كن انت ..
توكيد الذات
يخوض الفرد في حياته الكثير من التجارب المختلفة بجميع أنواعها، ويتعرض للكثير من المواقف ويكتسب الخبرات التي يحتاج خلالها إلى الوصول بذاته إلى مرحلة عالية من التوكيد الذاتي للنجاح في تخطي العقبات والتفاعل الإيجابي مع جميع الظروف والمواقف الحياتية، فالإقدام على خوض التحديات والمخاطر المختلفة يتطلب الاعتماد على القدرات الذاتية وعدم الاعتماد على الآخرين في حال المرور بالمواقف غير المرغوب بها، أما الأفراد الذين لا يملكون القدرة على توكيد ذواتهم بشكل حقيقي فإنهم يصبحون بشكل أو بآخر تحت وصاية أشخاص آخرين في جميع تصرفاتهم، فيلجؤون للتعبير عن الغضب، وإظهار الاستقلالية، ولكنهم لا يتجرؤون على الإقدام على إمساك زمام الأمور الذاتية دون الإشراف والتدخل الخارجي. لذا يجب إيجاد التوازن بين إطلاق عنان القوى الداخلية وتقبل الذات كما هي بقدراتها واستعداداتها، بالإضافة إلى القدرة على رسم الطريق الذاتي واتخاذ القرارات الذاتية بتفرد.
كن أنت
يسعى الأفراد بشكل عام إلى التفرد الذاتي والتميز عن الآخرين عن طريق صقل وإتقان المهارات والخبرات الجديدة التي تساعدهم في تدعيم رغباتهم في الوصول إلى الحالة المطلوبة من التكامل الذاتي بالارتقاء بالقدرات، والاستعدادات، والمهارات المختلفة، وعلى النقيض من ذلك فإن الأشخاص الذين يسعون بشكل مستمر على إظهار شخصياتهم ومشاعرهم أمام الآخرين بطريقة مغايرة عن حقيقتها الداخلية هم أشخاص يعانون من الضغط، والإرهاق الجسمي والعاطفي، أي إنه قد يستعمل بعض الأفراد ما يُسمى بالأقنعة المعنوية لإخفاء ما يمرون به من آلام، ومشاعر، وانفعالات، مما يزيد الضغوطات التي يقع الأفراد تحت وطأتها، وبالتالي فينتج عن كل ما سبق فرد يعاني من حالة من فقدان الهوية الذاتية، والتوكيد الذاتي، وبناء الدفاعات تجاه جميع المؤثرات بشكل مستمر، ومن الممكن وضع وتحديد بعض الطرق والأفكار المفيدة والتي تساعد على تدعيم الذات، وفهمها، وتقبلها وعدم السعي إلى تقمص الشخصيات الأخرى، ومن بعض هذه الأفكار ما يأتي:
التغلب على الاتجاهات السلبية
إن وجود الأفكار والاتجاهات السلبية من أكثر الأدلة على انعدام الشعور بالذات وفقدان السعادة ، حيث إن تكوين الفرد للمفهوم الذاتي السلبي تجاه نفسه يجعله يعاني من انعدام الثقة بالنفس، وقلة الكفاءة، والشعور بالدونية، مما يجعله يواجه صعوبات كبيرة في تكيفه مع محيطه بالإضافة إلى عدم التوافق النفسي ، فيظهر على الأفراد الذين يبنون التصورات السلبية تجاه ذواتهم افتقاد الشعور بالثقة والخوف الدائم من التحدث والتعبير عن الأفكار والآراء غير المألوفة وغير الاعتيادية، بالإضافة إلى تفضيل التفاعل مع المجريات الحياتية عن طريق الآخرين ضمن الجماعات المختلفة وتحت إطارها وفي ظل بعض الأشخاص أي الميل إلى التبعية ، والعزلة، والانسحاب. وبذلك يظهر على النقيض مما سبق أن تكوين المفهوم الإيجابي تجاه الذات يساعد الفرد على توكيده لذاته وتقبلها كما هي، بالإضافة إلى الإدراك المحفز المطلوب لمستوى الطموحات ، والإنجازات، والقدرات، والسعي المستمر لاستثمار هذه القدرات للوصول إلى أقصى درجات النجاح وفق الإمكانات الشخصية.
التفاعل الصحيح مع اتجاهات الآخرين وآراءهم
يبني الفرد اتجاهاته نحو الآخرين عن طريق تصوراته الذاتية التي قد يبنيها البعض عبر طرق التعامل وأنماط التفاعل والآراء المختلفة التي تظهر في استجابات الآخرين له، ومن الجدير بالذكر أنه من المهم عدم اكتراث الفرد لآراء الآخرين تجاهه بشكل مبالغ به لاسيما أنه من المعروف أن الجميع يرتكب الأخطاء والجميع قد يعاني في فترات مختلفة من المشاعر السلبية كانعدام الأمان ونمو المخاوف المختلفة والتي قد تعيقه أحياناً عن القيام بالكثير من المهام بالشكل المطلوب، فمن المهم أن يكون الفرد على دراية كاملة بأنه في أغلب الأوقات قد تتكوّن آراء الناس عن طريق اتجاهاتهم الداخلية وشعورهم تجاهه. وبذلك فإن الفرد الذي يسعى إلى الوصول إلى ذاته وإلى توكيدها وتحقيقها لا بد له بأن يتخلى عن أنماط التفكير التي تدفعه إلى التضحية المستمرة التي يقدمها تجاه من حوله ليشعر بامتنان الجميع له، والذي قد يُقابَل بالاستياء من قبل الآخرين وبالتالي إصابته بمشاعر الإحباط . بالإضافة إلى ما سبق فإنه من غير اللازم على الفرد أن يبرر تصرفاته التي يقوم بها لإسعاد ذاته لمن حوله.
السعي لإسعاد الذات
من المعروف أن الفرد هو من يعيش حياته ولن يعيشها أحد غيره، لذا فإن المحاولات المستمرة لإسعاد الذات عن طريق إرضاء الآخرين لن تكون مجدية وكافية لاكتساب رضا الآخرين ولا الرضا الذاتي، أي إنها لن تؤدي غرضها ولن تؤدي إلى السعادة المنشودة، حيث إنه من الممكن أن تُقابل هذه المحاولات بالاستياء والرفض حتى ولو كانت بدافع حب الآخرين والرغبة في تحقيق سعادتهم. ومن المؤكد أن رفض الآخرين يؤدي إلى استياء الفرد وتعرضه إلى خيبات الأمل حتى يجد نفسه في مرحلة ما يفتقد إلى الشعور بالسعادة والبهجة، لذا فإن السعادة المبنية على سعادة ورضا الآخرين هي سعادة مزيفة لا وجود لها، وبمعنى آخر فإنه لا أحد قادر على إسعاد ذاته بقدره هو ولا أحد يدرك طريق سعادته إلا هو ذاته.
الابتعاد عن مقارنة الذات بالآخرين
إن اعتماد الفرد على تقييم ذاته عن طريق مقارنتها مع الآخرين هي من أشد الأساليب فتكاً بالذات وبثقته بنفسه وعدم إحساسه بها، فالمقارنة تدخل الفرد في دائرة من هدم الذات ومحاولة بنائها من جديد، ومن الممكن أن يقارن الفرد ذاته مع النماذج العظيمة وتعلمه منها الإنجازات، والقوة، والإقدام، والسعادة، أي من الممكن أن تكون مصدراً للتحفيز الذاتي.