كيف تحدث ظاهرة البرق
كيفية حدوث ظاهرة البرق
ينتج الشّحن الكهربائي داخل سحب العواصف الرّعدية نتيجة وجود جزيئات مائية صغيرة الحجم أو بسبب تدفّق بلورات الجليد صعوداً وهبوطاً في الهواء واصطدامها ببعضها البعض بالاعتماد على رطوبة الجو، إذ يؤدي هذا الأمر إلى انتقال الإلكترونات سالبة الشّحنة من بلورة جليد لأخرى وفصل الشّحنات السّالبة عن الموجبة بحيث يصبح الجزء العلوي من السّحابة مشحوناً بشحنة موجبة، بينما تصبح قاعدة السّحابة مشحونة بشحنة سالبة.
مع ازدياد قوة الحقل الكهربائي في منطقة تواجد سحابة العاصفة الرّعديّة يبدأ الانهيار الكهربائي للهواء، ويبدأ عمود من الهواء المحمّل بالشحنات يُعرف باسم القائد المتدرج (بالإنجليزيّة: Stepped leader) بالانتشار نحو الأرض بخطوات متتالية يصل طول الواحدة منها إلى 50 متراً تقريباً، ومع استمرار حركة ونمو القائد المتدرج يتأيّن الهواء ويحمل شحنة كهربائية على امتداد مساره، ومع اقترابه من الأرض يتشكّل فرق جهد كهربائي بين نهاية القائد المتدرّج والأرض مما يؤدي إلى إطلاق الأرض لشحنات كهربائية تعترض مسار القائد المتدرج قبل وصوله للأرض.
عند التقاء القائد المتدرج مع الشّحنات الكهربائيّة التي تنطلق من الأرض تحدث ضربة مرتدة أو راجعة (بالإنجليزيّة: return stroke) باتجاه الغيمة بسرعة مماثلة لسرعة الضّوء تقريباً، مما يولّد طاقة هائلة، وضوء ساطع فيما يعرف بالرّعد والبرق، ومن الجدير بالذّكر أنّ الحقل الكهربائي يكون عالياً جداً في الأجسام الطويلة المرتفعة مثل هوائيات الرّاديو لذلك عندما يصل إليها القائد المتدرج فأنه ينتشر منها إلى السّحابة مكوناً وميضاً متفرعاً ينتقل من الأرض إلى الغيمة، ويتميّز هذا النّوع من وميض البرق بأنّه ينقل إلى الأرض شحنة كهربائيّة موجبة.
يحدث أمراً شبيهاً بما ذُكر سابقاً في حالة البرق داخل الغيمة إلا أنّ التّفريغ الكهربائي يحدث بين مناطق الغيمة المختلفة في الشّحنة الكهربائيّة، ولا وجود للضربة الرّاجعة بسبب عدم قدرة الهواء البعيد عن الأرض على نقل الكهرباء، ومع ذلك يُنتج عن هذا النّوع من البرق طاقة هائلة ووميض ساطع، ورعد مثله في ذلك مثل البرق من الغيمة للأرض.
نظرة عامة عن ظاهرة البرق
يُعرف البرق (بالإنجليزيّة: lightning) على أنه ظاهرة طبيعية تنشأ بفعل عمليات التفريغ الكهربائي على شكل شرارة عند وجود فائض من الشّحنات الكهربائيّة السّالبة أو الموجبة داخل منطقة معينة من الغيمة بما يكفي لكسر مقاومة الهواء لمرور التّيار الكهربائي فيه، ويرتبط البرق عادةً بالمزن الرّكاميّة أو السّحب الرّعديّة، ولكنه قد يحدث أيضاً في السّحب الطّبقيّة التي تتموضّع على شكل طبقات أفقيّة كبيرة، وفي العواصف الرّمليّة والثّلجية، وفي حالات قليلة قد يرتبط البرق بالغبار والغازات المنبعثة عند انفجار البراكين.
