كم مدة حكم الدولة العباسية
نشأة الدَّولة العبَّاسية
نشأت الدولة العبَّاسية -ولأوّل مرّة في التاريخ الإسلاميّ- عن طريق ثورَة مُسلَّحة على الحُكم القائم آنذاك؛ حيث أطاحت الدعوة العبَّاسية بالخلافة الأمويّة التي كانت قد ضَعُفت، وتهاوَت في آخر عهدها بعد أن وقعت معركة الزاب في عام 132هـ، والتي انتهت لصالح العبَّاسيين، فاستولى عبد الله بن علي العبَّاسي على الجزيرة، والشام ، بينما فرّ الخليفة الأمويّ مروان بن مُحمَّد إلى مصر، وقُتِل فيها بعد أن تَبِعه الجيش العبَّاسي، وانتهت بذلك الدَّولة الأمويّة في المشرق، وبُويِع عبد الله بن مُحمَّد المُلقَّب (بالسفَّاح) على الخلافة في الكوفة ؛ حيث كانت مركزاً للدعوَة العبَّاسية إلى جانب خراسان التي بدأ التخطيط فيها للدَّعوة العبَّاسية بسرّية، ومن الجدير بالذكر أنَّه برز من قادة هذه الدعوة (أبو مسلم الخُراسانيّ)، والذي تمّ التخلُّص منه بعد أن أراد اختطاف الثورَة، وتحقيق أطماعه.
مُدَّة حُكم الدَّولة العبَّاسيّة
استمرَّت الخلافة العبَّاسية 524 سنة تقريبًا (132-656هـ/ 750-1258م)، علماً بأنَّه قد تعاقب على خلافة الدَّولة سبع وثلاثون خليفة، حيث بدأت بالخليفة أبي العبّاس السفّاح، وانتهت بمقتل الخليفة المُستعصِم على يد المغول ، وذلك عندما دخلوا بغداد، ومن الجدير بالذكر أنَّ المُؤرِّخين قسَّموا الخلافة العبَّاسية إلى أربعة عصور؛ تِبعاً للتطوُّر الثقافيّ، والسياسيّ، والفكريّ، والقُدرات الخاصَّة بالخلافة، وهذه العصور هي:
العصر العبَّاسيّ الأوَّل (132-232هـ/ 750-847م)
سُمِّي العصر العبَّاسي الأوّل بالعصر الذهبيّ للخلافة العبَّاسية، والذي ابتدأ بخلافة أبي العبّاس السفّاح سنة 132هـ، وانتهى بوفاة الخليفة الواثق بالله العبَّاسي سنة 232هـ، عِلماً بأنَّ الدَّولة العبَّاسية آنذاك اتَّسمَت بمكانة مرموقة، ونفوذ واسع، وازدهار في العلم، ورخاء في الحياة الاقتصاديّة؛ بسبب ما تمتَّع به خُلفاء هذا العصر من قوَّة سياسيّة، وإداريّة فذَّة؛ حيث قادوا الجهاد، والفتوحات، وحاربوا الروم ، وقمعوا الفِتَن، وفيما يأتي ذِكرٌ لخلفاء العصر العبَّاسي الأوّل، وفترة حُكم كلّ منهم:
- أبو العبّاس عبد الله السفّاح: 132-136هـ
- عبد الله أبو جعفر المنصور: 136-15هـ
- أبو عبدالله مُحمَّد المَهدي: 158-169هـ
- أبو مُحمَّد موسى الهادي: 169-170هـ
- أبو جعفر هارون الرشيد : 170-193هـ
- أبو موسى مُحمَّد الأمين: 193-198هـ
- أبو جعفر عبد الله المأمون: 198-218هـ
- أبو إسحاق مُحمَّد المُعتصم: 218-227هـ
- أبو جعفر هارون الواثق: 227-232هـ
العصر العبَّاسي الثاني (232-334هـ/ 847-946م)
بدأ العصر العبَّاسي الثاني بخلافة المُتوكِّل عام 232هـ، وانتهى بعهد الخليفة المُستكفي عام 334هـ، وقد تميَّز بسقوط هيبة الخلافة، وضعف سُلطة الخليفة، وزيادة نفوذ الحُكم التركيّ فيها، ممَّا أدَّى إلى استقلال عدَّة دُوَل عن جسم الخلافة العبَّاسية، عدا ما تبقّى في أيدي الخُلفاء من العراق، وبعض مناطق فارس، والأهواز ، إلّا أنَّه في فترة (256-295هـ)، والتي سُميَّت بـ"صحوة الخلافة"، استعادت الدَّولة بعض سُلطتها، وقوَّتها في عهد الخلفاء: المُعتمِد، والمُعتضِد، والمُكتفي. وفيما يأتي ذِكرٌ لخُلفاء العصر العبَّاسي الثاني، وفترة حُكم كلٍّ منهم:
