كيف إنتشر الإسلام
كيف انتشر الإسلام؟
انتشر دين الإسلام بسرعة فائقة، من خلال الطرق الاتية:
الجهاد بالحكمة والموعظة الحسنة
بدأ الرسول -عليه السلام- الجهاد في مكة المكرّمة بالوعظ، والإحسان، والحكمة، وقد واجه -عليه الصلاة والسلام- والصحابة الكرام أذىً كبيرًا من المشركين أثناء الجهاد، ممّا جعلهم يهاجرون من مكة إلى المدينة المنورة، وفيها تشكّل عددٌ من الأحزاب ومنها: معاهدين، ومنافقين، وغيرهم، وقد جرَت مُعاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهذه الفئات بالمعاملة الحسنة والحكمة؛ حيث قام بمراعاة المعاهدين ومعاملة المنافقين على حالهم الظّاهر، ولم يبدأ بالحرب إلاّ على الذين أصرّوا على كفرهم وعنادهم والذين لم يراعوا عهدًا.
غاية الجهاد بالحكمة
إنّ الجهاد في سبيل الله له غايتان رئيستان وهما:
- الدفاع عن الحقّ: إنّ هذه الغاية مُتفق عليها بين كافّة الشّرائع السّماويّة والأديان.
- تبليغ الدّعوة الإسلامية: وهي غاية تتحقق إقامة العدل من خلالها.
أهمية الدعوة بالحكمة
تكمُن أهمية الدّعوة بالحكمة في العديد من النقاط، وفيما يأتي بيانها:
- إنّ الله -سبحانه وتعالى- أَمرَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالدّعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
- إنّ السيرة النبوية تضمّنت العديد من الأدلة التي تبيّن حكمة الرّسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء دعوته إلى الإسلام، ممّا أدّى إلى دخول أفواجٍ كثيرةٍ إليه، ودليل ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتي وأَنَا بمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وإيمَانًا، فأفْرَغَهَا في صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ).
- إنّ الدّعوة بالحكمة استخدمها الصحابة -رضي الله عنهم- أثناء دعوتهم إلى الإسلام ممّا أدّى أيضًا إلى انتشاره في عهدهم.
- إنّ الحكمة تتضمّن العديد من الطّرق؛ فهي ليست مُقتصرة على اللين والرّفق، وإنّما تحتوي على عدّة طرق ومنها: العفو والحلم، وقد تكون من خلال الترغيب والترهيب، بالإضافة إلى استخدام الجدال الحَسَن، واللطف، وردّ الباطل بالأدلة العقليّة، وأخيرًا قد تكون الحكمة باستخدام القوّة؛ كالضّرب والتّأديب.
أدلة الدعوة بالحكمة من القرآن الكريم
سيتم فيما يأتي بيان الأدلّة الواردة على الدّعوة بالحكمة:
- قوله -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ).
- قوله -تعالى-: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
الالتزام بأخلاق الإسلام
إن الخُلق الحسَن كفيلٌ إلى تشجيع غير المسلم على الدّخول إلى الإسلام، فعندما كان التّجار يذهبون إلى بلادٍ عديدة يتعاملون مع النّاس بوقارٍ واتّزان، وأصبح سلوكهم لافتًا للقوم، ليسألوهم عن سبب ذلك، وكانوا يجيبون بأنّه سلوك الإسلام؛ ممّا أدّى ذلك إلى إسلام العديد منهم.
وعندما كان للسّلوك الحَسن دورٌ كبيرٌ في الدخول إلى الإسلام والدّعوة إلى الله، فلا بُدّ للمسلم أن يتحلّى بالخُلُق الحسَن ومعرفة الدّين الصّحيح، والتّفقّه بأمور الدّعوة، كما أنّ الدّاعي إلى الله يجب أن يكون قدوة؛ فلا يأمر بمعروف يفعل خلافه، ولا ينهى عن منكرٍ يفعله، حيث يقول الله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمين).
اشتماله على أحكام تسعد الإنسان
إنّ الإسلام انتشر لِمَا فيه من أحكام وضوابط مُنظمة، ممّا أدى إلى انجذاب النّاس بالدّخول إليه، ولم ينتشر بقوة هؤلاء الذين آمنوا به، وجديرٌ بالذّكر أنّ القوانين التي تضمّنها القرآن تُسعد الآخرين لاشتمالها على كافّة الأحكام، كما أنّه الدّين الوحيد الذي ارتضاه الله دينًا؛ كونه يقضي على كافّة مبادئ القلق، والخوف، والسيطرة التي كرّستها الرأسماليّة والاشتراكية وغيرها.
إنَّ الإسلام هو الدّين الوحيد الذي قضى على أشكال التمييز التي تحتوي على المراتب والطّبقات، حيث جاء وأبطَل هذه الفِرق؛ لِما فيها من العلوّ والاستكبار الذي يخالف الشريعة الإسلامية، ممّا يعني أن الإسلام ينظر إلى نيّة الإنسان وعمله لا إلى نسبه وذاته، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
لا إكراه في الدين
إن المبدأ العام للمسلمين هو عدم إجبار الغير على اعتناق الإسلام بالقوّة والإكراه، وإنّما الإسلام قائم بالحجّة والبرهان، حيث يقول الله -تعالى-: (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ، فالآية جاءت لتبيّن أن من اعتنق الإيمان يكون ذلك بمحض اختياره، ومن اختار الكفر فأيضًا باختياره، ومع ذلك فالله -تعالى- لا يُحبّ سوى الإيمان وأهله.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الإنسان الكافر لا يُقابل بأسلوب التّهديد بالقتل إذا لم يسلم، وإنما يُعطي الجزية ويُترَك فربّما يحبّون الإسلام فيما بعد ويعتنقوه، ولكن إذا أصرّ الكافر على عناده واستكباره بمقابلة المسلمين بالقتل فإنّهم عند ذلك يُقاتلون.
هل انتشر الإسلام بالسيف؟
إن العقائد متعلّقة بالنّفس وطبيعتها؛ لذلك لا يُمكن غرس العقيدة الإسلاميّة بالإكراه، ممّا يعني أنّ الحروب لم يكُن هدفها الرّئيسي إرغام الناس على الإسلام، بل كان الهدف منها إزالة العوائق التي تحول بين الإسلام والناس، وإنّ سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتاريخ أظهروا كذب هؤلاء الذين يدّعون بأنّ الإسلام انتشر بالسّيف، ودليل ذلك أن الحروب ترتب عليها العديد من الفتوحات الإسلاميّة التي تحرّرت الشعوب بفضلها من الاضطهاد والظلم.
بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الدليل على أن الإسلام لم ينتشر بالسّيف هو بقاء الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة عشر سنة في مكّة يدعو إلى التّوحيد، وبعد الهجرة قام بتخيير الكفار في الدخول إلى الإسلام، أو البقاء على دينهم مع دفع الجزية وحمايتم، ومثال ذلك معاملته -صلى الله عليه وسلم- مع وفد بني تغلب.
ورد في المقال الطرق التي انتشر بها الاسلام من حكمة، ولطف، وأسلوب حسن، وجدال بالتي هي أحسن، وعدم إكراه للناس على الدخول فيه وإعتقاده، لا كما يُذاع أنه دين انتشر بالسيف والقتل، كما تم بيان الحكمة من تشريع الجهاد.