يحدث التّفريغ الكهربائي أثناء البرق على شكل صاعقة يمكنها الانتقال بسرعة 45 كيلومتر في الثّانية (100000 ميل في السّاعة) ويؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 28,000 درجة مئويّة تقريباً، وهي حرارة عالية بما يكفي لتحويل الرّمل إلى زجاج، ويمكن أن تحمل صاعقة من البرق المشحون بشحنة سالبة تياراً كهربائيًا يبلغ 40 كيلو أمبير في المتوسط، ومع ذلك فمن المعروف أنّ بعض الصواعق يمكن أن تحمل تياراً كهربائياً يصل إلى 120 كيلو أمبير، وتنقل شحنة كهربائية تبلغ 5كولوم و 500 ميجا جول، أو تنتج طاقة كافية لتشغيل مصباح كهربائي 100واط لفترة تقل عن الشّهرين بقليل، ويعتمد الجهد الكهربائي على طول الصّاعقة، حيث يكون الانهيار الكهربائي للهواء (ظاهرة تحول مادة عازلة إلى موصلة للكهرباء) بمقدار 3 ملايين فولت للمتر الواحد، مما يعني إنتاج نحو مليار فولت لصاعقة برق يبلغ طولها 300 متر (1000 قدم).
أنواع ظاهرة البرق
يوجد من أنواع البرق منها أنواع رئيسيّة وأخرى فرعيّة، كما أنّ هناك أنواع وأوصاف للبرق تعود لمشاهدات فرديّة، أو حتى أوهام بصريّة، أو خرافات، وبشكلٍ عام فإنّ أكثر أنواع البرق شيوعاً ما يأتي:
- من الغيمة/السحاب إلى الأرض: يعد نوع من الغيمة إلى الأرض (بالإنجليزيّة: Cloud-to-ground lightning) من أكثر أنواع البرق خطورة وضرراََ، والأكثر دراسةً وملاحظة أيضاً، وينشأ غالباً من انتقال الشّحنات السّالبة من مركز قاعدة الغيمة باتجاه الأرض، إلا أنّه قد ينشأ في حالات قليلة جداً من انتقال شحنات موجبة من قاعدة الغيمة إلى الأرض خاصةً في مرحلة تشتّت أو تبدد العاصفة الرّعديّة، إذ لا تتراكم بالغيمة شحنات سالبة، ومع ذلك فأنّ وميض الشّحنات الموجبة هو الأكثر شيوعاً خلال أشهر الشّتاء من الصيف.
- داخل الغيمة أو السحاب: ينتج البرق داخل الغيمة أو السحابة (بالإنجليزيّة: Intra-cloud lightning) نتيجة التّفريغ الكهربائي بين المراكز المشحونة بشحنات مختلفة داخل الغيمة نفسها، وفي بعض الحالات يمكن رؤية وميض البرق خارج حدود الغيمة من على بعد عدة أميال.
- بين الغيوم أو السُحب: يشبه البرق بين الغيوم (بالإنجليزية: Intra-Cloud Lightning) البرق المُتشكل داخل الغيوم، ولكن الفرق الوحيد هو حدوثه بين غيمتين منفصلتين، بحيث يكون أثر أو تأثير عمليات التفريغ بين الغيمتين، بدلاً من تأثيره على الشحنات داخل السحاب.
تختلف نسبة حدوث البرق من غيمة إلى الأرض، والبرق داخل الغيمة من عاصفة رعديّة لأخرى، ويُعتقد أنّ العواصف التي تتشكل عمودياً تنتج فقط بالبرق داخل الغيمة، وهناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى حدوث نوع من البرق دون الآخر من أهمها الموقع بالنّسبة لدوائر العرض، وارتفاع قمة الغيمة.
