازن الأدبي الذي يحتاجه، وهذا كان سبباً لاعتبار كتاباته أساساً يؤخذ به من قبل الآخرين من كتاب الأدب الواقعي.
ليو تولستوي
يعتبر من كتاب الأدب الواقعي وقد كان له أثر في الأدب الواقعي ففي كتابه "ما هو الفن؟" لا تكاد أن تجد كلمة الواقعية بل تجد تحليلاً كاملاً للصدق وقد خص صدق العواطف واحتياج الفن والأدب له، وعلى الرغم من مكانته الكبيرة إلا أنه كان يهتم بحياة الفلاحين و بالفلسفة والأخلاق.
هنري جيمس
يعد هنري جيمس من أول من اهتم بالواقعية الفرنسية التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي عام 1864، حيث نصح بدراسة"النظام الواقعي الشهير" حيث وجهه إلى أحد القصاصين الشبان فقال:"الذين لم يرهفوا حواسهم بالمقدار الكافي لتلقي الواقع"، فأصبح بذلك حامل لواء المدرسة الواقعية.