- أبو الفضل جعفر المُتوكِّل: 232-247هـ
- أبو جعفر مُحمَّد المُنتصر: 247-248هـ
- أبو العبّاس أحمد المُستعين: 248-252هـ
- أبو عبد الله مُحمَّد المُعتز: 252-255هـ
- أبو إسحاق مُحمَّد المُهتدي: 255-256هـ
- أحمد المُعتمد: 256-279هـ
- أبو العباس أحمد المُعتضد: 279-289هـ
- أبو مُحمَّد المُكتفي: 289-295هـ
- أبو الفضل جعفر المُقتدر: 295-320هـ
- أبو منصور مُحمَّد القاهر: 320-322هـ
- أبو العبّاس أحمد الراضي: 322-329هـ
- أبو إسحاق جعفر المُتَّقي: 329-333هـ
- أبو القاسم عبد الله المُستكفي: 333-334هـ
العصر العبَّاسي الثالث (334-447هـ/ 946-1055م)
بدأ العصر العبَّاسي الثالث خلال خلافة المُستكفي، وانتهى خلال خلافة القائم، وقد تميَّز هذا العصر بالنفوذ البويهيّ الشيعيّ في العراق ، والذي أفقد الخليفة سُلطته، ونفوذه؛ حيث لم يكُن له حقُّ التصرُّف في أمور الخلافة دون موافقتهم، إلّا أنّه من الجدير بالذكر أنَّه قد تمّ الإبقاء على منصب الخليفة؛ لخدمة أهدافهم، وفيما يأتي ذِكرٌ لخُلفاء العصر العبَّاسيّ الثالث، وفترة حُكم كلّ منهم:
- أبو القاسم عبد الله المُستكفي: 333-334هـ
- أبو القاسم الفضل المُطيع: 334-363هـ
- أبو بكر عبد الكريم الطَّائع: 363-381هـ
- أبو العبّاس أحمد القادر: 381-422هـ
- أبو جعفر عبد الله القائم: 422-467هـ
العصر العبَّاسي الرابع (447-656هـ/ 1055-1258م)
بدأ العصر العبَّاسي الرابع خلال خلافة القائم، وانتهى بوفاة المُستعصِم، وقد تميَّز هذا العصر بانتقال النفوذ، والسُّلطان إلى السلاجقة الأتراك؛ حيث كان السلاجقة أفضل من البويهيّين في إجلالهم للخُلفاء العبَّاسيين؛ باعتبارهم من أهل السُّنة، ومن الجدير بالذكر أنَّ حال الخلافة قد تغيَّر في هذا العصر؛ حيث بدؤوا باستعادة نفوذهم، ثمّ استقلُّوا بحُكم بغداد، ثمّ العراق، وظلُّوا مُدَّة ستّة وستّين عامًا لم يقعوا فيها تحت أيّ نفوذ، إلى أن بدأ المغول حركاتهم التدميريّة؛ حيث وصلوا إلى بغداد ، وأسقطوا الخلافة العباسيّة، وفيما يأتي ذِكرٌ لخُلفاء العصر العبَّاسي الرابع، وفترة حُكم كلّ منهم:
- أبو جعفر عبد الله القائم: 422-467هـ
- أبو القاسم مُحمَّد المُقتدي: 467-487هـ
- أبو العبّاس أحمد المُستظهِر: 487-512هـ
- أبو منصور الفضل المُسترشِد: 512-529هـ
- أبو جعفر منصور الراشد: 529-530هـ
- أبو عبد الله مُحمَّد المُقتفي: 530-555هـ
- أبو المُظفَّر يوسف المُستنجِد: 555-566هـ
- أبو مُحمَّد الحسن المُستضيء: 566-575هـ
- أبو العبّاس أحمد الناصر: 575-622هـ
- أبو نصر مُحمَّد الظاهر: 622-623هـ
- أبو جعفر منصور المُستنصِر: 623-640هـ
- أبو أحمد عبد الله المُستعصِم: 640-656هـ
سُقوط الخلافة العبَّاسية
أسباب ضعف الدَّولة العبَّاسية
هناك عدَّة أسباب أدَّت إلى ضَعف الدَّولة العبَّاسية، ومنها:
- اعتماد الخلافة العبَّاسية على فِرق أجنبيّة في خدمة الخلافة؛ حيث تمادت هذه الفِرق، وأصبحت تتحكَّم بقرارات الخليفة، وشؤون الخلافة، مثل: الفُرس، والتُّرك، والسلاجقة، والبويهيّين.
