كم عدد آيات سورة الفاتحة
عدد آيات سورة الفاتحة
أجمعَ العُلماءُ على أنّ آيات سورة الفاتحة هي سبع آياتٍ فقط، وذلك استناداً إلى قول الله -تعالى-: (وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ)، وإن كان الإجماعُ قد انعقدَ على عدد آياتِ السّورة، إلّا أنّ العلماء تعدّدت آراؤهم في مواضِع الفصلِ بينَ الآيات، ونبيّنُ تفصيلَ ذلكَ على النّحو الآتي:
- الفريقُ الأول: يتّفقونَ على أنّ عدد آيات سورة الفاتحة هو سبعُ آياتٍ مع البسملة، حيثُ تكونُ البسملةُ آيةً منها، فتبدأ بـِ: (بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ)، وهو ما قرأَ عليه جمهورُ قُرّاءِ الكوفة ومكة، ومن الفقهاءِ الذين تبنّوا هذا الرأيِ: الإمامُ الشافعي -رحمه الله-، إذ تكونُ القراءةُ عنده على النحو الآتي:
- الآيةُ الأولى: (بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ).
- الآيةُ الثانية: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- الآيةُ الثالثة: (الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ).
- الآيةُ الرّابعة: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
- الآيةُ الخامسة: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
- الآيةُ السادسة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
- الآيةُ السابعة: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
- الفريقُ الثاني: يتفقونَ على أنّ عدد آيات سورة الفاتحة هو سبعُ آياتٍ دونَ البسملة ، إذ تبدأ السورة بآية الحمد: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،، وهو ما قرأ عليه كثيرٌ من قُراءِ الكوفة ومكة، ومن الفقهاءِ الذينَ تبنّوا هذا الرأي: الإمامُ مالك والإمام أبو حنيفة -رحمهم الله-، إذ تكونُ القراءة على الشّكل الآتي:
- الآيةُ الأولى: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- الآيةُ الثانية: (الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ).
- الآيةُ الثالثة: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
- الآيةُ الرّابعة: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
- الآيةُ الخامسة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
- الآيةُ السادسة: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ).
- الآيةُ السابعة: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
أسباب الاختلاف في عدد آيات سورة الفاتحة
يرجعُ الاختلافُ في عدد آياتِ سورةِ الفاتحةِ ابتداءً إلى الاختلافِ في اعتبارِ البسملة آية منها أم لا كما بينّا فيما تقدّم، والبسملةُ هي ابتداءُ السّورة القرآنية بقول: بسم الله الرحمنِ الرحيم ، وفيها ثلاثةُ آراءٍ بين العلماء، نبيّنها فيما يأتي:
- الرأي الأول: رأي الإمام الشافعي: البسملةُ تُعدّ آيةً من سورة الفاتحة ومن غيرها من السّور.
- الرأي الثاني: رأي الإمامُ مالك: لا تُعدُّ البسملة آيةً من سورةِ الفاتحة ولا من غيرها من السّور.
- الرأي الثالث: رأي الإمامُ أبو حنفية: تُعدُّ البسملة عنده آيةً مستقلّةً جاءت في القرآنِ للفصلِ بينَ السّور.
والاختلاف في عدد آياتِ القرآن الكريمِ هو اختلافٌ صوريٌّ، إذ إن زيادة العدد أو نقصانه لا يعني زيادةً في آياتِ القرآنِ أو نُقصانها، كما أنّه ليسَ اختلافاً في ترتيبها، إنّما كانَ سببُ الخلاف هو وقوفُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رؤوس الآيات، فمن الكتّاب من اعتبرَ وقوفه عليها آية، ومنهم من اعتبرها فاصلةً والآية مُستكملة، كما أنّ من العلماءِ من يرى اعتبارَ البسملةِ آيةً من كل سورِ القرآنِ الكريمِ، فيزيدُ بذلكَ عدد آياتِ القرآنِ الكريم عندهم بمقدارِ عدد سُوَرِه.
أحكام متعلّقة بسورة الفاتحة في الصلاة
قراءة البسملة في ركعات الصّلاة
اختلفَ الفقهاءُ في جوازِ قراءةِ البسملةِ في الصّلاة، ونبيّنُ آراءهم في المسألةِ فيما يأتي:
- الرأي الأول: رأيُ المالكيّة : لا يجوزُ قراءةُ البسملة في صلوات الفرائض عندهم، ويجيزونَ قراءتها في السّننِ والنّوافل فقط، وهذا رأيهم في البسملةَ سواء أكانَ المُصلّي يُصلّي مُنفرداً أو إماماً.
- الرأي الثاني: رأي الحنفيّة: يجوزُ قراءة البسملة في الصّلوات للفاتحةِ أو غيرها من السّور، دونَ التّفريقَ بين الفرائضِ والنّوافل ، أمّا لو كانَ إماماً فيقرؤها للفاتحة ولا يقرؤها للسّور الأخرى بعدَ الفاتحة.
- الرأي الثالث: رأي الشافعيّة: يجبُ قراءة البسملةَ في الصّلاةِ، للفاتحة أو لغيرها، ودونَ تفريقٍ بينَ الفرائضِ والنّوافِل، سواءً أصلّى مُنفرداً أو إماماً في جماعة.
- الرأي الرابع: رأي الحنابلة: يجوز قراءة البسملة في الصّلاة.
الجهر أو الإسرار بالبسملة قبل الفاتحة
ينبني على ما تقدّم من خلافِ العلماء في حكم قراءةِ البسملة في الصّلاة؛ خلافهم كذلكَ في قراءتها سراً أم جهراً، ونُفصّلُ آرائهم فيما يأتي:
- الرأي الأول: رأيُ المالكية: يُسنُّ عندهم قراءةُ البسملةِ في الصّلاةِ سِرّاً، ويُكرهُ عندهم الجهرُ بها لسورةِ الفاتحةِ أو لغيرها.
- الرأي الثاني: رأيُ الحنفية والحنابلة واختيارُ ابن تيمية : يُسنُّ عندهم قراءة البسملةِ في الصّلاة سِراً لا جهراً، ومن أدلتهم ما جاءَ في صحيحِ مسلم عن الصحابيّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم})، كما يستدلّونَ كذلك بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إذ قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بالتَّكْبِيرِ، والْقِرَاءَةِ، بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}).
- الرأي الثالث: رايُ الشافعية: يُسنُّ عندهم قراءةُ البسملةِ في الصّلاةِ جهراً لا سِرّاً، ويستدلّون على ذلكَ بعدّة أحاديث كلّها ضعيفة، ومنها ما رواه الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- إذ قال: (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتَحُ صلاتَه ب بسم الله الرحمن الرحيم)، وهو حديثٌ ضعيفٌ، ولكن لا يُنكَرُ أنّهم يحتجّونَ بحديثٍ غير صريحٍ في المسألة ولكنّه صحيحٍ، إذ سُئِلَ الصحابي أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن كيفيّةِ قِرَاءَة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- في الصّلاةِ، فقال: (كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] يَمُدُّ ببِسْمِ اللَّهِ، ويَمُدُّ بالرَّحْمَنِ، ويَمُدُّ بالرَّحِيمِ).