كيف أحافظ على الصلاة في المسجد
صلاة الجماعة
تُعدّ الصلاة فريضةً عظيمةً من فرائض الإسلام، فهي أوّل أركانه بعد الشهادتين، وهي أوّل ما يُحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة ، لذلك ينبغي للمسلم أن يحرص عليها ويحافظ على أدائها كما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ولِعظم أهميّة الصلاة فقد جعل الله سبحانه وتعالى أجر أدائها في جماعةٍ أكبرَ وأعظمَ من أجر أدائها على انفراد، قال تعالى (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)، وقد فسّر الإمام القرطبيُّ هذه الآية بقوله أنّ كلمة حافظوا خطابٌ لجمع الأمة المسلمة، وهي تأمرهم أن يحافظوا على الصلاة في وقتها وشروطها، وتشمل المحافظةُ المداومةَ على الأمر والمواظبة عليه، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فضل أداء الصلاة جماعةً في العديد من الأحاديث الكريمة، منها قوله عليه السلام (من تطهّرَ في بيتِه ثم مشى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ ، ليقضي فريضةً من فرائضِ اللهِ ، كانت خطوَتاهُ إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفعُ درجةً)، ومنها أيضاً (صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفَذِّ بسبعٍ وعشرين دَرَجَةً).
وقد خصّ النبي صلى الله عليه وسلم صلاتي الفجر والعشاء في حثّه وترغيبه على الجماعة فيهما، والسبب في ذلك عائدٌ إلى أحد أمرين، أحدهما أنّ المنافق إذا قام إلى الصلاة فإنّما يقوم إليها رياءً، وصلاة الفجر والعشاء تكونان في الظلام؛ حيث لا يرى أحد غيره فيهما، وما دام أنّ الناس لا يمكن أن يروه في الصلاة فلا حاجة له بأن يذهب إليها، والأمر الآخر أنّ صلاة العشاء في الصيف تأتي بعد حرّ النهار، وعندما يبدأ الجو بالبرودة، ممّا يدعو الإنسان إلى الخمول والرغبة في الراحة، كما أنّ الليل في الصيف يكون قصيراً، ممّا يدفع الإنسان للكسل عن صلاة الفجر، أمّا في الشتاء فإنّ النهار يكون قصيراً ويأتي وقت صلاة العشاء مع برودة الجو الشديدة وظلمة الليل، ممّا يدعو الإنسان للجلوس عنها، وكذلك الأمر بالنسبة للفجر، فإنّ الجو يكون بارداً في وقتها شتاءً، وقد رغّب النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الجماعة أيضاً حين عدّها من أسباب رفعة الإنسان في الجنة ، وسبباً في كمال إسلامه وإيمانه، كما شدّد عليه الصلاة والسلام بالدعوة إلى التزام صلاة الجماعة حين بيّن أنّه لا عذر للإنسان في تركها إذا سمع النداء إليها.
كيفية الحفاظ على الصلاة في المسجد
إنّ المحافظة على أداء الصلوات في جماعة من أوضح وأهمّ علامات الخير والصلاح في الإنسان، ولذلك فلا بدّ للإنسان من الحرص على المواظبة والمداومة عليها، وفيما يأتي بيان شيء من المعينات على ذلك:
- اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى مع الإخلاص له، فإنّ كل ما جعله الإنسان خالصاً لله وكان صادقاً فيه دام واتصل، وكلّ ما لم يخلص الإنسان فيه نيته لله سبحانه وتعالى انقطع عنه وانفصل.
- الإكثار من الحوقلة؛ أي قول لا حول ولا قوة إلا بالله، خصوصاً عند سماع المؤذن يقول: (حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح).
- إعطاء الجسم حاجته من الراحة والنوم.
- تنظيم الأوقات، وجعل مواعيد الإنسان مرتبة حسب أوقات الصلاة.
- الحرص على صحبة الخير من المحافظين على الصلاة في المسجد، وترك صحبة خلافهم ممّن لا يهتمّون بالصلاة ولا يؤدونها.
- ترك المعاصي وهجر الذنوب ، فإنّها سببٌ في التقييد عن الطاعات.
- الإكثار من ذكر الله عز وجل في كلّ حال، والحفاظ على الأذكار المسنونة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص، لا سيّما عند الاستيقاظ من النوم، لأنّ الذكر من أسباب حلّ عقدة الشيطان.
- التأكيد على الأهل والأصدقاء والجيران أن يوقظوا الإنسان وقت الصلاة ويذكّروه بها، وأخذ جميع الأسباب المعينة على ذلك كضبط المنبه ونحو ذلك.
- النوم على نية صالحة وطهارة وذكر الله تعالى.
- القراءة في فضل صلاة الجماعة ، ومعرفة أجرها وثوابها.
- التعرف إلى مخاطر ترك صلاة الجماعة، والعلم بأنّ ذلك صفةٌ من صفات المنافقين.
فوائد صلاة الجماعة على المجتمع
إن لتشريع صلاة الجماعة في الإسلام فوائد وحكم عديدة، نذكر منها ما يأتي:
- إظهار شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام ، وهي شعيرة الصلاة، فلو أنّ الناس جميعاً يُصلّون في بيوتهم لما عُرف أنّ هناك شعيرة تسمى الصلاة.
- نشر الألفة والمحبة والمودة بين الناس، فإنّهم عندما يتلاقون في المساجد يُسلّمون على بعضهم، مما يؤدي إلى حصول المودة بينهم، قال عليه الصلاة والسلام (لا تَدخُلونَ الجنَّةَ حتَّى تُؤمِنوا، ولا تؤمِنوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدلُّكُم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحابَبتُم؟ أفشُوا السَّلامَ بينَكُم).
- استشعار معنى المساواة بين الناس، لأنّ الناس تجتمع في المسجد من كافة الشرائح والأصناف، فيصلي الفقير بجانب الغنيّ، والحاكم بجانب المحكوم، والقويّ إلى جانب الصعيف ونحو ذلك، وهكذا يشعرون جميعاً بالمساواة بينهم، ولذلك شُرِعت تسوية الصفوف في صلاة الجماعة.
- تفقّد الناس أحوال بعضهم البعض في صلاة الجماعة، ممّا يدفعهم لمساندة بعضهم، فلو علموا فقر أحدهم لجمعوا له الصدقات ، ولو غاب أحدهم عن صلاة الجماعة لعلموا أنه إما مريض فزاروه، أو مقصّر فنصحوه، ونحو ذلك من صور تفقد أحوال بعضهم.