التنبؤ بحدوث ظاهرة البرق
يصعب التنبؤ بمكان وموعد حدوث البرق بطريقة مؤكدة وموثوقة بنسبة مئة بالمئة بالرّغم من الحاجة الماسة لهذا النّوع من التّحذير المسبق خاصةً عند التّخطيط لإقامة فعاليات خارجيّة مثل المعارض الحكوميّة أو بطولات الجولف، فإنَّ الأمر المتاح حالياً فقط هو القدرة على تقدير احتماليّة حدوث برق من الغيمة للأرض باستخدام أجهزة قياس المجال الكهربائي المتراكم في الهواء والذي يمكن من خلالها التّعرّف على قوة الشّحنات الكهربائيّة المتراكمة، وبالتالي معرفة أنّ البرق على وشك الوصول إلى مكان ما بطريقة تقريبيّة.
يمكن تحديد موقع حدوث برق من غيمة للأرض بعد حدوثه بالفعل باستخدام جهاز للكشف عن البرق (بالإنجليزيّة: lightning direction finder)، وهي أداة أو جهاز مغناطيسي متخصص يعمل من خلال اكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية بما فيهم موجات الرّاديو التي ينتجها البرق، والتي تتميّز بأنّها إشعاعات طويلة الموجة يمكنها السّفر أو الوصول لمسافات طويلة على طول سطح الأرض.
مخاطر ظاهرة البرق
يتسبب البرق بحدوث وفيات أو على الأقل يمكن أن يؤدي إلى إصابة الإنسان بجروح خطيرة إذا تعرّض لضربة برق، أو إذا صدف وجوده بالقرب من جسم تعرضّ لضربة برق، بغض النّظر عن مكان وجوده، خارج المنزل أو داخله لأنّ البرق يمكنه الانتقال عبر الأسلاك والأنابيب، ويعتمد تأثير البرق على الإنسان على نوع ضربة البرق التي يتعرّض لها، وهذه الأنواع هي:
- الضّربة المباشرة: تحدث الضربة المباشرة (بالإنجليزيّة: Direct Strike)عندما يتعرّض الإنسان لضربة البرقبشكل مباشر، وفي هذه الحالة فإنّ إمكانية النّجاة تكون قليلة جداً، وذلك لأنّ صاعقة البرق تحمل تيار كهربائي تبلغ شدته 30,000 أمبير و100 مليون فولت، وتُنتج حرارة تصل إلى 27,760 درجة مئويّة ( 50000 درجة فهرنهايت).
- جهد التّماس: تنتج الإصابة عن جهد التّماس أو الاتصال بالجهد (بالإنجليزيّة: Contact Voltage) بسبب الاتصال المباشر مع جسم ضربه البرق، مثل أسطح المباني، أو أسطح المركبات، والأبراج، والأعمدة، والأسلاك وأنابيب الماء.
- الوميض الجانبي: يعرف الوميض (بالإنجليزيّة:Side Flash)، وهي الصّاعقة التي تضرب جسماً آخر إلا أنها ترتد عنه لتصيب الأشخاص القريبين منه.
- جهد الخطوة، يعرف جهد الخطوة على (بالإنجليزيّة: Step Voltage) أو الصّاعقة الأرضية (بالإنجليزيّة: Ground Streamers) على أنّه انتقال التّيار الكهربائي من الأرض التي تعرضّت لصاعقة البرق أو من أي مسار كهربائي مثل الرّصيف الرّطب، أو برك المياه، إلى الأشخاص الذين يتواجدون على بعد 100 قدم (30.5 متر تقريباً)، ومن الأمثلة عليها ما يحدث عندما يضرب البرق شجرة طويلة فينتقل التّيار الكهربائي إلى سطح الأرض وينتقل لمسافة بعيدة، وهذا النّوع هو الأكثر تسبباً بحدوث الإصابات للبشر، حيث يدخل التّيار الكهربائي الجسم عند النّقطة الأقرب إلى ضربة الصّاعقة مثل القدمين، ويخرج من الجسم من نقطة أخرى بعيدة، وكلما ازدادت المسافة بين هاتين النّقطتين كلما ازداد احتمال الإصابة أو الوفاة، لذلك غالباً ما يكون التّيار الأرضي قاتلاً للماشية بسبب حجمها الكبير.
