كيف أقوي روحانيتي
طرق تقوية الجانب الروحي
يسعى المسلم إلى تقوية الجانب الرّوحي عنده، وقد ميّز علماء النّفس والاجتماع بين الجانب المادي الذي يتعلّق بالنّفس من نزواتٍ ورغبات وشهوات نفس يسعى الإنسان لتحقيقها، وبين الجانب الرّوحي للإنسان الذي يتعلّق بالأمور الغيبيّة أو غير المشاهدة التي لا يعاينها النّاس وإنّما يشعرون بها بروحهم ومشاعرهم، ولتقوية هذا الجانب وسائل عديدة، منها الطرق الآتية:
تأدية العبادات
إن العبادات بشكل عام تزيد من روحانيّات الإنسان؛ فالصّلاة تعمّق الجانب الرّوحي في الإنسان من خلال توثيق صلة العبد بربّه فتفيض عليه المعاني الرّبانيّة وتتجلّى عليه الرّحمات والسّكينة، ويستشعر علوّ روحه وسموّها، بينما ينخفض مستوى الرّوحانيّة لديه كلما ابتعد عن تلك اللّحظات الإيمانيّة إلى المادّيات والتّعلق بالحياة، وقد جاء ذكر أهمية الصلاة ودورها في مناجاة الله -تعالى- والتقرب إليه الحديث الشريف: (إنَّ أحَدَكُمْ إذَا صَلَّى يُنَاجِي رَبَّهُ).
أعمال القلوب
لا تقل أعمال القلوب أهمية عن أعمال الجوارح؛ بل على العكس قد تفوقها أهمية، إذ إن أعمال الجوارح لابد وأن تترافق مع الإخلاص لله -تعالى- والنية الصالحة والبعد عن الكبر والرياء وغيرها من أعمال القلوب، وقد جاء ذكر أهمية أعمال القلوب في الحديث الشريف: (إنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ).
التّأمل والتّدبر في الكون
إن التّأمل والنّظر فيما خلق الله تعالى في السّماء والأرض والآفاق تزيد من روحانيّة الإنسان وتعلّيها؛ وذلك عندما يرى الإنسان آيات الله -سبحانه وتعالى- في خلقه، ومعجزاته الباهرة الدّالة على عظمته وقدرته في الخلق والإبداع.
وقد حث الله -تبارك وتعالى- عباده على النظر في الآفاق والتفكر حيث قال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وجاء في آية أخرى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
الإيمان القلبي بالله تعالى
فالإيمان في القلب يزيد وينقص تبعاً لأعمال الإنسان ومدى قربه من ربّه عزّ وجل والتزامه بأوامره واجتنابه لنواهيه، وقد جاء العديد من الأدلة الشرعية التأكيد على أن الإيمان يزيد بالأعمال الصالحة، منها قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وقوله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ).
الزّهد في الحياة وملذاتها
إن الزهد في الحياو الدنيا يتحقق من خلال التّفكر في الحياة الآخرة ونعيمها وما أعدّه الله تعالى لعباده فيها، ومن شأن ذلك أن يقوّي من روحانيّات الإنسان ويعليها؛ بحيث يترك الإنسان التّعلق بشهوات الحياة الدّنيا من مالٍ ومتاعٍ ويقبل على الدّار الآخرة، وقد ضرب السّلف الصّالح خير النّماذج والمثل حيث عمّقوا الجانب الرّوحي لديهم بتقواهم وزهدهم وترفّعهم عن ملذات الحياة الفانية.