كيف تكون النية للصلاة
كيف تكون النية للصلاة
اتّفق الفقهاء على ثلاثة شروطٍ للنيّة وهي: الإسلام ، والتمييز، والجزم، ووضّحَ الفقهاء كيفيّة النيّة في الصلاة المفروضة على ما يأتي:
- الأحناف: تكون النيّة باستحضارها في القلب ومعرفة الصلاة التي يُصلّيها المسلم، والأفضل تعيين الوقت الذي يَنوي فيه صلاته، كأن ينَوي المسلم في قلبه صلاة ظهر هذا اليوم، ويلزم تعيين الوقت في النيّة لكلِّ من فاته وقت الصلاة، والنيّة شرطٌ في صحّةِ الصلاة سواء كانت فرضاً، أو جنازة، أو نَذر.
- المالكية والحنابلة: ورد عن المالكية والحنابلة أنّه يلزم تعيين نيّة الوقت عند كلِّ صلاة ، وذلك لتمييزها عن صلاة الفرض أو النّفل، ولا تصحُّ الصلاة دون تعيينها.
- الشافعية: ذهب الشافعية إلى شروطٍ أخرى لصحّة نيّة الصلاة، وهي لُزوم تحديد نوعِ الصلاة من فرضٍ أو غيره، ويَلزم عند النيّة أيضاً قصْدُ فعل الصلاةٍ باستحضارِ أركانها وأفعالها، ويَلزم تعيينُ الصلاةِ التي تُصلّى كظهرٍ أو عصرٍ أو غيره، ويجب أن تكون النيّة مقترنةً مع تكبيرة الإحرام، فيُكبّر المصلّي فَورَ نيّته.
واتّفق أهلُ العلم أن النيّة لا تصحُّ بعد تكبيرة الإحرام، وتصحُّ الصلاة عند بعض الفقهاء لو نوى العبد للصلاة ثمّ قبل البدء انشغل بأمرٍ ما، بشرطَ عدم نيّته لنقض الصلاة. وقال ابن تيمية -رحمه الله- إنَّ النيّة محلّها القلب، والتلفّظ بها زيادة على صفة الصلاة، وقال -رحمه الله-: "النية تتبع العلم، فمن علم ما أراد فعله فقد نواه". وذهب جمهور أهل العلم أن التلفظ بالنية باللسان حُكمها الشرعي سُنّة، ويُستحبُّ فعله لِمَا فيه من موافقةٍ للسان على القلب.
وتختلف صفة النيّة من صلاةٍ لأخرى، إذ يكفي في صلاة الجماعة، أن يَنوي المأموم الجماعة والاقتداء بإمامه على مذهب الشافعية والحنابلة، وذهب المالكية إلى وجوب نيّة الإمامَة في صلاة الجمعة، والجنازة، والخوف، والاستخلاف، والجَمع، ولا تصحُّ صلاةُ العبدِ إلاّ بها، واشترط الإمام أبو حنيفة نيّة الإمام إذا دخلت النساء في إمامته. وتصحُّ الصلاة لو نواها العبد أداءً وكانت قضاءً، والنيّة واجبةٌ في جَمع التقديم عند جمهور الشافعية، ولا تلزم عند الحنابلة، مستدلّين بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، حيث لم يأمر أصحابه بالنيّة.
النيّة لصلاة النافلة
قسّم جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة النوافل إلى: نوافل مقيّدة: وهي كالسّنن الرّاتبة، وصلاة الوتر، والاستسقاء، والكسوف، وعدّ الشافعية والحنابلة صلاة التراويح من النوافل المقيّدة خلافاً للمالكية. والقسم الثاني النوافل المُطلقة: وهي النوافل التي لا تحتاج إلى نيّةٍ لتحديدها، فالصلاة التي تكون في اللّيل هي قيام الليل، والتي تكون أوّلُ النهار هي صلاة الضحى، والصلاة عند دخول المسجد هي تحية المسجد. وقد ذهبوا إلى لزوم النيّة في النوافل المقيّدة، وعدم لزومها في النوافل المُطلقة، وذهب الأحناف إلى عدم لزوم النيّة في جميع النوافل.
وقت النية في الصلاة
ورد عن جمهور الفقهاء أنّه يجوز تقدُّم النيّة على تكبيرة الإحرام بوقتٍ قليل، وقد اشترط كلٌّ من الأحناف والحنابلة عدم القطع بين النيّة والتكبير بفعل أيّ أمرٍ من الأمور، وخالفهم الشافعية في ذلك، حيث اشترطوا مقارنة النيّة لتكبيرة الإحرام. وذهب الأحناف إلى جواز نيّة العبد للصلاة، ثمّ الوضوء والذهاب للمسجد والتكبير للصّلاة دون ستحضار النيّة، لأنّه قام بأفعالٍ مرتبطة بالصلاة، أمّا لو نوى الصلاة ثمّ أكل أو شرب وغير ذلك من الأفعال، فلا يصحّ أن يكبّر دون تجديد النيّة، ولا تصحّ النيّة بعد تكبيرة الإحرام.
حكم النية في الصلاة
اتّفق الفقهاء جميعاً على أنّ الصلاة لا تصحّ بدون النيّة و تبطل بتركها، لأنَّ النيّة تُميّز العبادة عن العادة، ويجب أن تكونَ خالصةً لله -تعالى-، ولكن تعدَّدت آرائهم في حكمها مُستدلّين بقوله الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، وما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
- الأحناف: ذهبوا إلى أنَّ النيّة شرطٌ من شروط صحّة الصلاة، والنيّة محلّها القلب، ويُسنُّ التلفّظ بها باللسان، والأولى الجمع بينهما.
- الحنابلة: اتّفقوا الحنابلة مع الأحناف في كَوْن النيّة شرطٌ لصحةِ الصلاة.
- المالكية: النيّة فرضٌ من فروض الصلاة.
- الشافعية: إنَّ النيّة ركنٌ من أركان الصلاة، وهي واجبةٌ في أوّلِ الصلاة.
التعريف بالنية
النية: هي قصدُ العبادة التي كَلّف الله -تعالى- بها عباده مقترنةً بفعلها، ومحلّها القلب، استناداً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ)، ويُؤكد أنَّ النيّة محلّها القلب؛ الكثير من آيات القرآن الكريم كقول الله -تعالى-: (لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)، وقوله: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا). وهناك مَن ذهب إلى أنّ النيّة محلّها القلب واللّسان معاً، كالإمام الماوردي -رحمه الله-، وقد استدلّ بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ أوْ تَتَكَلَّمْ)، وقد تفرّد بهذا الرأي عن الآخرين من فقهاء المذهب.
وقد شرع الله -تعالى- النيّة لحِكمةٍ مفادُها تمييز أفعال العباد إن كانت عبادات خالصة لله أو عادات يومية، والحكمة من نيّة الصلاة تمييزها إن كانت فرض عين أو كفاية أو نذر أو نفل وغيره. ويشترط في النيّة شروطاً بيانها فيما يأتي:
- إن النّية متعلّقة بالناوي، ولا يجوز النيّة لفعل شخصٍ آخر.
- أن تكون النيّة في شيءٍ معلومٍ دون التردّد أو الشكّ به.
- أن تكون النيّة مقارنةً للعبادةِ أو قبلها بوقتٍ قليل.