إجراءات السّلامة عند حدوث ظاهرة البرق
يجب مراعاة العديد من الأمور لتجنّب الحوادث التي تحدث نتيجة البرق، وفيما يأتي بعضاّ منها:
- متابعة النّشرات الجوية المحليّة للتعرّف على حالة الطّقس، ومراقبة العلامات التي تدل على احتمال حدوث البرق مثل، تكوّن السّحب العاليّة التي تكون على شكل القرنبيط، والسّماء المُظلمة أو المُعتمة.
- البحث عن ملجأ من الرّعد والبرق بسرعة عند سماع صوت الرّعد حتى إن كان بعيداً لأنّ صاعقة البرق يمكن أن تضرب على بعد مسافة 16كم تقريباً عن مكان تساقط الامطار، وفي حال مرور 30 ثانية أو أقل ما بين رؤية البرق وسماع صوت الرّعد فهذا يعني أنّ صاعقة البرق تبعد مسافة 10 كم تقريباً ويجب البحث عن مأوى من البرق، ويُفضّل اختيار مبنى كبير مغلق وتجنّب السّقائف الصّغيرة أو الملاجئ الصّغيرة والجزئيّة مثل السّرادقات والخيم، أما إذا ضربت صاعقة البرق أثناء التّواجد في سيارة لها سطح صلب فيمكن البقاء فيها بعد التّأكّد أنّ النّوافذ مغلقة.
- الابتعاد عن المسطحات المائيّة عند ظهور علامات تدل على حدوث البرق، لذلك يتوجّب على الشّخص إذا كان يسبح، أو إذا كان داخل قارب التّوجه مباشرة إلى الشّاطئ والبحث عن مأوى، أما إذا لم يتوفر وقت كافٍ للوصول إلى الشّاطئ فيجب على الشّخص أن يجثم في وسط القارب تماماً والانتظار حتى تنتهي صاعقة البرق.
- الابتعاد عن الأماكن التي يمكن أن يتدفّق البرق من خلالها إلى داخل المنزل مثل النّوافذ المفتوحة، والابتعاد أمتار قليلة عن المصارف، والمراحيض، وأحواض الاستحمام، والصّناديق والمنافذ الكهربائية.
- تجنّب الاستحمام أثناء حدوث البرق والعواصف الرّعديّة.
- تجنّب استخدام الهاتف الأرضي إلا عند الضّرورة القصوى؛ لأنّ الشّحنات الكهربائية قد تنتقل إلى الهاتف إذا ضرب البرق خطوط الهاتف في الخارج، أما الهواتف اللاسلكيّة والخلويّة فهي آمنة للاستخدام لأنها لا تتصل بأسلاك المبنى مباشرةً.
- فصل الكهرباء عن الأجهزة الكهربائيّة والإلكترونيّة بما في ذلك التوصيلات الهوائية.
- التّصرف بشكلٍ سريع عند الشّعور بقرب حدوث البرق أثناء التّواجد خارج المنزل وعدم وجود مأوى قريب، والتّوجه نحو منطقة منخفضة بعيداً عن الأشجار، أو الأجسام المعدنيّة، والأنابيب، والأجسام الطّويلة، وضم القدمين، وثني الأرجل، ووضع اليدين على الرّكبتين، وخفض الرّأس، وتجنّب الاستلقاء على الأرض أو وضع اليدين أو الرّكبتين على الأرض، وفي حال حدوث البرق أثناء التواجد في غابة فيجب البحث عن الأشجار القصيرة والقرفصة بعيداً عن جذوع الأشجار.