كيف أحفظ نفسي من العين والحسد
التوكل على الله
توكّل المسلم على ربّه يعني: أن يعتقد المؤمن يقينًا أن الضرّ والنفع كلّه بيد الله سبحانه، وأنّ من أراد الله نفعه فلن يستطيع ضره أحد، وأن الذي قدّر عليه الله الضر فلن يجد من ينفعه من المخلوقات، فمن تحقّق معنى التوكّل على الله في قلبه، فإنّ إبليس وجنده يقفون بكل عجز عن الإضرار به، فلا يضر المتوكّل الحقَّ شيء بإذن الله تعالى.
قال النبي -عليه الصلاة والسلام- مخاطباً ابن عباس -رضي الله عنهما-: (واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوكَ بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، ولو اجتمعوا على أن يضروكَ بشيءٍ، لم يضروكَ بشيءٍ إلا قد كتبه اللهُ عليكَ، جَفَّتِ الأقلامُ ورُفِعَتِ الصُّحُفُ).
تقوى الله
إن من أعظم ما يحفظ الإنسان به نفسه من الضرّ هو التزام تقوى الله تعالى، وذلك بحفظ القلب من الميل للشبهات، وزيغ الشبهات، وتسخير كافة أعضاء الجسد في الاجتهاد بالأعمال الصالحة، والعمل على إبعادها عن المحرمات.
فهذا خير ما يحفظ الإنسان به جوارحه، فيجب على المسلم العاقل متابعة نفسه ومحاسبتها بين الفينة والأخرى، فكلّ ما سبق ذكره يؤدي إلى رضا الله تعالى عن العبد؛ وذلك من دوافع جلب الخير والفلاح في الدنيا والآخرة.
المحافظة على الأذكار
للذّكر أثر الكبير في حفظ المؤمن من كل شرّ وضيق، وهو الحصن أمام العين والحسد وغيرها، ومن أعظم الذكر الذي يلزم على المسلم المداومة عليه؛ هو تلاوة القرآن الكريم، والاجتهاد في فهمه، وتدبّره، وحفظه، ولا يخفى علينا فضل بعض السور في هذا المجال؛ ومنها: سورة الفاتحة التي ورد عن النبي وأصحابه أنهم كانوا يرْقون بها، وسورة البقرة والمعوذات وغيرها.
والأذكار الواردة في الحفظ من العين والحسد وباقي الشرور كثيرة، نذكر منها:
- قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، قال تعالى: (وَلَولا إِذ دَخَلتَ جَنَّتَكَ قُلتَ ما شاءَ اللَّـهُ لا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّـهِ).
- قول: أعوذ بالله من الحسد أو أعوذ بالله من العين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (استعيذوا باللهِ من العينِ فإنَّ العينَ حقٌّ).
- قراءة أذكار الصباح والمساء بعد الصلوات المكتوبات، ودعاء دخول البيت والخروج منه، والتسمية قبل كل عمل، وأذكار قبل النوم؛ فإن كل ذلك يدفع الشرّ، ويجلب الخير.
- الإكثار من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وغيرها الكثير من الأذكار النافعة.
ستر المحاسن عن الناس
ودليلها: أن نبي الله يعقوب اتقى العين عن أبنائه، كما ذكر المفسرون في تفسير قوله تعالى: (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدخُلوا مِن بابٍ واحِدٍ وَادخُلوا مِن أَبوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ)، فللمسلم أن يتحرّز من العين، وله أن يتجنب من العائن (المعروف بالحسد)، وذلك لا ينافي معنى التوكّل، بل هو من باب الأخذ بالأسباب.