كيف أقوي علاقتي مع الله
علاقة العبد مع الله
الدنيا دار ابتلاء وكدّ وتعب واجتهاد؛ فهي مليئةٌ بالهموم والمشاغل التي ترهق الإنسان وتضعفه، ولكنّ الإنسان الذي يقوّي علاقته بالله يقوى به، فالله -سبحانه وتعالى- هو القوي العزيز مالك كل شيء ومليكه، وبالتالي فإن الإنسان المتعلق بربه يستمد القوة والعزة منه، كما أنّ الاتصال بين العبد وربه هو جوهر الدين، وفي هذا المقال بعض الأمور التي تقوي علاقة المسلم بربه.
كيفية تقوية العلاقة مع الله
التوحيد
يبدأ الإيمان بالاعتراف والإقرار بربوبية الله -عزَّ وجل- ووحدانيته، فالله هو الخالق البارئ ولا شريك له، فيكون التوحيد أول صلة للعبد بالله -تعالى-، من خلال الإيمان التّام بهذه الحقيقة، كما أنّ التوحيد سبب للنجاة والفوز بالخيرات؛ يقول -صلى الله عليه وسلم-: (أَبْشِرُوا وَبَشِّرُوا مَنْ وَرَاءَكُمْ، أَنَّهُ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ صَادِقًا بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ).
الصلاة
وفي الصلاة يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه، فهو يلبي نداء الآذان، ويقف بين يدي الله -سبحانه-، وأقرب ما يكون العبد إلى ربه في السجود؛ "لأن العبد بقدر ما يذل من نفسه يقرب من ربه، والسجود غاية التواضع، ونهاية التكبر عن النفس؛ لأن النفس لا تأمر بالتواضع، فإذا سجد خالف نفسه، وبَعُدَ عنها فَقَرُب من ربه"؛ لهذا يقول -سبحانه-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب).
الصوم
هو عبادة راقية وتقرّب كبير لله -عزّ وجل-، وقد وعد الله الصائمين بالأجر والثواب العظيم، كما أنّ للصائمين دعوةٌ لا ترد، وفي ذلك دلالةٌ على مكانة الصائمين عند الله -عزّ وجل- وقربهم منه، وذلك لأنّ في الصيام مخالفة للشهوات ورغبات النفس، والامتناع عنها امتثالاً لأمر الله -تعالى- يزيد من القوة والعزيمة، ونوع من أنواع التربية والتزكية؛ فتسمو النفس وتقترب من خالقها.
الإحسان إلى عباد الله
الإسلام هو دين المعاملة الحسنة، وقد وضع الله تشريعاته لينظّم حياة الناس، ويضمن حقوق كل فردٍ منهم، سواءً كان ضعيفاً أم قوياً، ولذلك يجب على المسلمين السير على هذا النهج والإحسان إلى الناس، من خلال أداء الحقوق إلى أصحابها، والانتصار للضعيف، وتقديم العون والمساعدة بجميع أشكالها، وطلاقة الوجه، وكفّ الأذى.
برّ الوالدين
أمرنا الله ببر الوالدين، وجعل رضاهما من رضاه؛ لما لهما من فضلٍ كبير على أولادهما، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رضا اللهِ في رضا الوالدينِ وسخطُ اللهِ في سخطِ الوالدينِ)؛ فكم من دعوة صادقة استجابها الله ببركة دعاء الوالدين ، وكم من إحسان للعبد كان نتيجة إحسانه لوالديه.
النوافل
قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه).
وفي هذا الحديث دليل قوي على أهمية النوافل؛ فكّلما زاد العبد من أداء النوافل زادت علاقته بالله -تعالى-، وزاد قربه منه، فبعد أن يزكي العبد نفسه بالتوحيد وأداء فرائض الله -عز وجل- يزكي نفسه بكثرة النوافل؛ والسبب في محبة الله -تعالى- لمن يقوم بها؛ لأنّ العبد يقوم بها طواعية ومحبة لله -تعالى-، بينما الفرائض قد يؤديها مخافة العذاب والعقاب.
ومن النوافل المستحبة : صيام الأيام الستة من شوال، وصيام الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة، وصيام الأيام البيض، والاثنين والخميس من كل أسبوع، والصلاة النافلة غير المفروضة.
الصدقة
إنّ مالك المال والرزق والخير كلّه هو الله -جل في علاه-، ولذلك يجب على المؤمن إنفاقه بما يرضي الله، ومن هذه النفقات ما كان لليتامى والمساكين وابن السبيل، وإن المؤمن عندما يتصدق لوجه الله بنيةٍ صادقةٍ، فإنّ هذا المال يقع بين يدي الله قبل يد الفقير، وكأن المؤمن يدّخر هذا المال لآخرته، والصدقة دليلٌ كبيرٌ على الإيثار والرحمة، ومقربة كبيرة إلى الله.
قال -صلى الله عليه وسلم- في حقّ المتصدق: (فإِنَّ اللهَ يتقبَّلُها بيمينِهِ، ثُمَّ يُرَبيها لصاحبِها، كما يُرَبِّي أحدُكم فَلُوَّهُ حتى تكونَ مثلَ الجبَلِ).
ذكر الله
عندما يذكر المؤمن ربه؛ فإنّه يذكره في الملأ الأعلى عنده، وهذه الدعوة للمؤمن ليكثر من الاستغفار ، والتسبيح، والتهليل، والتكبير خلال يومه وليلته ليذكره الله ويحبه؛ ثبت في الحديث القدسي عن الله -تعالى-: (أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في ملأ ذَكَرْتُهُ في ملأ خَيْرٍ منهمْ).