- إصابة الجبهة الداخليّة لبغداد بالفتنة الطائفيّة، والنزاع المُستمِرّ بين السُّنة، والشيعة.
- ظهور الملاحدة، والزنادقة ، كالخرميّة، وطوائف المُتكلِّمين، والمُعتزِلة، فانقسم المسلمون إلى طوائف، وشِيَع حاولت القضاء على الدَّولة.
- اتّساع مساحة الدولة العبَّاسية؛ بسبب انقسامها إلى دُويلات صغيرة مُستقِلّة، أو مُنفصِلة عن الخلافة، ممَّا أدَّى إلى استبداد حُكَّام الولايات بخيراتها، وامتناعهم عن تقديم الجباية للخلافة، وبذلك فقدت الخلافة العبَّاسية نفوذها، ممَّا أثار طَمَع الدُّول المسيحيّة، والمغول في مُمتلكات الدَّولة، وخيراتها.
- إنهاك خزينة الدولة، واستنزاف طاقات الأُمَّة؛ بسبب الحروب المُستمِرَّة مع الدُّول المسيحيّة المُعتدية على حدود الدَّولة العبَّاسية.
- تضارُب السُّلطات في الدَّولة العبَّاسية، وضَعف التنظيم الإداريّ فيها؛ حيث اعتمدت الخلافة على النظام المركزيّ الذي كان يُعيق الخليفة عن إدارة البُقعة الفسيحة التابعة للدَّولة.
- ضعف همَّة الخليفة العبَّاسي الأخير (المُستعصِم)، وعدم صلاحيّته لتحمُّل المسؤوليّة؛ فقد كان مُتردِّداً، وغير مُدرِك لعواقب الأمور، كما أنّه كان يلهو بالمَلذَّات، والطرب، واللعب بالحيوانات، كما انشغل أبناؤه بالمَلذَّات أيضاً؛ فأهملوا أمور الدَّولة، وشؤونها.
سقوط بغداد
أدَّت عوامل سياسيّة، ومذهبيّة مُختلفة إلى حدوث اضطراب في سُلطة الخلافة في الدولة العبَّاسية، كالخلافات المذهبيّة بين السُّنة، والشيعة، والتي انتقلت إلى عامَّة الناس في بغداد، بالإضافة إلى ما كان يهدف إليه هولاكو بالاستيلاء على بغداد -عاصمة الخلافة العبَّاسية-، إلّأ أنّ الخليفة المُستعصِم رفض ذلك، وقرَّر المُقاومة بالرَّغم من ضعف موقفه، ورفض كذلك تهديدات، وأوامر هولاكو بهدم الحصون، وردم الخنادق، وتسليم البلاد لابنه، كما رفض مُقابلة هولاكو ، وإرسال الوزير سُليمان شاه والدوادار إليه؛ ظنّاً منه أنَّه برفضه لأوامر هولاكو سوف يثنيه عن عزمه، إلّا أنّ أمله خاب بمُساندة الأُمراء المسلمين له، ومن ضمنهم الأيوبيّون، والمماليك؛ لانشغالهم بمشاكلهم، وكذلك الأتابكة، والفرس ، والترك؛ لخوفهم من المغول، فاستمرّ هولاكو بالتوعُّد للخليفة العبَّاسي المُستعصِم بالله، وطلب منه الدُّخول في طاعته، وتسليم بغداد، إلّا أنَّ الخليفة رفض ذلك.
إنَّ هذا التفكُّك في العالم الإسلاميّ، والموقف الذي وقفه الخليفة المُستعصِم دون سَند، دفع هولاكو إلى الزَّحف باتّجاه بغداد، فحاصرها عام 656هـ، ثمّ سلَّم الخليفة المُستعصِم نفسه، وعاصمته للمغول بعد أن وعده هولاكو بالأمان، وبعد وقوعه ضحيّة مُؤامرة اشترك فيها ابن العلقميّ -وزير المُستعصِم-، دخل الجيش المغوليّ إلى بغداد، واستباحها أربعين يومًا، وعاث فيها فساداً؛ حيث هدم المساجد، وأتلف الكُتب، وقتل رجال العِلم، وأئمَّة المساجد، وطُلّاب العلم، فخَوَت المدينة، وتكدَّست الجُثث فيها، وانتشرت الأوبئة، وانتهت هذه الأحداث بمقتل الخليفة المُستعصِم رَفْساً بالأقدام، وسقوط بغداد في أيدي المغول ، ونهاية دولة الخلافة العبَّاسية.